الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

علاج عدم القدرة على الحديث والتعبير عن الذات

السؤال

أشكركم شكراً جزيلاً على ما تقدمونه لنا من نصائح علاجية مفيدة، فأثابكم الله على ما تفعلونه لخدمة المسلمين، وجعلها في ميزان حسناتكم.

أنا طالب جامعي في السنة الثانية، أعاني من مشاكل الكلام، أعاني من صمت عند المناقشة مع صديق أو جماعة من الأصدقاء، فإذا تحدثت أو سردت قصة مثلاً، لا أعرف كيف أوصل المعلومة لهم؛ لأني كلامي ملخبط فلا يفهمونني، وتنقصني مهارة الأسلوب وانتقاء الكلمات، وبعد السرد أصمت، فيمل صديقي مني وينفر، لأنني لا ملك موضوعاً أتحدث فيه إذا جلسنا مع بعض، حتى مع إخواني، هذه مشكلة أعاقتني وجعلتني لا أعرف كيف أكوّن صداقة حقيقية.

أنا اجتماعي وأحب التجمعات، وأحب أن أخرج، ولكن يا دكتور إذا كانت هذه المشكلة موجودة من المؤكد أنها ستجعلني منعزلاً في البيت، ليس توهماً يا دكتور، ألاحظ أصدقائي يقللون من مقدرتي على الكلام، ويعرفون نقصي، وألاحظ فيهم أنهم لا يوكلون لي أي أمر فيه تحدث، بل صارحوني بذلك، أنا يا دكتور أريد أن أدردش مع أصدقائي في الشات، أريد أن أتعرف، لا أستطيع، تلك المشاكل تعيقني، ولكن أحاول بين الفينة والأخرى، غير التلعثم الذي يصيبني.

أريد أن أتحدث بطلاقة وأصبح كما كنت سابقاً ذا شخصية قوية محبوباً من الجميع، أنا إنسان مثقف ومجتهد، ولكن تلك المشاكل أعاقتني، وأنا أجزم أنني لو تغلبت على تلك المشاكل فسأصبح شخصاً فريداً ومتميزاً.

لننتقل إلى مشكلة أخرى، فإذا أمطرت السماء وصاحبها برق فإني أخاف من رؤيته مخافة أن أصعق.

أريد أن أتعالج بالعلاج السلوكي المعرفي لعلاج مشاكل الكلام، فهل تنصحونني بذلك للتخلص من هذا العائق والاكتفاء به؟ وهل هو فعال؟ هل من الممكن أن أرجع كما كنت طبيعياً لكي أتميز وأكون شخصاً فعالاً في المجتمع؟ وكم نسبة التشافي من تلك المشاكل؟ وما هي الوسائل لتجنب الانتكاسة؟ وهذه مهمة جداً، لقد تناولت أدوية لزيروكسات وزولفت مسبقاً لمدة وجيزة، فهل يمكن أن أعود لتلك الأدوية أم لا؟ وذلك بعد التأكد من أن حالتي تستدعي تناول الدواء.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مهند حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فالشعور بعدم الثقة في النفس يبدأ دائمًا بالشعور بالقلق، وبعد ذلك يستمر القلق ويتولد عنه ما يسميه البعض بافتقاد الثقة في النفس، والمشكلة الأساسية أن بعض الناس لديهم حساسية شديدة في شخصياتهم، ويراقبون أنفسهم رقابة شديدة وصارمة، ولا نقول أنهم يتصنعون الأعراض، لكن قطعًا التفكير السلبي، وأن لا يتذكر الإنسان مصادر قوته مع أن لديه طاقات كثيرة قد تكون مختبئة أو أنه لم يستفد منها على الوجه الصحيح، هذه من أكبر العلل التي تولد هذه المشاعر السلبية، وتؤدي إلى افتقاد الشعور بالثقة.

أنا لا أقلل أبدًا من شكواك، ويجب أن نعطيها كل الاعتبار ونأخذها بجدية تامة، لكني أريدك - وكعلاج سلوكي أساسي - أن تصحح مفاهيمك، أن تسأل نفسك: (هل كل هذه الأعراض التي أعاني منها صحيحة؟ هل كل هذه الأفكار التي تأتيني حول نفسي هل هي أفكار صحيحة، أم هي مجرد أفكار كان القلق السبب فيها؟) وأنا أرى أنك بالإجابة الصحيحة سوف تصل إلى قناعة أن القلق هو الذي جعلك تفكر بهذه الصورة السلبية عن نفسك.

شعورك بأن كلامك ليس واضحًا، وأن الآخرين لا يفهمونك، وتنقصك مهارة الأسلوب، لا بد أن تسأل نفسك: (هل هذا الحكم حكم صحيح؟ هل هذا الحكم منصف؟ هل أنا أجحفت في حق نفسي؟ هل ظلمتها؟ هل هو مجرد فكر سلبي يسيطر عليَّ؟) وأنا أعتقد أنك - إن شاء الله - من خلال هذا النوع من التفكير سوف تصل إلى القناعة التامة بأنك فعلاً قيّمت نفسك التقييم الخطأ.

بعد ذلك انقل نفسك إلى التطبيقات العملية، تواصل مع الناس، أدر وقتك بصورة صحيحة، ومن الضروري أن تمارس الرياضة، وأن تضع أهدافًا في الحياة، وهدفك واضح جدًّا، وهو أن تتميز علميًا وتضع الآليات التي توصلك إلى هذا، ولا تهتم أبدًا لهذه المشاعر السالبة ولسفاسف الأمور، أنت لديك الرصيد المعرفي، لديك ما شاء الله الخلق، لديك القيم الذاتية الراقية، وكل هذا يجب أن تستفيد منه، فالعلاج السلوكي يقوم على هذه الأمور، يقوم على أن الإنسان حين تتملكه هذه الأفكار السلبية عن ماضيه وحاضره ومستقبله وذاته والعالم حوله، يجب أن يستبدلها بفكر إيجابي، وهذا ممكن وممكن جدًّا.

إذن أنا أشجعك تمامًا على العلاج السلوكي المعرفي، وإن أردت أن تطبقه على أصوله لا بد أن تتواصل مع معالج، هذا أفضل وأنفع إن شاء الله تعالى.

بالنسبة للعلاج الدوائي: العلاج الدوائي يحسّن من مزاج الإنسان ويقلل من الخوف والرهبة والقلق، وهذا يفتح السبيل والطريق أمام العلاج السلوكي ليطبق بصورة أفضل وأنجح وأدق، لذا أنا أدعوك لتناول الدواء، فالدواء يفيدك كثيرًا، وكما ذكرت لك سوف يكون دعامة أساسية للعلاج السلوكي.

عقار زولفت أنا أراه دواءً جيدًا وممتازًا، لكن الالتزام بالجرعة مهم، والجرعة في حالتك جرعة بسيطة، ابدأ في تناول الزولفت بجرعة نصف حبة يوميًا لمدة عشرة أيام، بعد ذلك اجعلها حبة كاملة، استمر عليها لمدة ستة أشهر، ثم بعد ذلك خفضها إلى نصف حبة يوميًا لمدة شهر، ثم توقف عن تناول الدواء.

ولمزيد من الفائدة يمكنك الاطلاع على الاستشارات حول علاج عدم القدرة على الحديث والتعبير سلوكياً (267560 - 267075 - 257722) وحول العلاج السلوكي للمخاوف: ( 262026 - 262698 - 263579 - 265121 ) .

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وأنا على ثقة تامة أن الدواء والعلاج السلوكي سوف يغيران تمامًا من تفكيرك وسوف يصبح إيجابيًا، ونسأل الله لك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً