الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التعامل مع صديق كان ملتزماً ثم انحرف

السؤال

السلام عليكم

لي صديق كان يحفظ من كتاب الله نحو 25 جزءاً، وكان يعمل كداعية في أحد المساجد (يعطي دروساً دينية لطلاب المسجد) دون أن يأخذ أجراً على ذلك إلا من الله تعالى، وكان من الشباب الذين يقتدى بهم حتى من الكبار، لم أر في حياتي مثل أخلاقه إلا القليل، وعندما دخل الجامعة كان من أكثر الشباب نشاطاً في أمور الدعوة إلى الله.

انتقل إلى جامعة أخرى وبقي على هذا الدرب إلى أن أنهى السنة الثانية تقريباً، في ذلك الوقت أخذت الفتيات تتجمع حوله، والذي ساعد على ذلك أن حالته المادية ممتازة؛ فبدأ يضعف ويضعف لما كان يراه من أمور لم يرها من قبل، وبدأ يعجبه الأمر إلى أن استحكمت إحدى الفتيات على عواطفه، ووقع المحظور.

المصيبة أنه لا يرغب الآن بالعودة إلى ما كان عليه، ويحاول تجنبنا وعدم التحدث معنا! فماذا أفعل؟ جزاكم الله الخير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

إنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك في موقعك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله جل وعلا أن يصلح من حال صاحبك، وأن يمن عليه بالعودة إلى صراطه المستقيم، وأن يجعلك وإياه من الصالحين.

بخصوص ما ورد برسالتك، فالذي حدث لصاحبك أمرٌ محزن حقاً، ويستحق مثل هذا الاهتمام بل وأكثر من ذلك؛ لأن هذا التحول من الطاعة إلى المعصية، ومن الهمة العالية إلى الفتور والخمول، ومن الدعوة إلى الله وهداية الناس إلى الإقبال على الفتن، والافتتان بمظاهر الرياء الكاذبة، كل هذه المظاهر يُخشى على صاحبها أن يموت عليها ويختم له بسوء خاتمة والعياذ بالله، ومن هنا نجد أن من أكثر دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اللهم يا مقلب القلوب! ثبت قلبي على دينك)، حقاً إنها دعوةٌ جامعةٌ لكل خير، تقلب القلوب، وتحولها من الطاعة والأنس بالله إلى المعصية، والبعد عنه جل جلاله.

من أخطر العقوبات التي يعاقب بها العبد في الدنيا عياذاً بالله، ولقد ضرب لنا الله جل جلاله مثلاً لذلك بشخصية كانت من أعلم زمانها، وكيف تحولت إلى صورة صغيرة وضعيفة، وهذا ما نص عليه عليه قوله تعالى: (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ) [الأعراف: 175].

نسأله تعالى الثبات على الدين والهداية الدائمة إلى صراطه المستقيم، لذا أنصحك بضرورة اصطحاب بعض الدعاء المتميزين ممن يعرفهم صاحبك أو لا يعرفهم، وتتوجهون لزيارته، وتعرفون سبب هذا التحول، وتساعدونه في الخروج من هذا المنعطف الخطير الذي تردى فيه، واجعلوا هذا الزيارات متكررة بدون توقف حتى توفروا له البيئة الصالحة التي ربما فقدها، حاولوا وأكثروا من التواجد معه واستمرار تذكيره، ومحاولة جره لإلقاء بعض الدروس، والمشاركة في الأنشطة الدعوية كسابق عهده، وفوق ذلك استخدام أخطر وأهم سلاح وهو الدعاء.

إنه لا يرد القضاء إلا الدعاء، وأنه ينفع مما نزل ومما لم ينزل، فاجتهدوا له في الدعاء بظهر الغيب، واهتموا به، ولا يغلبكم الشيطان عليه ولا تتركوه حتى يتوب ويعود إلى رشده، وحاولوا من تكثير الصالحين حوله، وذكروه بما كان عليه من الفضل والخير، لعل وعسى أن يرده الله إليه مرداً جميلاً .

مع تمنياتنا لكم بالتوفيق والهداية والرشاد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً