الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أريد الزواج وأبي لا يشجعني

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أنا شاب عمري (22) سنة، خضت في هذه الحياة من الصحيح والخطأ ما الله به عليم، أسأل الله جلت قدرته أن يمن علي بالتوبة، وأن يثبتني على الصواب، مطلع ولله الحمد على كل شيء، ولكن عندما غيرت مسار حياتي وانفردت بنفسي بعيداً عن أصدقاء السوء ارتحت -ولله الحمد- مع العلم أني لم أكن أستخدم المخدرات ولا المسكرات، بشتى أنواعها، لكن كان لدي رفقة يدعونني إلى الزنا -والعياذ بالله- ويحاولون أن يعرفوني بعاهرات وفاجرات ومتبرجات عن طريق الأسواق، أو الإنترنت أو الملاهي والشاليهات.

لكن كنت أقرب ما أكون لوالدتي التي تنصحني بالابتعاد عنهم، وفعلت والحمد لله، ولكن أشعر بالوحدة الشديدة، وعرضت هذا الأمر لأكثر من شيخ يرقي أو أخصائيين اجتماعيين، كان اتفاقهم على كلمة (تزوج في أسرع وقت ممكن).

حينما كلمت أبي في هذا الموضوع أكثر من مرة قال: لا تكلمني مرة أخرى إلا إذا كان معك بيت ملك، وسيارة جديدة، ومبلغ في الحساب لا يقل عن (200.000) ريال! وفي الأخير اكتشفت أنه ينوي الزواج بـالثالثة، وأنا موظف شركة، وراتبي لا يزيد عن (3500) ريال، إلا أن البيت ملك وواسع وهناك (4) شقق كبيرة جداً خالية والسيارة ملكي الشخصي، ولكن بقي عندي هاجس الزواج معي في كل وقت، وكل مكان، وهو الكلمة الوحيدة التي على لساني، لأني معرض للفتنة أكثر من غيري بحكم الأصدقاء القدماء، مع العلم أني قطعت التواصل معهم نهائيا، لكي أعف نفسي عما حرم الله.

لكن هل هناك من ترضى بي؟ مع العلم أني إنسان مكافح ومحافظ على الطاعات الحمد لله؟ وهل ترضى هي ووالداها أن آتي لخطبتها دون أبي؟! لأنه رافض ولا أعلم الحجة ما هي؟! وأنا على شفا حفرة، أريد العفاف.
أفيدوني جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد العزيز حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
مرحباً بك أيها الحبيب في استشارات إسلام ويب، بين آبائك وإخوانك، ونسأل الله تعالى أن يعفك بحلاله عن حرامه.
نحن نشكر لك أيها الحبيب صدق توجهك، ونسأل الله تعالى أن يغفر لك ما مضى، وأن ييسر لك سبل العفاف، وأن يرزقك الزوجة الصالحة الطيبة التي تقر بها عينك وتسكن إليها نفسك..
لقد أحسنت أيها الحبيب -بارك الله فيك- بتوبتك وقطع صلتك بأصدقاء السوء ورفقاء المنكر، وهذا من توفيق الله سبحانه وتعالى لك، فإن المرء على دين خليله كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم، والحكماء يقولون: (الصاحب ساحب) فاحذر غاية الحذر -بارك الله فيك- أن يسول لك الشيطان إعادة التواصل مع هؤلاء الرفقة، فإنهم لن يجروك إلا إلى ما تندم عليه حينما ينفعك الندم.
وقد صدقك النصيحة وأخلصها لك من أشار عليك بالزواج، فهذه وصية الرسول صلى الله عليه وسلم لكل شاب قادر على الزواج، فقد قال: (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء).
أنت -ولله الحمد- أيها الحبيب لديك الإمكانات التي تعينك على الزواج والأمر -إن شاء الله- هين سهل، فكن على ثقة بأن الله سبحانه وتعالى سيكون في عونك وسييسر لك الأمور ما دمت تريد التعفف عن الحرام، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ثلاثة حق على الله عونهم -ومنهم-: ناكح يريد العفاف) فما دمت تريد الزواج لتعف نفسك عن الحرام فكن على ثقة من إعانة الله سبحانه وتعالى لك وتيسيره أمورك، وخذ بالأسباب الممكنة.

حاول إقناع والدك بمصارحته بحاجتك إلى الزواج وخوفك على نفسك من الوقوع في الحرام، وتعهد له بتحمل مسئولياتك، وأن ما عندك من الراتب يكفي للحاجات الضرورية، وذكره بعد ذلك بأنك إذا احتجت بعد ذلك إلى شيء من إعانته في هذه المرحلة فإنه مأجور على كل ما يبذله معك، فإنها صدقة وصلة، وحاول أن تستعين على إقناعه ببعض من له كلمة مقبولة لديه كأعمامك أو نحوهم من الأقارب أو أصدقاء الوالد.

نحن على أمل كبير بأنه سيقتنع حينما يرى منك الجدية في طلب الزواج والخوف على نفسك من الوقوع في الحرام، لاسيما إذا استعنت بمن له تأثير عليه، وعلى فرض أنه لم يقتنع بهذا كله فإنه يتعين عليك أيها الحبيب أن تسعى لإعفاف نفسك بنفسك، فتحاول أن تبحث عن المرأة المناسبة لك وستجد نساء كثيرات صالحات يُردن العفاف ويردن الزواج ويقبلن بمن هو مثلك، واصطحب معك في الخطبة إذا أردت أشخاصاً معك فاصطحب أقاربك الذين يعينونك على هذا كأعمامك أو أخوالك، وقد جرت عادة الناس بقبول الشاب الذي يرتضون أخلاقه ودينه ما داموا يرونه كفؤاً للزواج، ولو لم يكن أبوه يرضى بالزواج، فلا تجعل من هذا عائقاً في طريق زواجك.
نسأل الله سبحانه وتعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يقدر لك الخير حيث كان وأن ييسر لك دربك وأن يغنيك بحلاله عن حرامه وبفضله عمَّن سواه.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً