الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

وسواس قهري بدأ بالطهارة ووصل إلى عقائد الدين

السؤال

عندي وسواس منذ سبع سنوات، بدأ بالصلاة والطهارة وزاد حتى وصل إلى الدين، مثل:

- التفكير في أفكار سيئة تجاه الخالق.

- الشعور برفضها وأحياناً بالرضا بها.

- أفكار سيئة بالصلاة وأحس بالضحك منها.

- الشك بالوقوع بالكفر، بسب أفعال تصدر مني أحياناً بعد التفكير بتلك الأفكار، فمثلا أشعر بأني سأركع لشخص ما.

فأحياناً أجد أني أنحني ثم أسأل نفسي دائماً كيف فعلت ذلك؟!

- الشعور بالاستهزاء بالدين والقرآن.

- الرغبة بالتخلص من المرض.

وعند التقدم بشيء بسيط أحس بالرغبة ببقائه.

- إصرار داخلي على فعل معصية ما.

أتمنى التكرم والرد على الاستشارة، وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أصيلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فنؤكد لك أن كل التفاصيل والمعطيات التي وردت في رسالتك توضح أنك تعانين من وساوس قهرية من النوع الطبي، وأقصد بالنوع الطبي أنه نفسي ناشئ من تغيرات في كيمياء الدماغ، هذه التغيرات تحدث في أماكن معينة في المخ تعرف بمنطقة (نواة كوديت) و(النواة القاعدية) والذي يحدث أن هنالك مادة تعرف بالسيروتونين يحدث فيها شيء من الاضطراب، وهذا يؤدي إلى حدوث هذه الوساوس، وربما تبدأ الفكرة أيضاً بوسوسة من الشيطان، أي أن الشيطان يقحم هذه في عقل الإنسان أولاً ثم بعد ذلك تأتي التغيرات الكيميائية ثم يستمر هذا النوع من الوسواس.

أيتها الفاضلة الكريمة: الوساوس تنشأ من بيئة الناس ومن أفكارهم ومن معتقداتهم، وقد تكون فكرة أو اجترارات أو نزاعات أو أفعال أو صورة عقلية، وبالطبع هي سخيفة ومستحوذة ومؤلمة للنفس، ولكن يمكن التخلص منها إن شاء الله تعالى.

بالنسبة للعلاج، فهنالك العلاج السلوكي، وهنالك العلاج الدوائي، ويعتبر العلاج الدوائي فتحاً كبيراً في حياة الناس؛ لأنه قد قهر هذه الوساوس بدرجة كبيرة، وحين يدعم الإنسان العلاج الدوائي بالعلاج السلوكي تكون النتائج رائعة جدّاً.

العلاج السلوكي يتمثل في أن تفهمي أن هذه وساوس وهي نوع من القلق النفسي، وهي ليست دليلاً أبداً على ضعف شخصيتك أو قلة إيمانك.

ثانياً: الوساوس مستحوذة وسخيفة، والشيء السخيف يجب أن يُحقر ويجب أن يرفض، ومن هنا نقول أن الوساوس أفضل طريقة لعلاجها هي مقاومتها، تجاهلها، رفضها، استبدالها بفكرة مضادة لها والتركيز على ذلك.

وهنالك تمارين سلوكية خاصة مثل التمرين الذي يعرف بتمرين إيقاف الفكرة، وباختصار هذا التمرين: رددي الفكرة الوسواسية حتى تحسي بشيء من الإجهاد، وبعد ذلك قولي: (أقف، أقف، أقف) أنت هنا كأنك تخاطبين هذه الفكرة، كرري هذا التمرين عدة مرات.

وهنالك تمارين أخرى: أن تربطي الفكرة الوسواسية بشيء منفر ومؤلم للنفس، مثلاً تذكري الفكرة الوسواسية وفي نفس الوقت تذكري حادث مؤلم قد حدث أو تجربة لم تكن طيبة في حياتك، اربطي بين الاثنين، هذا يؤدي إلى التنفير وإلى فك الارتباط الشرطي مع الفكرة الوسواسية.

ويمكن لهذا التمرين أن يطبق بصورة أخرى: أن تفكري في الفكرة الوسواسية وتقومي فجأة بالضرب على يدك بقوة وشدة حتى تحسين بالألم.

الهدف هنا أن يربط ما بين الألم والفكر الوسواسي، بتكرار هذا التمرين سوف يضعف الفكر الوسواسي؛ لأن الألم منفر والمنفر يؤدي إلى فك الارتباط الشرطي.

يكرر التمرين عشر مرات متتالية بمعدل مرة صباحاً ومرة مساءً.

بقي بعد ذلك أن أقول لك أن العلاج الدوائي فعال جدّاً، وأفضل دواء في هذا السياق العقار الذي يعرف تجارياً باسم (بروزاك Prozac)، ويسمى علمياً باسم (فلوكستين Fluoxetine) أرجو أن تبدئي في تناوله بجرعة كبسولة واحدة في اليوم، تناوليها في الصباح بعد الأكل، أو في المساء لا بأس في ذلك، استمر عليها لمدة شهر، بعد ذلك ارفعي الجرعة إلى كبسولتين في اليوم، وهذه هي الجرعة العلاجية، استمري عليها لمدة ستة أشهر، ثم خفضيها إلى كبسولة واحدة في اليوم لمدة ستة أشهر أخرى، ثم توقفي عن تناول الدواء.

إن شاء الله تعالى إذا اتبعت هذه الإرشادات وتناولت الدواء بالصورة التي وصفناها، علماً بأن الدواء دواء سليم وفعال وغير إدماني ولا يؤثر على الهرمونات النسوية، سوف تأتي إن شاء الله نتائج رائعة وسوف تختفي هذه الوساوس بإذن الله تعالى.

عليك بالطبع الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، عليك أن لا تتركي للفراغ وللخواء الداخلي وقتاً ليسيطر عليك، عليك بالتواصل الاجتماعي، وأن تكوني نافعة لنفسك ولغيرك.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيراً، وبالله التوفيق والسداد.

ويمكنك الاستفادة من هذه الاستشارة قد 417681.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً