الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أتعامل مع زوجي الذي يسيء إلي؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

بيني وبين زوجي وأهله مشاكل كثيرة، رغم أننا نعيش بالخارج؛ حيث إنني أعمل براتب كبير، وطلب مني أن أقرضه، رغم أنه ميسور جداً، وطلب أن أعطي نقوداً لأهله، لكني رفضت؛ لأنه دائماً يهددني بالطلاق.

بعدها قررت أنا وهو أن لا ندخل الأهل بالمشاكل، وأغلب المشاكل كانت بسبب إرسال كل أمواله إلى والده الذي لا يضعها باسم زوجي لكن يضعها باسمه، كذلك تدخل أخته المستمر في حياتي، فإذا أراد أن يشتري شيئاً يسألها قبلي.

المهم أننا اتفقنا على الصلح، لكن بعدها اكتشف أني حامل، ولما علم بالأمر كان فرحاً، وقال بأنه من الصعب أن يقول لأهله؛ لأنهم يعلمون بأننا متفقون على الطلاق، ورفض أن يأتي بالأكل إلى المنزل، رغم أني بالسعودية، وصعب أن أنزل لأشتري الأكل، وجاء إلى المنزل وطلبت منه النزول لشراء الأكل، وكأنه لا يسمعني، ثم بدأ يضربني بدون سبب، وخفت على الحمل فدفعته عني، ثم حلف أنه سوف يطلقني، فهل هذا طلاق؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ إسلام حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فمرحبًا بك -أختنا الكريمة- في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يصلح ما بينك وبين زوجك، وأن يرزقكما السعادة العاجلة والآجلة.

قد أصبتما -أيتها الأخت- أيما إصابة حينما قررتما الصلح بينكما؛ فإن الصلح خير، كما قال الله تعالى في كتابه العزيز، وهو يتحدث عن العلاقة بين الزوجين عند الخلاف: {فلا جناح عليهما أن يُصلحا بينهما صلحًا والصلح خير} أي والصلح خير، وأفضل من التفرق بين الزوجين.

وأصبتما أيضًا -أيتها الأخت- حينما قررتما عدم إشراك الأهل في مشاكلكما الخاصة، وهكذا ينبغي أن تكون حياتكما، فتحاولان حل النزاعات بينكما بطرق ودية فيما بينكما دون الآخرين.

ونحن نستبشر -أيتها الأخت- خيرًا في العلاقة بينك وبين زوجك بعد ظهور الحمل، فإن الحمل ينبغي أن يكون سببًا للألفة، وينبغي أن يفرح زوجك بهذا السبب، وإننا نحمله فرحه أنه لا يريد الفرقة بينكما، وهو مصيب بهذا الفرح، وينبغي أن تشاركيه أنت أيضًا ذلك الفرح.

وما يفعله زوجك مع أهله من إرسال أمواله إليهم فإنه خير ومعروف يقدمه لأهله، وصلة رحم ينبغي لك أن تكوني مساندةً له ومعينةً له على ذلك، وإن قدم لهم شيئًا كثيرًا، فإن العلماء يقولون لا إسراف في الخير، ولا شك ولا ريب أن النفقة على الوالدين والتوسعة عليهما من الخير، بل من أعظم الخير، والزوج إذا شعر بأنك تعينينه على الطاعة وتحاولين إعانته على ما يتودد ويتقرب به إلى والديه، لا شك ولا ريب -أيتها الأخت- أنه سيقدر لك هذه المواقف وسيشعر بالخجل من نفسه، وسيسعى جاهدًا لرد هذا المعروف إليك.

أما ما تكسبينه أنت فهو مالك الخاص بك، ولا يجوز للزوج أن يأخذ شيئًا منه قهرًا منك، لكن نحن ننصحك بأن خير ما تقدمينه من النفقات والصدقات هو ما تعينين به زوجك، فإن النفقة إذا صادفت قريبًا كانت صدقةً وصلةً.

فلا تبخلي على زوجك بما تقدرين عليه من المعاونة والمساندة في النفقات، وإن كان يُنفق على أهله كما تقدم، فإن هذه صدقة لك وسبب لمزيد الحب بينك وبين زوجك.

لا شك ولا ريب -أيتها الأخت- أن وصول العلاقة بينكما إلى حد الضرب مع وجود الحمل في بطنك، لا شك أن هذه الحال إنما هي ثمرة لنزاعات سابقة طويلة، لم يراع كل واحد منكما حق الآخر عليه، فلا أنت راعيت حق الزوج عليك، ولا هو راعى حقك عليه، وينبغي أن تتغير الحال، وينبغي أن تسعيا جميعًا لتبديل هذه الحالة بالتفاهم، فحاولي أن تجلسي مع زوجك في حالة هدوء بحوار هادئ، وحاولي أن توضحي له الصورة، وأن حرصك على المال إنما هو بقصد توفير شيء لمستقبل حياتكما وحياة أبنائكما، وأنك لا تبخلين عنه بشيء، ونحو ذلك الكلام الذي تستميلين به قلبه إليك، ولو بذلت له شيئًا من المال كان هو بحاجة إليه، واحتسبت أجرك عند الله تعالى فإن هذه صدقة لن يفوتك أجرها، وهي من أفضل أبواب البر التي تُنفقين فيه الأموال.

نحن على ثقة -أيتها الأخت- بأنكما إذا حاولتما إزالة الأسباب التي أدت إلى تشنج العلاقة بينكما وترفعتما عن التخاصم من أجل الجانب المادي فقط، وتبادلتما حسن الثقة؛ فإن الحياة ستتغير لا محالة.

أما ما قاله زوجك لك من كلام بأنه سيطلقك فهذا ليس طلاقًا الآن، إنما هو وعد بالطلاق، ونحن نأمل أن لا تصلا إلى هذه المرحلة، فإن البقاء في الحياة الزوجية وإن شابها نوع من كدر خير من الفراق كما أخبر سبحانه وتعالى في كتابه العزيز.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجمعكما على الخير، وأن يؤلف بين قلوبكما، ويرزقكما السعادة، وييسر لكما الخير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً