الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الاكتئاب والعزلة والقلق النفسي الناتج عن مشاكل عائلية لا يعالج بمفارقة الأسرة والهروب من مسئولياتها

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا أعاني من الاكتئاب والعزلة والقلق النفسي منذ فترة، فأنا انطوائية، وأحب كثيراً الجلوس بجانب المجالس، وإذا تحدثت مع شخص أمام أحد أفراد عائلتي أشعر بالإحراج، أما إذا تحدثت من غير وجودهم فأشعر بارتياح! فهم يسببون لي مشكلة نفسية، لكن المشكلة أني أعيش معهم، ولكن أريد الاستقلال عنهم، وتكون لي حياتي الخاصة بي، فأنا أفكر كثيراً في السفر لدولة أوروبية؛ لأني أحس أني آخذ حريتي، وأبتدئ حياتي من جديد، بعيداً عن ذكرياتي وحياتي التي هي بدون طعم ومزرية بالنسبة لي، ولكن في الوقت الحاضر أريد منك يا دكتور أن تساعدني على تخطي هذا الخجل، وعدم الشعور بالأمان، علماً أني أتناول دواء يسمى (بريديلون) لعلاج الغدة، ومن أعراضه الجانبية الاكتئاب، وحالياً أتناول فليوزاك، فهل هذا يفيدني؟
وشكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مريم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:

إن ما وصفته بالاكتئاب والقلق النفسي من وجهة نظري هو ناتج من الأفكار السلبية الشديدة المسيطرة عليك، فهذه الأفكار محورها هو الرفض لحياتك الأسرية الحالية، وأعتقد أن علاج هذه المشكلة هو بناء مفاهيم جديدة، وقبول أسرتك من جانبك.

أنا أعتقد أنه من الضروري جدّاً أن تراجعي نفسك، وأن تنظري إلى الجوانب الإيجابية في حياتك وحياة أسرتك، وبالطبع لا ندعو أي فتاة مسلمة أن تتخلى عن أسرتها وتسافر لأوروبا وتعيش هنالك، فهذا أمر له عواقبه السيئة، والإنسان حتى إذا كانت لديه مشكلة يجب أن لا يعالجها بمشكلة أسوأ منها.

أيتها الفاضلة الكريمة! الإنسان السعيد هو الذي يعيش في كنف أسرته ويساهم في تطوير أسرته، ويساهم في حل مشاكل أعضاء الأسرة، اجلسي مرة أخرى مع نفسك وفكري وابحثي عن الجوانب الإيجابية في حياتك الأسرية قبل أن تبحثي في الجوانب السلبية، ركزي على هذه الإيجابيات وحاولي تطويرها، ومن ثم ابحثي في السلبيات وحاولي التجاوز عنها، كوني متسامحة، ما تتفقين فيه مع أسرتك حاولي أن تعززيه، وما تختلفين فيه معهم حاولي أن تعذريهم وأن تتجاوزي عنهم.

نعرف أن في داخل الأسر مهما كانت الخلافات يستطيع الإنسان أن يجد فرداً من أفراد أسرته أو أكثر يحادثه ويلجأ إليه، ويكون هنالك نوع من الاختلاف ما بينه وبين هذا الشخص من الأسرة، فمهما كانت الخلافات أريدك أن تبحثي عن شخص أو شخصين داخل الأسرة تشعرين أنه يمكن التفاهم معه، ومن ثم تكون هنالك انطلاقات لمساعدة جميع أفراد الأسرة.

حين تكون لدينا مشاكل في أسرنا نحن أيضاً مسئولون مسئولية كبيرة جدّاً في أن نساهم في حل هذه المشاكل، لمن نتركها؟ لابد أن تكون لنا إسهاماتنا، لابد أن نتحمل مسئولياتنا.

أيتها الفاضلة الكريمة! ذهابك وسفرك إلى دولة أوروبية سوف يتأتى منه مشكلتان:
الأولى: الوحدة وصعوبة الحياة هناك، والبعد عن المحيط الإسلامي.
الثانية: سوف تشعرين بالذنب؛ لأنك قد تنصلت من مسئولياتك الأسرية، فأنا لا أريدك أبداً أن تضعي نفسك في هذا الموقف.

نصيحة أخرى أنصحك بها هي: أن تملئي وقتك بما هو مفيد، وهنالك أشياء كثيرة جدّاً تجنب الإنسان المشاكل، وتخرجه من العزلة، مثل الاطلاع، والقراءة، ومشاهدة البرامج التليفزيونية الهادفة والجيدة، وممارسة الرياضة، والانضمام إلى الجمعيات الثقافية والجمعيات الخيرية، والذهاب إلى أماكن تحفيظ القرآن، ومساعدة كبار السن من خلال الجمعيات الاجتماعية التي ذكرناها، وتطوير بعض الهوايات داخل المنزل، مثل الطبخ وترتيب المنزل.. أشياء كثيرة، يمكن أن يقوم بها الإنسان وتكون مفيدة.

بصفة عامة: الإنسان حين يؤدي عملاً وينجزه سوف يحس في نهاية الأمر بالرضا، والشعور بالرضا هو أفضل وسيلة لعلاج الاكتئاب النفسي.

أرجو أن تفكري على هذا النمط، وأن يكون هنالك تحرك إيجابي من طرفك، وأن تحطمي كل الأفكار السلبية وتستبدليها بأفكار إيجابية.

بالنسبة للعلاج الدوائي؛ الأدوية التي تتناولينها أدوية ممتازة، وبالنسبة لعلاج الغدة فهو دواء جيد، فقط يتطلب منك المتابعة مع طبيب الغدد، أما بالنسبة للفلوزاك فهو من الأدوية الممتازة جداً لعلاج الاكتئاب النفسي، استمري عليه، وأنت في حاجة لجرعة صغيرة، وهي كبسولة واحدة في اليوم، وليس أكثر من ذلك، ومدة العلاج هي ستة أشهر، بعدها توقفي عن تناوله.

من المهم جدّاً أن لا يكون اعتمادك على الدواء فقط، نعم الدواء يُساعد ولكن أخذك بالإرشاد الذي ذكرناه لك من حيث التغيرات السلوكية، والسعي نحو ما هو إيجابي، وفهم الأمور بصورة أفضل، والتواصل الأسري، هذا -إن شاء الله- يساعدك بصورة كبيرة جدّاً.

ولمزيد الفائدة يرجى مراجعة التالي عن علاج الانطوائية والعزلة سلوكياً: (267409 - 263675 - 272718).

بارك الله فيك، وجزاك الله خيراً، ونسأل الله لك التوفيق والسداد، ونشكرك على تواصلك مع (إسلام ويب).

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • شهد

    والله يا شيخ كل الي بتحكيه صح وانا كتير مبسوطة من هالحكي الي حكيته كتير ناس بستفيدوا من هالحكي الي حكيته

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً