الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مشاعر الملل والحزن وافتقاد الفعالية الاجتماعية

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا سيدة متزوجة وموظفة، لدي طفلة عمرها 4 سنوات، وطفل عمره سنتان، والآن حامل في الشهر السابع، أعيش مع زوجي في بيت أهله بغرفة واحدة مع خدماتها، شخصيتي انطوائية، وعلاقتي مع أهل زوجي صارت ضعيفة مع مرور الزمن، نتيجة النقد المستمر في شخصيتي وتصرفاتي التي تتسم باللامبالاة، لم أستطع تغيير شخصيتي، أو التقرب إليهم أكثر، رغم محاولتي الضعيفة، وأشعر دائماً بتعب وإرهاق حيال هذا الموضوع، لدرجة وصل الوضع بأنهم يبادلونني نفس المشاعر من عدم الاهتمام.

تنتابني أغلب الأحيان مشاعر الحزن والهم لوضعي، ونادراً ما أجد المتعة في حياتي ومع أولادي وزوجي، حتى علاقتي مع زوجي لا أجد فيها أي لذة أو متعة، وأصبحت أشعر أن زوجي حزين ومكتئب بسببي، ودائم النقد لوضعي وتقصيري من ناحية أطفاله وأهله.

صرت أفتقد حسن التعامل مع أطفالي لعصبيتي أحياناً عندما تنتابني مشاعر الحزن والوحدة، وعلاقاتي الخارجية جداً ضعيفة، باستثناء أهلي الذين أعتبرهم المتنفس الوحيد لي، حياتي صارت مملة وكئيبة، ولا أعرف ماذا أفعل لتغيير هذا الوضع الرديء الذي وصلت إليه، أخاف أن أصل لمرحلة أجد فيها أطفالي يعيشون بدوامة حزن مثلي، وأخاف من المستقبل، لا أعرف ماذا أفعل، وكيف أتخلص من هذه المشاعر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Brave heart حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بعد تدارسي لحالتك ولهذه الأعراض والمعطيات التي وردت فيها، أقول لك: بما أنك افتقدت الفعالية الاجتماعية والأسرية لدرجة لا يمكن تجاهلها، كما أن الحزن والكدر وعسر المزاج يسيطر عليك لدرجة كبيرة، أستطيع أن أقول أن حالتك هي في الأصل نوع من الاكتئاب النفسي من الدرجة البسيطة إلى المتوسطة، والاكتئاب النفسي أصبح الآن مرضاً شائعاً، ولكن بفضل الله تعالى تحسنت آليات العلاج جدّاً، والعلاج يتكون من علاج دوائي وعلاج سلوكي، وكلاهما مرتبط بالآخر، ويكمل بعضهما البعض.

بالنسبة للعلاج الدوائي، من أفضل الأدوية التي تفيدك - بإذن الله -عقار يعرف تجارياً باسم (بروزاك Prozac) ويسمى علمياً باسم (فلوكستين Fluoxetine)، وهذا الدواء ليس له أي تدخلات سلبية على الحمل، خاصة أنك في شهرك السابع، فأرجو أن تبدئي في تناول البروزاك بجرعة كبسولة واحدة في اليوم، تناوليها بانتظام، ويفضل تناولها بعد الأكل، وبعد الوضع مباشرة يمكنك التوقف عن تناولها، وذلك لأن هذا الدواء يُفرز بكمية ضعيفة في حليب الأم، ولكن كتحوط لا ننصح بالرضاعة مع تناول الأدوية بصفة عامة، وإن كان هذا الدواء يعتبر من الأدوية السليمة جدّاً، وأرجو أن تشرحي لزوجك الفاضل ما أوردناه في هذه الرسالة حول تشخيص حالتك وحول هذا الدواء، وأن الدواء سليم وفعال جدّاً.

الأمر الآخر هو: أريدك أن تكوني إيجابية في تفكيرك، من المؤسف جدّاً أن الاكتئاب حين يسيطر على الإنسان أو قبل حدوث الاكتئاب بعض الناس تكون لديهم أفكار انتقائية جدّاً، وهذه الأفكار بكل أسف سلبية وتُنسيهم تماماً الجوانب الإيجابية في حياتهم، وتسلط هذا الفكر السلبي المشوه يجعل الإنسان يحس بالإحباط وينسى كل الجوانب الإيجابيات الموجودة في حياته، فأنت مثلاً أختي الكريمة لو جلست مع نفسك وقلت: (ما الذي يجعلني أكتئب؟ أنا الحمد لله في بيتي ومع وزجي وقد رزقني الله تعالى الذرية الصالحة، وكم من الناس هو عقيم وليس لديَّ قصور في أمور حياتي، فلماذا لا أكون إيجابية؟ لماذا لا أهتم ببيتي وزوجي وأولادي وعبادتي وتواصلي مع أهلي وجيراني)، وهكذا.

حاولي أن تبني هذا الفكر الإيجابي، وهو بالطبع واقع ومهم، وإن شاء الله يساعد كثيراً في إخراجك من هذه الأحزان، أما أن تستسلمي للأحزان ولا تستبدليها بفكر إيجابي، فهذا لاشك أنه لا يساعد على العلاج.

هذا هو الذي أنصحك به، وأنا على ثقة كاملة أنك إن شاء الله تعالى بتناول الدواء والإصرار على التفكير الإيجابي وتنظيم وقتك واستثماره بصورة صحيحة، وبناء علاقات اجتماعية طيبة وراسخة، سوف يزول عنك هذا الكدر الذي أنت فيه، وأرجو أن تتواصلي معنا بعد الوضع إن شاء الله تعالى، وأسأل الله لك العافية، وأن يسهل لك أمر الوضع، وأن ترزقي بالذرية الصالحة.

وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً