الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

إرشادات لفتاة تعاني قسوة الأب

السؤال

أنا واحدة ككل الناس، لكن ربنا وهبنا أبا قاسياً، ولا يعرف معنى الرحمة، وأنا تعبانة جداً في حياتي، وخاصة من بعد ما تركت الجامعة، وهذا ليس باختيار مني، لكن كان غصباً عني، وأبي هذا كان طول عمره قاسياً لدرجة أن أختي تركت له البيت، وأنا الآن أفكر أن أترك البيت، لكن لا أعرف هل يا ترى ممكن ربنا يسامحني في يوم من الأيام؟!

علماً أني لن أغضب ربنا، لكن أنا أذهب لأعيش، أنا حاسة أني في البيت مدفونة، هذا غير حالة الاكتئاب الحاد التي أنا حاسة بها، وأحس أني إذا ما تركت البيت فممكن أن أميت نفسي وأموت كافرة! أنت ما تتصور إلى أي قدر أنا تعبانة، وأتمنى أن أستريح وأحس بالأمان، أنا تعبانة تعبانة جداً وغير لاقية حلاً لمشاكلي.

أنا تعبانة وأتمنى أن أموت وأستريح، أنا ليس مهماً عندي أن أتزوج في يوم من الأيام أو لا، أهم شيء الآن أن ألاقي الراحة التي هي في أي مكان بعيد عن أبي، ساعدوني قبل أن أضيع أكثر وأكثر، أنا حاسة أني ميتة في صورة الأحياء.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الابنة الفاضلة/ ديانا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فنسأل الله أن يقدر لك الخير ويسدد خطاك، ويلهمنا جميعاً رشدنا ويعيذنا من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا!

فلاشك أن الإنسان يؤجر على صبره وإحسانه لوالديه، وعندما يتذكر الإنسان لذة الثواب فسوف ينسى ما يجد من آلام، والمسلم يقابل الإساءة بالإحسان، فكيف إذا كان ذلك مع والده الذي هو سبب وجوده بعد الله؟!

ورغم أنه لم يتضح من خلال السؤال الأسباب التي لأجلها يقسو هذا الوالد، ولم يتبين لي كذلك دور الأم، ولا أين هي، وما هو رأيها في الذي يحدث؛ إلا أنني أدعوك إلى تغيير أسلوب تعاملكم مع هذا الوالد، وعليكم باللجوء إلى الله فإنه يجيب المضطر إذا دعاه، وأذكرك بأن دوافع هذه التصرفات قد تكون خيرة رغم قسوة الأسلوب والأخطاء في التعامل، فالتمسوا له العذر.

ومهما كانت الأسباب فالصواب أن تكوني في صحبة هذا الوالد، وأرجو أن تجدي من الأهل والأرحام من يتفهم هذا الوضع، ويساعدكم على تجاوز هذه الصعوبات، ولا أظن أن الهروب من البيت حل مقبول، ولابد أن نعرف أن كثيراً من البيوت فيها مشاكل لكنها حبيسة الجدران، وإذا علم الإنسان بمصائب غيره هانت عليه مشاكله، وكان ذلك أحسن عزاء وخير معين على الصبر.

وأرجو أن تحاولي تذكر الجوانب الإيجابية عن هذا الوالد، فقد يكون الأب قاسياً لكنه مصلٍ وينفق على أهله بصورة طيبة إلى غير ذلك من المحاسن، والمنصف هو الذي يضع المحاسن إلى جوار السلبيات ثم يصدر حكمه، ولا شك أن كل إنسان عنده سلبيات وفيه إيجابيات، فمن الذي ما ساء قط؟ ومن الذي له الحسنى فقط؟ وكفى بالمرء نبلاً أن تعد معايبه.

وشكراً على رغبتك وحرصك على رضا الله، علماً بأن رضا الوالدين طريق موصل إلى رضوان الله وسعادة الدنيا والآخرة.

والله ولي التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً