الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الاكتئاب عند المرأة في سن الخمسين وأثره على من حولها

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أشكر لكم جهودكم، وأسأل الله أن يجعلها في موازين أعمالكم.

أنا البنت الوسطى لعائلتي في العشرين من عمري، متزوجة منذ طفولتي، وأمي مشغولة عني في أعمال المنزل وأخواتي الأصغر مني، وعلاقتي بها مجرد أمر ونهي، وكبرت وأصبحت بعيدة عنها، لي صديقات، وكثيراً ما تنهاني عنهن.

بعدما تزوجت لم تكن تسألني عن أحوالي، وتختصر الحديث بسرعة، مع أني أحاول أن أطيل معها، أن أتكلم، أقول شيئاً، لكن أشعر بالإحباط منها، وفي الفترة الأخيرة ألاحظ أنها مهمومة وحزينة، تشتكي كثيراً، نومها قليل، وأكلها قليل، علاقتها مع الناس سطحية جداً، ومع أبي في جدل مستمر! وكثيراً ما تنتقده، وتظن الظن السيئ (تقريباً في كل من حولها)، في المناسبات العائلية لا تتحدث كثيراً، ونادراً ما تحضرها، وتتعذر بأنها مشغولة، تعبانة ... إلخ.

أحس أنها تحتاجني لكن لا تتكلم معي كثيراً، وأنا لا أريد أن أثقل عليها، وأخاف أن تكون مصابة بالاكتئاب.

وشكراً لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نور حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بارك الله فيك وجزاك الله خيراً، ونشكرك كثيراً على تواصلك مع إسلام ويب، نشكرك على اهتمامك بأمر والدتك، وهذا باب من أبواب بر الوالدين.

ما تعاني منه والدتك من شعور بالإحباط، وافتقاد الرغبة في التواصل الاجتماعي، وأنها ليست مستمتعة بحياتها، ولديها اضطراب في النوم، كما أنها تسيء الظن فيمن حولها، وهذا دليل كبير على انسحابها اجتماعياً...إلخ.

هذه أيتها الفاضلة الكريمة، كلها أعراض اكتئابية هامة، وحقيقة الوصف الذي ورد في رسالتك هو وصف دقيق جداً، وأنت ركزت كثيراً على ما نسميه بالسمات الاجتماعية، التي يمكن أن تكون وليدة من الاكتئاب النفسي، وهذا يكفي تماماً لتشخيص الاكتئاب النفسي، خاصة أن النساء في مثل عمر والدتك والتي أتصور أنها ما بين الأربعين والخمسين هذا هو العمر الذي يتمكن الاكتئاب فيه من النساء.

الذي أنصح به هو أن تواصلي اهتمامك بوالدتك، وأن تجدي لها العذر، فإنها لا تتحدث معك كثيراً؛ لأن الاكتئاب يجعل الإنسان لا يحب أبداً التواصل مع الآخرين، وقد يكره ذاته، وقد يصاب بالملل، لأقل شيء يقال، ولا يتحمل أي نوع من الضوضاء، أو الإزعاج، فالكدر مشكلة أساسية.

أرجو أن تجدي لها العذر، وأنت تأخذي أنت المبادرات وتتصلي بها، وتحاولي أن تسانديها، ومن خلال ذلك يمكن أن تقولي لها وبصورة لطيفة يا والدتي أنا أراك غير مرتاحة، وتعانين من شيء من الإجهاد النفسي، والجسدي، لماذا لا تذهبين إلى الطبيب؟

فالحمد لله تعالى الطب النفسي قد تقدم كثيراً، وتوجد أدوية كثيرة جداً لمساعدتك -إن شاء الله تعالى- أرجو أن تؤكدي لها أنه من الضروري أن تجرى فحوصات طبية للتأكد من مستوى الدم لديها ويتم دراسة الهرمونات، خاصة الهرمونات النسائية، وكذلك هرمون الغدة الدرقية، واطرحي لها الأمر بهذه الصورة العلمية البسيطة المعقولة، وأنا على ثقة تامة أنها -بإذن الله تعالى- سوف تقبل وتذهب إلى الطبيب، وبفضل الله تعالى توجد الآن أدوية ممتازة جداً لعلاج الاكتئاب النفسي، والأدوية فعالة وسليمة، وذات تأثير إيجابي جداً.

أرجو أن تواصلي هذا المشوار، وتساندي والدتك، وتقنعيها بالذهاب إلى الطبيب، وسوف تتغير أحوالها، وتصبح بشوشة وحيوية، ويزول عنها هذا الكدر والسوداوية في المزاج، وإن شاء الله تعالى يتحسن تفاعلها الاجتماعي بصورة مفرحة لكم جميعاً.

بارك الله فيك وجزاك الله خيراً، ونشكرك كثيراً على تواصلك مع إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً