الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مدى فاعلية الزيروكسات في علاج التوتر من الاجتماعات الكبيرة

السؤال

السلام عليكم

أنا فتاة عمري 23 سنة، أعاني من الرهاب منذ خمس سنوات تقريباً، وقد ذهبت لطبيب فقال أن حالتي متوسطة تقريباً، وطلب أن آخذ دواء سيروكسات 20 ملج نصف حبة لمدة 4 أيام، ثم حبة لمدة شهر، وإذا لم ينفع أزيد حبة ونصف 4 أيام، ثم حبتين على طول ثم أراجعه.

وأخاف من بعض الآثار الجانبية، خصوصاً أني مقبلة على الزواج، فهل تنصحني أن أبدأ بالعلاج؟ وماذا لو تزوجت بعد البدء بالعلاج بعدة أشهر؛ حيث أني أعرف أن مدة العلاج على الأقل تسعة أشهر أو سنة .. فهل أوقفه أم أستمر؟ وهل وزني يرجع للطبيعي بعد ترك العلاج؟ وهل النظام الغذائي المنظم والرياضة تقلل من احتمالية السمنة؟ وهل بعد فترة العلاج ستنتهي معاناتي مع الرهاب أم هناك احتمالية للانتكاسة؟ وكم نسبة الشفاء بعد تقدير الله تعالى في توقعك؟!

علماً بأني أحب الاجتماعات عموماً، بالرغم من الهدوء في شخصيتي لكني لا أكره الاجتماعات، وأنا حالياً لست منعزلة كثيراً؛ حيث أني أعمل في قسم المواعيد والرد على المرضى عبر الهاتف، ولا أرهب ذلك، لكني لا أحتك كثيراً مع البنات؛ حيث أتوتر من الاجتماعات الكبيرة، ووجودي مع شخص أو اثنين لا يرهبني.

وشكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Kholoud حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فأعتقد أن حالتك من الحالات البسيطة، ولا أعتقد أنها من الحالات الصعبة أو المعقدة، ويمكن أنها لا ترقى لدرجة الحالات المتوسطة - مع احترامي الشديد لرأي الطبيب - والدليل أنها حالة بسيطة أنك متفاعلة ولله الحمد، وتعملين في قسم المواعيد والرد على المرضى، وأعتقد أن هذه فرصة جيدة بالنسبة لك لتقهري هذا الخوف، وتثقي بنفسك، وتثقي بمقدراتك، فأنت أمامك فرصة طيبة حقيقة لأن تركزي على العلاج السلوكي والذي يقوم على المواجهة في الأصل.

أرجو أن تحبي عملك، وتخلصي في عملك، وأن تساعدي الناس من خلال هذا العمل، كوني صبورة، اشرحي لأصحاب الحاجات، وضحي لهم طريقة المواعيد، وكرري وكرري، هذه طريقة علاجية جيدة، وفي نفس الوقت لك أجر فيما تقومين به.. فإذن الحل إن شاء الله هو من خلال هذه الوظيفة الجيدة التي أكرمك الله تعالى بها.

بالنسبة للعلاج الدوائي أقول لك: إن الزيروكسات دواء جيد، ودواء فعال، وإن شاء الله سوف يعطيك الثقة في نفسك، والإصرار على المواجهة، وهذه هي إحدى مميزات هذه الأدوية، ولكن صراحة الدواء إذا توقف منه الإنسان ولم يطبق العلاج السلوكي حين يتناول الدواء، هذا ربما يؤدي إلى ظهور الانتكاسة.

فأنت استفيدي من الدواء كممهد رئيسي للتحسن من خلال التطبيق السلوكي أيضاً.. وفترة العلاج يمكن أن تكون ما بين ستة إلى تسعة أشهر، والجرعة التي وصفها لك الطبيب صحيحة، وأسأل الله تعالى أن يسهل لك أمر الزواج، وأعتقد أنه بعد الزواج يمكن أن تخففي الجرعة، وإذا حدث حمل قبل أن تكملي مدة العلاج فيمكنك التوقف من الدواء، هذا هو الذي أراه.

بالنسبة لزيادة الوزن فهذا الأمر حوله الكثير من اللغط، والكثير من الخلاف، زيادة الوزن ليس ناتجاً حتمياً بعد تناول هذا الدواء، الذي نود أن نوضحه هو أن بعض الناس لديهم أصلاً الاستعداد لزيادة الوزن، ونعرف أن الوراثة هي من العوامل الرئيسية جدّاً في زيادة الوزن، إذن زيادة الوزن قد تحدث إذا كانت هنالك قابلية واستعداد.

والملاحظ أن زيادة الوزن تكون في الشهور الأولى، الثلاثة أو الأربعة أشهر الأولى، بعدها تتوقف هذه الزيادة، بل قد ينخفض الوزن إذا طبق الإنسان السبل والطرق والوسائل التي تؤدي إلى تخفيف الوزن، وهي معروفة بالطبع: ممارسة الرياضة، التحكم في كمية الطعام، عدم النوم بعد الأكل، هذه كلها وسائل طيبة وجيدة.

فأنا أقول لك: أنتِ منذ الوهلة الأولى كوني حريصة بالنسبة لوزنك، وهذا الدواء يعطي بعض الناس الرغبة والشراهة في تناول الحلويات، فأنت حاولي أن تتحكمي في نفسك إذا حدث مثل هذا الشيء، والأمر هو تحت الإرادة التامة، وإن شاء الله لن تكون هناك مشكلة بالنسبة لك أبداً.

بالنسبة لاحتمالية الانتكاسة، فإن احتمال الانتكاسة موجود بصفة عامة بالنسبة للمخاوف، فأربعون بالمائة من الناس قد تأتيهم انتكاسة، وستون بالمائة قد لا تأتيهم، ولكن الإنسان الذي يقوي ويوطد علاجه، خاصة بتطبيق البرامج السلوكية، وتناول الدواء بالجرعة الصحيحة، لا شك أن هذا يقلص تماماً من فرصة الانتكاسة، وأنا أعتقد أن فرصة الانتكاسة في حالتك ضعيفة إن شاء الله لأنه أولاً لديك عمل جيد يتطلب المواجهة، فإذن التأهيل من خلال هذه الوظيفة سيكون إن شاء الله مانعاً للانتكاسة.

والأمر الآخر: هو أنك مُقدمة على الزواج، أسأل الله أن يهيئ لك الزوج الصالح والحياة المستقرة، ولا شك أن مسئولية الزواج نفسها سوف تساعد في التطوير والنضوج النفسي الذي من خلاله يقل القلق السلبي، ويبدأ القلق الإيجابي.

والخوف والرهاب هو أصلاً نوع من القلق السلبي، أما القلق الإيجابي فهو الذي يؤدي إلى تحسين الدافعية لدى الإنسان، ويساعد في أن يسعى الإنسان دائماً نحو النجاح ونحو التميز، وأمامك بالطبع الاهتمام بزوجك وبيتك، وتنمية وتطوير علاقاتك الاجتماعية، وهذا كله - إن شاء الله - يقلل من فرص الانتكاسة.

ولا أريدك أن تعيشي تحت ما نسميه بالقلق التوقعي، هذا النوع من التهديد النفسي المستمر، أي أن الإنسان تستحوذ عليه أفكار تشاؤمية، (أنا الآن تحسنتُ، ولكن سوف أنتكس، إلى أي مدى وإلى متى سوف يستمر هذا التحسن وهكذا)، هذا النوع من الأفكار الوسواسية السخيفة يجب أن لا تعطيها أي مجال.

الحمد لله أنت حياتك طيبة، وأمامك إن شاء الله أيام سعيدة وطيبة، وهذا الخوف يُهزم بالمواجهة والتفكير الإيجابي، وما ذكرناه لك من إرشاد، وختاماً نشكرك كثيراً على التواصل مع إسلام ويب.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً