الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أشعر بقلق وضيق شديد وقلة طاعة الله تعالى... فما توجيهكم؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا فتاة عمري 20 سنة، أعاني كثيرا من التفكير اللاإرادي والقلق والخوف، وقلة الإيمان، كلما أحاول أن أمسك المصحف وأقرأ منه أقفله بسرعة، ولا أقدر أقرأ أو أحفظ أو أسمع، مع العلم أني منذ كان عمري 17 سنة، كنت أحفظ القران بالجامع، وكنت مجتهدة جدا بحفظه وتلاوته، وسماع الندوات الدينية وصلاة قيام الليل، والنوافل، لكن الآن أنا تغيرت جدا، وأتمنى لو أرجع مثل ما كنت، لكني الآن غير قادرة بعد ال17 سنة.

مررت بظروف صعبة جدا، خلال الـ 3 سنين كلما أتى خاطب أقبله، وبعد فترة أرفض، أنا خطبت وفسخت مرتين، والآن أنا مخطوبة ولا أريده، وأهلي يرفضون أن أتركه؛ لأن سمعته غير طيبة، وأنا في كل ساعة بحال (متغيرة المزاج) وسريعة الغضب، وعنيدة جدا مع خطيبي وأهلي، حتى خطيبي يشكو مني بشدة بأني غريبة، وأشكتي دائما، وكنت بخير في الفترة التي كنت متقربة فيها من الله، ولكن الآن أشكو من نحافة غير طبيعية، وأشعر بفقدان شهية الطعام، وكذلك أشعر أن رغبتي الجنسية قوية مع خطيبي، وأمارس العادة السرية كثيرا فأرجوكم ساعدوني!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ لين حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فكل الأعراض التي ذكرتها تدل أنك تعانين من قلق نفسي، والقلق النفسي حين يكون في هذه الصورة مزعجا لصاحبه، ولكنه بالطبع ليس خطيرًا.

القلق يؤدي إلى عدم الاستقرار النفسي، يؤدي إلى الشعور بالتوترات، عدم الراحة، يؤدي إلى التفكير السلبي، شعور بعسر في المزاج، قلق حول المستقبل، وهكذا، كما أن الإنسان القلق دائمًا يكون سريع الانفعالات، وسريع الغضب كذلك.

الذي أنصحك به هو أولاً: أؤكد لك أن حالتك بسيطة، ولكن تتطلب المعالجة، وأنت ذكرت أنك تعانين من نحافة شديدة بالرغم من شهيتك للطعام جيدة جدًّا، وهذا يقودني إلى أن ننصحك بأن تقومي بفحص هرمون الغدة الدرقية، ففي بعض الحالات يكون هنالك ارتفاع في مستوى إفراز هرمون الغدة الدرقية، وهذا يتميز دائمًا بوجود القلق والانفعالات والنحافة مع زيادة الشهية للطعام، هذا مجرد تحوط أرجو أن تقومي بهذا الفحص، وإن وجد أي نوع من الارتفاع في هرمون الغدة الدرقية فيمكن أن تقابلي طبيب الغدد، فالعلاج إن شاء الله بسيط جدًّا.

إذا كان كل شيء طبيعيا، أي أنه لا يوجد لديك ارتفاع في هذا الهرمون فأنا أقول لك أنت في حاجة لأدوية محسنة للمزاج ومضادة للقلق والتوتر، وهي كثيرة ومتوفرة وكلها سليمة بإذن الله تعالى.

الدواء المفيد جدًّا في حالتك هو عقار يعرف تجاريًا باسم (فافرين) ويعرف علميًا باسم (فلوفكسمين)، وهو متوفر إن شاء الله تعالى في فلسطين.

ابدئي بتناوله بجرعة خمسين مليجرامًا (حبة واحدة) تناوليها ليلاً بعد الأكل، وبعد شهر ارفعي الجرعة إلى مائة مليجرام، استمري عليها لمدة ستة أشهر، ثم اجعليها خمسين مليجرامًا (حبة واحدة) ليلاً لمدة ثلاثة أشهر أخرى، ثم بعد ذلك توقفي عن تناول الدواء.

أنا أريدك أيضًا أن تتخلصي من الفكر السلبي، وذلك من خلال التفكر والتأمل، وأن تنظري إلى الإيجابيات في حياتك، وبفضل من الله تعالى أنت فتاة نشأت في بيئة طيبة وكنت حريصة على الصلاة وتلاوة القرآن والالتزام الديني، وهذا إن شاء الله تعالى يمكنك الآن الرجوع إليه وبقوة وبثبات، وعسر المزاج هو الذي ربما يكون أبعدك بعض الشيء عن التزامك الديني، لكن تأكدي أن الإنسان يجب أن لا يترك أي ثغرة للشيطان أن يدخل منها، وعليك أن تستعيني بعد الله تعالى بصديقاتك الصالحات والخيرات، والإنسان حين يعيش في بيئة طيبة ويجد من يؤازره ويجد من يسانده ويجد النموذج الجيد أمامه،لا شك أن ذلك له تأثير إيجابي عليه.

حاولي أن تكوني معبرة عن نفسك وعن خاطرك وعن ما بداخلك، هذا كثيرًا ما يقلل من الغضب ومن القلق، وأرجو أن تطبقي ما ورد في السنة المطهرة حول التعامل مع الغضب: غيري مكانك، وغيري وضعك حين تأتي مؤشرات الغضب الأولى، اتفلي ثلاثًا على شقك الأيسر، واستغفري واستعيذي بالله من الشيطان الرجيم، وتوضئي وصلي ركعتين. هذا علاج لو جربته لمرة واحدة سوف تجدين أن منفعته سوف تستمر معك لمدة طويلة جدًّا.

أنصحك أيضًا أن تمارسي أي نوع من أنواع الرياضة التي تناسب الفتاة المسلمة، وكذلك تمارين الاسترخاء هي ذات جدوى كبيرة، فأرجو أن تطبقيها، ولتعلمها يمكنك تصفح أحد المواقع على الإنترنت التي توضح كيفية تطبيق هذه التمارين.

كوني حريصة على الزواج، وأسأل الله تعالى أن يتم لك الزواج بالزوج الصالح، وأن تسعدي وأن تعيشي حياة طيبة وهانئة.

كوني إيجابية في تفكيرك، أنت الحمد لله تعالى لديك طاقات نفسية وجسدية في هذا العمر، ركزي على دراستك، أديري وقتك بصورة جيدة، وسوف تحسين أن مشاعرك قد تبدلت تمامًا وأصبحت إيجابية وفعالة.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً