الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التوبة من العادة السرية والمعاصي ثم الرجوع إليها

السؤال

السلام عليكم.

أنا طالب عمري (20) عاماً، من عائلة محافظة، وأسكن وحدي في غربة، ولدي الإنترنت في المنزل، أصلي وأصوم، ولكن كنت مدمناً على العادة السرية، والمواقع الإباحية، والكذب والسب، وسماع الأغاني، حتى جاء يوم أصبت فيه بمرض، كنت أظن أنه مرض خطير، وكنت أنتظر نتيجة التحاليل لمدة شهرين، وفي هذه المدة كنت نادماً على ما فعلته، وكنت أستغفر الله ليلاً ونهاراً، كنت أذكر الله، وكنت أقرأ القرآن، ولم أمارس العادة السرية طيلة المدة التي كنت فيها مريضاً.

بعد أيام خرج التحليل سلبياً! والحمد لله لا أحمل أي مرض، ولكن المشكلة الكبيرة أنني عدت إلى ممارسة العادة السرية والكذب والغيبة، والتهاون في قراءة القرآن، والنظر إلى المواقع.

عندما كنت مصاباً بمرض كنت أظن أنني تخلصت من الشيطان، ولكن أريد أن أعود إلى الحالة التي كنت فيها، عندما كنت مريضاً أذكر الله، وأقرأ القرآن، كنت أحس بالسعادة، والآن أحس أنني منافق، وأحس أنني مذنب، وأحس أن الله لن يغفر لي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحباً بك أيها الولد الحبيب في استشارات إسلام ويب، ونحن نشكر لك تواصلك معنا، ونسأل الله تعالى أن يهديك سواء السبيل، وأن يردك إليه ردّاً جميلاً.

لا شك أيها الحبيب أن ما شعرت به في فترة المرض ألجأتك إليه الضرورة، فإن الإنسان من عادته أنه إذا شعر بالاضطرار إلى الله تعالى وحاجته إليه، أو شعر بفراقه لهذه الدنيا، فإنه يُحسن العمل، ولكن لا ينبغي للعاقل إذا انكشفت عنه الكربة أو زال عنه الخوف أن يأمن من مكر الله تعالى، فإنه قد قال سبحانه وتعالى: ((فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ)) [الأعراف:99].

الموت آتٍ أيها الحبيب لا محالة، وأنت لا تدري متى يُفاجئك الموت، وكل واحد منا يوقن يقيناً بأنه ربما يموت بعد لحظات، وربما يكون بينه وبين الموت مجرد نفَس، فهذا أمر مستقر في نفْس كل واحد منا، وإذا كان الأمر كذلك فكيف تأمن أن يأتيك الموت وأنت على حالة من هذه الحالات السيئة التي لا ترضى أبداً بأن تقابل الله تعالى بها؟!

التوبة أيها الحبيب من هذه المعاصي مما يعينك عليها ويدفعك إليها يقينك بأن الموت ربما يفاجئك في أي لحظة، ويقينك أيضاً بما ستلقاه بعد هذا الموت، فتذكر لقاء الله تعالى والعرض عليه، تذكر السؤال والعرض أمام الناس، تذكر الحساب والجزاء بعد ذلك إما الجنة إن كنت مُحسناً، وإما النار إذا كنت مُسيئاً وشاء الله سبحانه وتعالى أن يعاقبك بذنوبك.

تذكر قبل ذلك كله القبر، وما فيه من أهوال وشدائد، تذكرك لهذه الحقائق -أيها الحبيب- يدفعك لإحسان العمل، ولهذا نصيحتنا لك، وهي نصيحة من يحب لك الخير ويتمنى لك السعادة، أن تكثر من سماع المواعظ التي تذكرك بالموت، وتذكر بما وراء الموت، وتصف الجنة وتصف النار، فإن هذا النوع من المواعظ يطرد عن القلب الغفلة والسِّنة.

التوبة أيها الحبيب بابها مفتوح ما لم يغرغر الإنسان، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر)، وهذا من رحمة الله تعالى بك وبنا، ومن رحمته تعالى أنه يقبل التوبة عن عباده، كما قال في كتابه: ((وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُوا عَنِ السَّيِّئَاتِ)) [الشورى:25].
بل أخبر سبحانه وتعالى أنه يبدل السيئات حسنات بالتوبة، وأخبر في كتابه بأنه يحب التوابين، وأخبرنا رسوله صلى الله عليه وسلم بأنه سبحانه يفرح بتوبة العبد إذا تاب، فهذا كله فضل عظيم من الله تعالى في الحث على التوبة والترغيب فيها.

فبادر أيها الحبيب بالتوبة، فإن التوبة تهدم ما كان قبلها وتمحوه، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (التائب من الذنب كمن لا ذنب له)، وكن على ثقة بأنك إذا تبت التوبة المطلوبة، وهي أن تندم على ما كان منك من ذنوب، وتعزم عزماً مؤكداً أن لا ترجع إليها في المستقبل، وتتركها الآن، تترك الذنوب في الحال، إذا تبت هذه التوبة فإن الله عز وجل سيقبل منك التوبة، فإنه سبحانه وتعالى لا يرد تائباً، وسيمحو عنك الذنب مهما كان هذا الذنب، فإن الله لا يتعاظمه شيء، قال سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: ((قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)) [الزمر:53].

العادة السرية -أيها الحبيب- قبيحة ومضرة لبدنك، كما أنها مُنقصة لدينك، وسنحيلك على بعض الاستشارات السابقة لتقرأ فيها أضرار هذه العادة وكيفية التخلص منها.

ننصحك أيها الحبيب بأن تكثر من مجالسة الصالحين، وتكثر من مجالسة أهل العلم وحضور مجالس الذكر، فإن الصاحب ساحب، وأن تشغل نفسك بالنافع، فإن النفس إن لم تُشغلها بالحق شغلتك بالباطل.

ولمزيد الفائدة يرجى مراجعة التالي: أضرار هذه العادة السيئة: ( 24284 – - 260343 ).
وكيفية التخلص منها لمن ابتلي بها: (227041 - 1371 ).
والحكم الشرعي للعادة السرية: ( 261023 )

نسأل الله تعالى أن يتولى أمرك، وييسر لك الخير حيث كان.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • الجزائر ichrak

    شكرا جزيلا لكم لكن اني أرجوكم أن تدعو لي بالرخمة لأني أنا أيضا مدمنها

  • بلجيكا محمد عطية

    اللهم اغفر لي ذنوبي وطهرني وقربني اليك يا ارحم الراحمين

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً