الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تأتأة في المواقف الاجتماعية

السؤال

السلام عليكم.

أنا فتاة في الـ21 من العمر، أعيش حياة هنيئة والحمد لله، لكن هناك مشكلة لدي وهي التأتأة، علماً بأنني عندما أتكلم لا أتتأتأ، لكن عندما أقرأ أمام مجموعة، وخاصةً في الصف، ينتابني شعورٌ من الخوف أن أقرأ وأتتأتأ قليلاً، أضف إلى ذلك أنني أتهرب في كثيرٍ من الأحيان أن أقدم الأبحاث (Power point) خوفاً من التأتأة، والتي أحياناً تخف لدي وأحياناً تزداد، وفي كثير من الأحيان إن كان هناك أناس كثر أفضل أن لا أتكلم، ولكنني مع ذلك أتكلم ولكن قليلاً كي لا أتتأتأ مع زملائي في الجامعة، وأتكلم بطلاقة وأقرأ جيداً.

أريد الحل.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ جنان حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن مشكلتك بسيطةٌ جدّاً، فهذه التأتأة التي تُعانين منها في المواقف الاجتماعية التي تكونين فيها عرضة للتواصل مع الآخرين، هي نوع من القلق النفسي الظرفي الذي نسميه بقلق الأداء في المواقف الاجتماعية، والقلق طاقة نفسية جيدة جدّاً ومطلوبة جدّاً لأن ينجح الإنسان، فقط قد تكون لها آثار سلبية إذا اشتد القلق في مواقف معينة مثل الذي يحدث لك.

أولاً: أنا أريدك أن تلجئي إلى ما يعرف بتحقير المواقف، وأعني بذلك أن الإنسان مهما يكون في موقف يرى أن فيه رهبة وأنه ربما يكون عرضة للسخرية أو مراقبة الآخرين، أو أنه سوف يفشل لأنه أمام عدد كبير من الناس، أو من أصحاب المناصب، يجب عليه أن يسعى دائماً لتحقير هذا الموقف، وذلك بتذكر أن هؤلاء الذين تتم مواجهتهم هم بشر في نهاية الأمر، ينامون، ويأكلون ويشربون، ويتغوطون ويتبولون، وسوف يموتون، وهكذا.

هذه النقلة في التفكير إذا طبقها الإنسان بصورةٍ صحيحة تُفيد كثيراً، والأمر الآخر والمقابل هو أن ترفعي من شأن نفسك في مثل هذه المواقف، بمعنى أنك إذا لم تكوني مقتدرة لما طُلب منك أن تقدمي هذا العرض، وانظري إلى ما تقومين به كأمرٍ عادي يقوم به آلاف بل ملايين الناس، وهكذا.

إذن: التغيير المعرفي الفكري مهم جدّاً لمواجهة هذا النوع من القلق، وأنت الحمد لله تعالى ليس لديك أي علة أو تلعثم أو تأتأة في المواقف العادية، وهذا دليل قاطع أن القلق هو المحرك الرئيسي لهذه التأتأة، وأقول لك : إنه لمن البشائر العظيمة أنه توجد الآن أدوية ممتازة وفاعلة جدّاً للمساعدة في علاج حالتك، وهي الأدوية المضادة لقلق المخاوف، ويوجد دواء ممتاز يُسمى علمياً باسم (باروكستين Paroxetine) ويُعرف تجارياً باسم (زيروكسات Seroxat) أرجو أن تتحصلي عليه وتتناوليه بجرعة عشرة مليجرامات -أي نصف حبة- تناوليها بعد الأكل، واستمري عليها لمدة أسبوعين، ثم ارفعي الجرعة إلى حبةٍ كاملة (عشرون مليجراماً) واستمري عليها لمدة ستة أشهر، ثم خفضيها إلى نصف حبة يومياً لمدة ثلاثة أشهر، ثم إلى نصف حبة يوماً بعد يوم لمدة شهر، ثم توقفي عن تناول الدواء.

بجانب الزيروكسات هنالك دواء يُعرف تجارياً باسم (إندرال Iinderal) ويُعرف علمياً باسم (بروبرانلول Propranlol) تناوليه بجرعة عشرة مليجرامات صباحاً ومساءً لمدة شهرين، ثم عشرة مليجرامات في الصباح لمدة شهر، ثم توقفي عن تناوله.

هذه أدوية فعالة ممتازة، وسوف تجدي منها فائدة كبيرة جدّاً –إن شاء الله-، وعليك تطبيق الجزئية الأولى من هذا الإرشاد أيضاً.

وهنالك أمر آخر، وهو أن تتدربي على تمارين الاسترخاء، فهذه التمارين جيدة، وتُفيد كثيراً في مثل هذه الحالات، ولتطبيقها يمكنك أن تجلسي على كرسي مريح في غرفة هادئة ذات إضاءة منخفضة، وارفعي رأسك قليلاً، ثم ضعي يديك على ركبتيك، ثم تأملي في حدث سعيد، وأغمضي عينيك، ثم افتحي فمك قليلاً، ثم خذي نفساً عميقاً وبطيئاً عن طريق الأنف، وأمسكي الهواء في صدرك لمدة ثلاثة إلى أربع ثوانٍ، وهذه مهمة جدّاً؛ لأنه من خلال هذه العملية سوف يتم انتشار الأكسجين في جسمك بصورةٍ جيدة، ثم بعد ذلك أخرجي الهواء بكل قوة وبطء عن طريق الفم -أي شهيق وزفير ببطء وتركيز-.

يكرر هذا التمرين خمس مرات متتالية، بمعدل مرة في الصباح ومرة في المساء لمدة ثلاثة أسابيع، ثم بمعدل مرة واحدة في اليوم لمدة أسبوعين، ثم يتم ممارسة هذا التمرين من وقت لآخر وعند اللزوم.

لابد أن تبني صورة إيجابية عن نفسك، وأنت بالطبع من الواضح أن لديك مقدرات، وعليك أن تطوري من مهاراتك الاجتماعية، خاصةً فيما يخص التواصل، وانخرطي في الأنشطة الثقافية وأعمال الخير؛ فهذا يجعل الدافعية لديك في أفضل حالاتها، وثقتك في نفسك تكون أفضل.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيراً، ونسأل الله تعالى لك التوفيق والسداد.

========
للفائدة يمكنك مراجعة هذه الروابط حول العلاجات السلوكية للتأتأة:
267560 - 267075 - 257722

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً