الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من القلق والأحلام واحتقار الذات... فما العلاج؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

مشكلتي أني كنت أعاني ضغوطا نفسية في صغري، وتكون شخصيتي من خلال هذه المعاناة، أحس بالضعف واحتقار ذاتي بشكل كبير؛ مما سبب لي الكثير من المتاعب والتصرفات في حياتي، والتي أندم عليها بعد فترة.

أنا شاب أبلغ من العمر 25 عاما -لله الحمد- أعمل في مكان ممتاز، وحالتي المادية جيدة -لله الحمد والفضل- لكن أعاني مما سبق ذكره، وأستطيع أن ألخص ما أعانيه في ما يلي:
- القلق والتوتر الدائم.
- النسيان الكثير والمحرج لي.
- عدم المبالاة بشكل كبير في أغراض في متطلبات اليوم.
- الأرق وقلة النوم الذي سبب لي التعب.
- الأحلام المتواصلة لو أنام عشر دقائق لابد أن أحلم بأشياء غريبة لا معنى لها.
- الضيق وأحيانا أبكي وحدي.
- الجلوس وحدي أمام الكمبيتور في غرفتي.
- أحب أن أنهي علاقاتي مع من يحبوني ويريدوني، وهذا شيء مزعج في حياتي كثيرا، أعض أصابع الندم عليه.
- عدم الثقة في النفس الشك الدائم والنظرة السوداوية للحياة.
- احتقار النفس مع أني ناجح في عملي؛ مما سبب لي كره العمل!

هل أنا مصاب بالاكتئاب أم ماذا؟ وبماذا تنصحونني جزاكم الله خيرا؟ وأرجو منكم الرد على هذه الاستشارة بحيث أجد الحل دون قراءة مشاكل مشابهة جزيتم خيرا.
هل هناك علاج طبي تنصحونني به

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

حقيقة أنت سردت الأعراض التي تضايقك بصورة جيدة وممتازة جدًّا، وأقول لك هذه الأعراض إذا أخذناها كوحدة واحدة فهي تحمل الكثير من مؤشرات الاكتئاب النفسي، وبقي أن نتأكد من فترة وجود هذه الأعراض، فإذا ظلت معك لفترة أكثر من ستة أسابيع، فهذا نستطيع أن نقول أنها حالة اكتئابية، ودرجة الاكتئاب التي تعاني منها هي من الدرجة البسيطة إلى المتوسطة، هذا قياسًا على المعايير التشخيصية العالمية المعروفة.

الذي أود أن أوضحه لك وأؤكده لك هو أن الاكتئاب ليس بالسوء الذي يعتقده الكثير من الناس، الاكتئاب مختلف في أنواعه وأشكاله وحدته وشدته وكذلك مدته، والاستجابة للعلاج متميزة جدًّا، وأصبحت هنالك طرق كثيرة جدًّا يمكن للإنسان أن يساعد نفسه من خلالها.

أهم هذه الوسائل هي أن يكون الإنسان إيجابيًا في تفكيره، سيطرة الفكر والرأي السلبي على الإنسان هو من أكبر ما يؤدي إلى ظهور الاكتئاب واستمراريته.

كثير من الناس تكون لديهم أشياء طيبة وجميلة في حياتهم، ولكن لسبب ما تجد أن الفكر السلبي يترسخ لديهم، ويكون تفكيرهم السلبي موجه نحو ذواتهم ونحو الماضي والحاضر والمستقبل، وكذلك العالم من حولهم.

هذا التفكير السلبي لابد أن يصحح وذلك بأن نستبدله بتفكير إيجابي، وأنت _الحمد لله تعالى_ لك الكثير من الإيجابيات، ذكرت بعضها، فمثلاً أنت لديك العمل الممتاز، وحالتك المادية جيدة جدًّا بفضل الله تعالى، هذه الأمور يفتقدها الكثير من الناس، فيجب أن تأخذ هذه كبداية أساسية وجوهرية للتفكير الإيجابي، ولابد أن تكون لديك إيجابيات أخرى كثيرة.

الاكتئاب يهزم أيضًا من خلال تطوير المهارات الاجتماعية وتأكيد الذات وتنميتها، وهذا كله يتأتى من خلال التواصل الاجتماعي، تصحيح المفاهيم عن الذات، وأن يكون الإنسان نافعًا لنفسه ولغيره، وأن يدير وقته بصورة صحيحة، وأن يقوي إيمانه، ووجد أيضًا أن ممارسة الرياضة تعتبر إضافة إيجابية جدًّا لعلاج الاكتئاب النفسي.

بالنسبة للعلاج الدوائي والطبي، توجد أدوية ممتازة وفعالة وسليمة جدًّا، وهنالك مجموعة من الأدوية تعرف بمثبطات استرجاع السيرتونين، وهي أدوية متعددة، ونستطيع أن نقول أن كلها ممتازة وسليمة وفاعلة، والفوارق بينها بسيطة جدًّا.

أنا أعتقد أن عقار مثل الدواء الذي يعرف تجاريًا باسم (سبرالكس) واسمه العلمي هو (استالوبرام) سيكون مفيدًا جدًّا بالنسبة لك، لو تناولته بجرعة خمسة مليجرام - أي نصف حبة - يوميًا لمدة عشرة أيام، بعد ذلك اجعلها حبة كاملة (عشرة مليجرام) يوميًا، استمر عليها لمدة ستة أشهر، بعد ذلك خفضها إلى خمسة مليجرام يوميًا لمدة شهر، ثم توقف عن تناول الدواء.

أعتقد أن هذا الدواء من الأدوية الجيدة والممتازة والمفيدة جدًّا، والجرعة التي تحتاجها من وجهة نظري هي عشرة مليجرام، وهذه تعتبر من الجرع الصغيرة، لأن هذا الدواء يمكن تناوله بجرعة عشرين إلى ثلاثين مليجرامًا في اليوم، لكن لا أعتقد أنك في حاجة لذلك.

هنالك نقطة لابد أن أشير إليها وهي نقطة أن شخصيتك قد تكونت من خلال المعاناة، والتعرض لغضوط نفسية، أنا أريدك أن لا تثبت هذا المفهوم المشوه لديك، الماضي قد انتهى، والماضي يجب أن يُسجن في خزينة النسيان، وهنالك من عانوا معاناة كثيرة في حياتهم في شبابهم وفي صغرهم، وبعد ذلك كانوا من أفضل الناس ومن أنجحهم، وهنالك من عاشوا حياة راغدة ومنعمة ويعتقدون أنهم كانت كل خبراتهم التربوية إيجابية، وبالرغم من ذلك تجد أنهم يعيشون إخفاقات وفشل وتصور سلبي جدًّا عن ذواتهم في كل شيء.

أخي الكريم: نحن لا نتجاهل الماضي، ولكن نعتبره فقط عبرة وخبرة ويجب أن يخزن في خزينة النسيان، وتقديرات الناس وتقييم للماضي دائمًا يكون فيها شيء من الاختلاف ومبني كذلك على التصور الشخصي للإنسان.

أخي: عش حاضرك بقوة ومستقبل بأمل ورجاء، وكما ذكرت لك سلفًا أنت لديك الكثير جدًّا مما هو إيجابي في حياتك، فانزع الفكر السلبي واستبدله بالفكر الإيجابي.

ولمزيد الفائدة يراجع منهج السنة النبوية لعلاج الأمراض النفسية: ( 272641 - 265121 - 267206 - 265003 ).

وبارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونشكر لك التواصل مع إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً