الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الخوف من الأمراض وتأثيراته النفسية والعضوية

السؤال

الأستاذ الدكتور المحترم.
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته.
سؤالي: هل الشفاء من المرض النفسي ناجح دائماً أو غالباً؟
أنا عمري 38 سنة، وأعمل مهندساً، أعاني منذ سنتين تقريباً معاناة لن أسميها إلا بحالات عجيبة، فتحصل لي ( أوجاع في المفاصل، وغثيان، وعدم التركيز، والخوف من المرض - أي مرض - وأنا أظن أنني مصاب بمرض وهم لا يقولون لي الحقيقية، أنا بطبعي حساس جداً وأحب كل شيء على أصوله، والدنيا أظنها غابة، وقد مررت بظروف منذ طفولتي وهي تتكدس مع بعضها حتى حصل ما أشعر به).

منذ 4 سنوات تعالجت لمدة 3 أشهر بزولوفت ثم توقفت عنه عندما شعرت بتحسن، ثم عادت النخزات المتنقلة وكأن كهرباء تمشي في، خاصة في أطرافي السفلية والعلوية، وعادت أوجاع جديدة وذهبت لعدة أطباء، وأجريت الكثير من التحاليل التي طلبوها، وآخر الأطباء كان طبيب أخصائي داخلية عصبية، وقال أن ما أشعر به طبيعي قياساً لما وصفه حالة اكتئاب، أو قلق أو وسواس قهري أو لا أدري بالتحديد.
المهم أنه وصف لي فافيرين عيار 50 أستعملته 3 أشهر، وبعدها قلت له في زيارة رابعة أنني غير مرتاح والحالات مازالت تأتيني، فغير الدواء إلى زولوفت عيار 50 وصار لي 3 أشهر أخرى، وأنا ما زلت أشعر بتعب شديد، وآلام مفصلية، وخمول، وأحياناً غثيان، ويأس عندما تعاودني الآلام والتعب، ولاحظت أن رغبتي الجنسية انخفضت بشكل كبير، فأنا لست طبيعياً.

أرجوك هل يمكن أن تساعدني، ماذا أفعل؟
جزاك الله كل الخير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخ الفاضل/ هاشم حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فبالنسبة للشفاء من المرض النفسي هل هو ناجح دائماً أو غالباً؟

أرجو أن أؤكد لك أنه وبفضل من الله تعالى قد حدث الكثير من التطور فيما يخص الصحة النفسية والطب النفسي، وبالتأكيد الأمر يعتمد على التشخيص وعلى نوعه وعلى شدته وعلى حدته، وعلى شخصية الإنسان وعلى سبل العلاج المتوفرة، ولكن بصفة عامة أصبح الآن العلاج النفسي من العلاجات الناجحة جدّاً والممتازة جدّاً؛ خاصة بالنسبة للمريض المتعاون والملتزم بعلاجه.

هنالك قلة قليلة من الأمراض النفسية، خاصة الأمراض العقلية، لا زال المريض يعاني منها ويصعب الشفاء أو مساعدته فيها، ولكن هذه أمراض قليلة جدّاً، وحتى هذه الأمراض القليلة هنالك الآن الكثير من الأبحاث المبشرة بإذن الله تعالى.

أما بالنسبة لك يا أخي، فأنت بالطبع مصاب بما يعرف بحالات النفسوجسدية، بمعنى أن الحالة هي نفسية الأصل ولكن تظهر لك بعض الأعراض الجسدية، ومن الواضح أن شخصيتك تحمل بعض صفات الحساسية وكذلك الوسواسية، وقد وصفتها بأنك تحب كل شيء على أصوله، وهذا بالطبع من السمات الوسواسية التي ربما تحدث لبعض الناس، ولا نقول أنها صفة ذميمة ولكن ربما تتعب صاحبها بعض الشيء.

الذي أرجو أن أؤكده لك يا أخي في علاج حالتك هذه، وكما ذكرت لك هي حالة نفسوجسدية ظهرت في شكل أعراض جسدية كثيرة، وهنالك بالطبع أعراض نفسية منها الإحباط والاكتئاب.

وبصفة عامة يرى الكثير من علماء النفس والصحة النفسية أن هذه الحالات هي في الأصل نوع من الاكتئاب المطبق الداخلي أو الاكتئاب المقنّع، ولذا يستفيد المرضى كثيراً من الأدوية المضادة للاكتئاب، وأنت بنفسك قد شعرت ببعض التحسن حين تناولت الزولفت والفافرين، والزولفت في الأصل -كما تعرف- هو علاج مضاد للاكتئاب والوساوس والمخاوف.

أرجو يا أخي أولاً أن تكون لديك إرادة التحسن وإرادة الإصرار، هذا أمر مهم جدّاً.

ثانياً: عليك ألا تتنقل كثيراً بين الأطباء، ولا تكثر من الفحوصات، فالتردد الكثير على الأطباء يجعل الإنسان يتوهم، ويجعله أكثر انشغالاً بمرضه؛ خاصة أن كل طبيب ربما يعطيك تفسيرا مختلفا عن الطبيب الآخر، وأنت الحمد لله قد قمت بإجراء الفحوصات العامة وقد تأكد لك أنك الحمد لله لا تعاني من مرض عضوي.

ثالثاً: يا أخي لقد اتضح أن الرياضة تمثل علاجاً أساسياً في الحالات النفسوجسدية؛ خاصة المصحوبة بالتعب والشعور بالإجهاد دون سبب، فأرجو أن تبدأ بالرياضة المتدرجة، بمعنى أن تبدأ بممارسة تمارين بسيطة ثم ترفع المعدل بالتدرج، ويعتبر المشي والجري من أفضل هذه الرياضات، أرجو أن تكون ملتزماً بهذا البرنامج.

رابعاً: عليك بأن تنظم وقتك، وأن تأخذ الراحة الكاملة، وأن تكثر من التواصل الاجتماعي، فهو إن شاء الله أيضاً يزيل من الإحباط ويقلل من هذه المشاكل المرضية.

خامساً: عليك بالعلاج الدوائي، والأدوية المضادة للاكتئاب وللقلق تعتبر أدوية ممتازة، أرى أن العلاج الذي يعرف باسم إيفكسر هو الدواء الأمثل بالنسبة لحالتك، جرعة البداية لهذا الدواء هي 37.5 مليجرام، أرجو أن تتناولها لمدة أسبوعين، ثم أرجو أن ترفع الجرعة بعد ذلك إلى 75 مليجرام وتستمر عليها لمدة شهر، ثم ترفع الجرعة إلى 150 مليجرام يومياً وتستمر عليها لمدة ستة أشهر، ثم تبدأ بتخفيض الدواء بعد ذلك بمعدل 37.5 مليجرام كل شهر حتى تتوقف عنه تماماً.

الإيفكسر من أفضل الأدوية لعلاج مثل هذه الحالات، ولكنه يتطلب التدرج في البداية، ويتطلب الالتزام في تناول الجرعة الكاملة، ثم بعد ذلك يجب أيضاً أن يسحب الدواء أو يوقف بالتدرج أيضاً، وذلك قد أوضحته لك فأرجو أن تلتزم به.

وأنا على ثقة كاملة بأنك إذا قمت بتنفيذ التعليمات أو الإرشادات النفسية السابقة وتناولت هذا الدواء سوف تجد إن شاء الله أن حياتك قد تغيرت تماماً وقد اختفت آلام المفاصل والأعراض الجسدية الأخرى، كما أن الاكتئاب والوساوس والقلق والتوتر قد اختفت بإذن الله تعالى.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً