الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

طريقة تعزيز الثقة بالنفس.

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته,,,

أعاني من خوف شديد بداخلي بسبب ما تعرضت له بطفولتي من تحرشات جنسية من أقرباء لي؛ لذلك أشعر بالخوف من تعاملي مع أي رجل, وأشعر بالخوف أيضا من خلافات أمي وأبي، وخلافات أمي وجدتي وعماتي، وهذه الخلافات أثرت في نفسي كثيرا, حيث إني ليست لي ثقة بنفسي، وأكلم نفسي كثيرا، وأشعر بأني إنسانة ضعيفة.

علما أني مخطوبة، وبسبب عدم ثقتي بنفسي ولما مررت به في طفولتي، لا أعرف كيف أتعامل مع خطيبي, ولا أستطيع أن أتفاهم معه، وكثيرا ما أحس بندم على موافقتي على الخطوبة، فأرجو منكم مساعدتي ماذا أفعل؟ أحس بأنني تائهة في صحراء.

أرجو منكم إفادتي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فأريد أن أبدأ بتوضيح حقيقة معينة، وهي أن مفهوم الثقة بالنفس أصبح حوله الكثير من المغالطات، وهو يعني أشياء مختلفة لمختلف الناس، حيث إن الثقة بالنفس هي أمر نسبي، ليس هنالك ضابط، أو قياس معين ليحدد الثقة بالنفس، ومعظم الذين يشتكون من قلة الثقة في أنفسهم, تجد أن هذا الأمر أصلاً قائم على مفاهيم خاطئة جدًّا، وأكبر خطأ من حيث المفهوم هو أن الإنسان لا يقدر ذاته التقدير الصحيح، ويحتقر ذاته، وينسى إيجابياته، ويركز على سلبياته, ويحكم على نفسه بمشاعره، وليس بأفعاله.

فإذا صححت هذه المفاهيم، سوف تعاد الثقة بالنفس بإذن الله تعالى، هذه جزئية مهمة جدًّا.

الأمر الثاني: تعرضك للتحرشات الجنسية أثناء الطفولة، ومن الأقرباء، لا شك أن هذا حدث كبير ومؤلم؛ لأن الانتهاكات الجنسية أيًّا كان نوعها ليست مقبولة، لكن هذه المرحلة العمرية التي انقضت يجب أن تكبل في سجن النسيان، وذلك لسبب بسيط، وهو أنك في ذلك الوقت لم تكن لك المقدرة للدفاع عن نفسك، ليس لك المفاهيم الحياتية التي توضح لك طبيعة هذا الشيء، وأن هنالك أشرارا من الناس، حتى ولو كانوا أقرباء، لكنك الآن الحمد لله تعالى في عمر ونضوج نفسي، وسلوكي، واجتماعي، يؤهلك لأن تدافعي عن نفسك، وفي نفس الوقت ضعاف النفوس والمنحرفين لن يتجرؤوا على التحرش بك ما دمت إنسانة محترمة, وخلوقة, وذات مكانة, ومتوازنة نفسيا واجتماعيًا.

قضية التحرش الجنسي حين تتحدث عنها المنظمات النسوية بكثرة خاصة في هذه الأيام، لا شك أن المرأة من حقها أن تُحمى، لكن الناس تتناسى ما هي مشاركة ومساهمة المرأة في التحرش الذي يقع عليها؟ نحن لا نريد للمرأة أن تكون ضحية، لكن بكل أسف بعض سلوكيات النساء - مع احترامي الشديد - تجعلهنَّ عرضة للتحرش الجنسي، هذا الكلام قطعًا لا ينطبق عليك، لكني ذكرته كحقيقة علمية تساعدك على تفهم ذاتك، وأنك إن شاء الله تعالى لن تكوني أبدًا ضحية لهذا الأمر.

والتجارب السلبية دائمًا فيها خير أيضًا، لأنها تقوي الإنسان من الناحية النفسية، والسلوكية، والمعرفية، وتجعل الإنسان يعيش حياته الحاضرة بقوة، ويفكر في تطوير نفسه،ومستقبله، فأرجوك أن تصححي مفاهيمك تمامًا حول هذا الأمر، فهذا يساعدك كثيرًا.

ثانيًا: أريدك أن تحكمي على نفسك بأفعالك، فأنت تعملين في مجال التمريض، وهذه وظيفة محترمة ومقدرة جدًّا، من يُحسنها له إن شاء الله خيري الدنيا والآخرة، ومثل هذا العمل كافٍ لأن يجعلك تثقين في نفسك، أعتقد أن ذلك كافيًا جدًّا.

فأرجو أن تصححي مفاهيمك حول نفسك، أنت مفيدة جدًّا لنفسك ولغيرك، ولكن عدم استيعابك لهذه الحقيقة أعتقد أنه هو الذي جعلك تكونين قلقة ومتخوفة حول مفهوم الثقة بالنفس.

موضوع أنك لا تعرفين التعامل مع خطيبك، هذا أيضًا مفهوم خاطئ، هذا الرجل أصلاً لم يتقدم إلى خطبتك إذا لم يرَ فيك المقدرة والكفاءة، وعلاقتك معه في هذه المرحلة يجب أن تكون قائمة على الاحتشام والاحترام إلى أن يتم الزواج، وليس أكثر من ذلك، هذا هو الذي أود أن أنصحك به، وأرجو أن تكوني إيجابية في تفكيرك، وأن تستفيدي من وقتك بصورة جيدة.

ونصيحة أخرى هي: أن تجعلي أهدافك في الحياة واضحة، وتضعي الآليات التي توصلك إلى هذه الأهداف, من الواضح أنك تريدين أن تطوري نفسك مهنيًا، من الواضح أنك مقدمة على الزواج، أعدّي نفسك لهذا الأمر، هذه كلها أهداف نبيلة، وأهداف طيبة، وأهداف جميلة، يمكنك أن تتوسعي لدراسة الماجستير مثلاً، هذا مهم.

نصيحتي لك أيضًا هي أن تتخذي القدوة والنماذج الحسنة في الحياة، فهنالك الكثير من النساء الصالحات والطيبات، نجدهنَّ في كل مكان، في مراكز تحفيظ القرآن، في أماكن العمل، في البيوت، الإنسان حين يتخذ الرفقة، والخلة الطيبة، والنموذج الحسن في الحياة، هذا يجعلها أكثر ثقة في نفسه، والذي يعيش في محيط الخير لا شك أنه سوف يجد الخير.

أسأل الله لك التوفيق والسداد، وبارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونشكرك على تواصك مع إسلام ويب.

وللفائدة راجعي هذه الاستشارات التي تتحدث عن وسائل زيادة الثقة بالنفس سلوكيا(265851 - 259418 - 269678 - 254892).

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً