الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

شك وظنون وتصور أمور غير موجودة.. التشخيص والعلاج

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا شاب أبلغ من العمر 30 سنة، موظف منذ أكثر من سنتين، أعاني من كثرة الظن والشك في علاقاتي مع الناس؛ حيث أتصور أموراً غير موجودة ولم تحدث، وقد آخذ كلام وتصرفات الناس في معنى آخر سلبي، وأحقد حقدا شديداً وأجلس طول النهار أفكر في كلام فلان من الناس أو تصرف فلان من الناس، وأرغب بمقاطعته وعدم القرب من أي شيء، سواء كان مالا أو أي شيء آخر كان سبباً في مساعدتي في الحصول عليه، وقد أثّر ذلك كثيراً على علاقاتي مع الناس، وأصبحت نحيفا جداً - 53 كج - مع إسهال وثقل في التنفس وتساقط في الشعر، وعدم الرغبة بعمل أي شيء، فهل يوجد علاج لحالتي؟

وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عمر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن حالتك هي من الحالات المتعلقة بالبناء النفسي للشخصية؛ حيث إنه توجد عدة أنواع ومحاور للشخصية، وما سردته في رسالتك من صفات ومؤشرات لشخصيتك نستطيع أن نقول أنه لديك الشخصية البارونية أو الشخصية الظنانية، وهذا النوع من الشخصيات موجود ومنتشر، وإن شاء الله يمكن علاج الحالة عن طريق الأدوية، وكذلك يجب أن تبذل جهداً كبيراً في تقييم ذاتك، وتصل لقناعة قوية أن إحسان الظن بالناس هو المبدأ الإسلامي الرفيع الذي متى ما التزمنا به يساعدنا كثيراً، ويجعل نفوسنا أكثر عطاءً وبُعداً عن الحسد وتقبل الآخر إن شاء الله.

إذن: الأمر يتطلب منك مجاهدة، يتطلب منك أن تقوم أيضاً بأعمال خيرية وطيبة حيال الآخرين، حين تقوم بخدمة الآخرين ومساعدتهم متى ما وجدت إلى ذلك سبيلاً؛ أعتقد أن ذلك سوف يتغلب تدريجياً على مشاعر الحقد ومشاعر سوء الظن وسوء التأويل.

وهناك دراسة أشارت أن الانخراط في الأعمال الخيرية والأنشطة الاجتماعية التي تقوم على البر والإحسان، وُجد أنها تروض نفس الإنسان وتنقيها من الحقد ومن الظن ومن الحسد، وما شابه ذلك، فأنا حقيقة أدعوك دعوة لأن تقوم بهذا، وكما ذكرت لك الأمر مثبت ويقوم على شواهد ودراسة.

الجانب الآخر في العلاج هو العلاج الدوائي، وبما أنك فقدت الكثير من الوزن ووجود هذا الإسهال هو في نظري دليل على أنه لديك اضطراب في القولون أو ما يسمى بالقولون العصبي، ولا شك أن سمات شخصيتك الظنانية البارونية جعلتك أيضاً تصاب بشيء من عسر المزاج، ولذا أخي الكريم سوف نعطيك أدوية تساعدك في الجانبين، أي في تحسين المزاج وكذلك القضاء على الظن بإذن الله.

الدواء الأول الذي أريدك أن تبدأ به يعرف تجارياً باسم (رزبريدال RISPORIDAL) أو ما يسمى علمياً باسم (رزبريادون RISPERIDONE)، جرعة البداية هي أن تبدأ بواحد مليجرام ليلاً، واستمر على هذه الجرعة لمدة أسبوعين، ثم ترفع الجرعة إلى اثنين مليجرام ليلاً، وتستمر عليها لمدة ستة أشهر، ثم إلى واحد مليجرام ليلاً وتستمر عليها لمدة ستة أشهر أخرى، ثم تتوقف عن تناول الدواء، هذا الدواء من الأدوية الفاعلة لعلاج الظنان أيّاً كان نوعه، والجرعة التي وصفناها لك هي جرعة بسيطة جدّاً، لا تصل إلى الجرعة التي نصفها في الأمراض الذهانية لأن حالتك لا تعتبر حالة ذهانية إن شاء الله.

بجانب الرزبريادون هناك دواء يعرف تجارياً باسم (بروزاك PROZAC) ويعرف علمياً باسم (فلوكستين FLUOXETINE) أريدك أن تتناوله أيضاً بجرعة كبسولة واحدة، وقوة الكبسولة هي عشرون مليجراماً، استمر عليها لمدة ستة أشهر، ثم توقف عن تناول الدواء.

وهذه الأدوية سوف تساعدك كثيراً، وسوف تجد في نفسك سكينة واسترخاء، بعد ذلك ابدأ وابذل جهدك في أن تحسن تواصلك مع الآخرين، وأن تحسن الظن، وأن تنخرط في عمل تطوعي كما ذكرت لك، وعليك بالدعاء بأن تسأل الله تعالى أن يرفع عنك هذا، وعليك بتلاوة القرآن والذكر، والمحافظة على الصلاة في وقتها.
وختاماً: نشكرك على تواصلك مع إسلام ويب.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً