الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أرتجف عند زيارتي للناس وعند استقبالي للضيوف، فما علاج حالتي؟

السؤال

أنا فتاة، أعاني من الرهاب الاجتماعي منذ 5 سنوات تقريبا، بدأ تدريجيا عند زيارتي للناس أرتجف، ولا أستطيع الأكل ولا الشرب، أرتجف ولا أستطيع مسك فنجان القهوة، وكذلك عند استقبالي للضيوف.

قلت لزوجي عن مشكلتي لكنه لم يقدر مشكلتي، ويظن أن المرض النفسي جنون، وقال لي ألا أتكلم معه في هذا الموضوع أبدا، لا أدري ماذا أفعل؟

لا أحد عندي يذهب بي لدكتور نفسي، أرجو مساعدتي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم نادر حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

الرهاب الاجتماعي لا يعتبر مرضًا نفسيًا حقيقيًا، فبكل أسف توجد مفاهيم خاطئة كثيرة عند الناس، فهذه الحالة يمكن أن يصاب بها أي إنسان، وهي لا تعني ضعفا في الشخصية أبدًا، هي نوع من القلق النفسي المكتسب، وهي ظاهرة أكثر مما هي مرض.

العلاج -الحمد لله تعالى- متوفر جدًّا، وأهم خطوات العلاج هو أن تصححي -من نفسك- مفاهيمك حول حالتك، بمعنى أنها ليست مرضًا نفسيًا حقيقيًا، فلا بد أن تصححي مفاهيمك كما ذكرت لك، وأنا أؤكد لك أن ما يحدث لك من ارتعاش ورجفة للدرجة التي لا تستطيعين مسك فنجان القهوة ليست بهذه الشدة، كما أن الذين حولك لا يلاحظون هذا، هذا نوع من العرض الفسيولوجي المرتبط بهذا الخوف، وأنت تحسين به بشدة لكن الآخرين لا يلاحظونه، هذا مثبت تمامًا.

لا بد أن تتساءلي مع نفسك، ومن خلال تصحيح المفاهيم تقولي لنفسك (ما الذي يجعلني هكذا؟ ليس هنالك ما يدعو لهذا الخوف، الناس كلهم سواسية)، وتتذكري الإيجابيات الجميلة الموجودة في حياتك، -فالحمد لله- أنت لديك أسرة، ولديك كل عوامل الاستقرار.

العلاج الثالث: هو أن تعرضي نفسك لمواقف اجتماعية في الخيال، وأقصد بذلك أن تتصنعي أو تصنعي موقفًا معينًا، كأن تتخيلي أن لديك جمعا كبيرا من الضيوف، ولا بد أن تقومي بخدمتهم، أو أنه طُلب منك أن تلقي محاضرة أو درسا على هذا التجمع من النساء، عيشي هذا الخيال، واصنعي هذا الخيال بتركيز، ويجب أن تكون مدة الاسترسال الفكري لا تقل عن عشرة إلى خمسة عشر دقيقة، هذا نسميه بالتعرض في الخيال، وهو مفيد جدًّا.

أنصحك أيضًا بأن تحاولي أن تتفاعلي اجتماعيًا بصورة مباشرة أو غير مباشرة، فحاولي أن تشاركي الناس في مناسباتهم، زوري أرحامك، سيكون من الجميل جدًّا أن تنضمي إلى مراكز تحفيظ القرآن، ففيها يحدث نوع من التعريض (التعرض) لكنه في جوٍّ آمن مليء -إن شاء الله تعالى- بالطمأنينة والرحمة، وهذا من أفضل العلاجات التي تفيد من يعانون من الرهاب الاجتماعي.

الجزء الأخير في العلاج هو العلاج الدوائي، -والحمد لله تعالى- توجد أدوية ممتازة، وأدوية سليمة، ولا تحتاج لوصفة طبية، من أشهر الأدوية التي نصفها في مثل هذه الحالات دواء يعرف تجاريًا باسم (زيروكسات)، ويعرف علميًا باسم (باروكستين) والجرعة المطلوبة هي نصف حبة يوميًا، استمري عليها لمدة عشرة أيام، بعدها ارفعي الجرعة إلى حبة كاملة (عشرين مليجرامًا)، واستمري عليها لمدة ستة أشهر، ثم خفضيها إلى نصف حبة يوميًا لمدة عشرة أيام، ثم توقفي عن تناولها، هذه الجرعة تعتبر جرعة صغيرة جدًّا، حيث إن بعض الناس يحتاج إلى ثلاث أو أربع حبات في اليوم، لكنك لست في حاجة لهذه الجرعات الكبيرة.

الدواء الآخر المساعد يعرف باسم (إندرال)، ويعرف علميًا باسم (بروبرانولول) وهو دواء رائع جدًّا لإزالة الرجفة المرتبطة بالرهاب الاجتماعي، وذلك من خلال التحكم في مادة تسمى بـ (الأدرانلين) وهي المادة التي تفرز في لحظات القلق، وتؤدي إلى هذه الرعشة، وجرعته هي عشرة مليجرام صباحًا ومساءً لمدة شهرين، ثم عشرة مليجرام صباحًا لمدة شهر، ثم توقفي عن تناوله.

بالطبع يحتاج الأمر منك بأن تشرحي للفاضل زوجك أن هذه الحالة حالة بسيطة، وأنك قد استرشدت، وقد وُجه لك النصح الذي نسأل الله تعالى أن ينفعك به.

هنالك تمارين أيضًا تسمى بتمارين الاسترخاء، نحن ننصح ونوجه الناس لتطبيقها، لأنها مفيدة في حالات القلق عامة، وخاصة في حالات الخوف الاجتماعي، ولتطبيق هذه التمارين: أرجو أن تتصفحي أحد المواقع على الإنترنت لتتدربي على كيفية تطبيق هذه التمارين.

أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد، ونشكرك على التواصل مع إسلام ويب.

كما ننصحك بمراجعة هذه الاستشارات التي تتحدث عن العلاج السلوكي للرهاب: (269653 - 277592 - 259326- 264538 - 262637).

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً