الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من اكتئاب وخوف وفقدان للشهية، فما هو تشخيص حالتي؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا فتاة عمري 20 سنة، متزوجة ولي طفل عمره سبعة أشهر، منذ أربعة أشهر ونصف سافرت إلى نيوزيلندا للدراسة مع زوجي، فجأة أتتني حالة من الاكتئاب والبكاء والخوف وفقدان الشهية، وأصبحت أنام وبين كل نصف ساعة أو ساعة أجلس، وأحس بضربات قلبي قوية، ورعشة في جسمي، واستمرت هذه الحالة خمسة أيام تقريبا، بعدها استعدت طبيعتي، لكن أصبحت تأتيني كل شهر ولمدة خمس أيام نفس الأعراض، بعدها أرجع طبيعية، ظننت أن السبب من الغربة، فأرجعني زوجي وسافر وحده ولكن لا فرق.

لكني الآن -والحمد لله- هذا الشهر أفضل، أستطيع النوم بدون الإحساس بخفقان القلب والرعشة، ولا أحس بالاكتئاب الذي أصابني في الأشهر الثلاثة السابقة، إلا أنني أصبحت دائمة التفكير والقلق والخوف من أشياء تافهة ومستقبلية رغماً عني، وليس لدي شهية للطعام، وأشعر بانتفاخ في معدتي حتى من شرب الماء أحس بشبع.

أنا لا أعرف بالضبط ما هي حالتي، وهل يمكن أن يكون اكتئاب ما بعد الولادة، وهل يمكنني التخلص منها دون أدوية؟

ولكم جزيل الشكر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ reem حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن الوصف الجيد والمفصل الذي ورد في رسالتك يجعلني أكون على قناعة كبيرة جدًّا أن الحالة التي حدثت لك هي نوع من القلق المفاجئ، وهذا القلق له مكونات أساسية كأعراض جسدية أهمها تسارع في ضربات القلب، ويكون المكون النفسي هو الشعور بالتوتر الداخلي، وكذلك الخوف، وربما يأتي للإنسان شعور بأن أمرًا سيئًا سوف يحدث، وبعض الناس يأتيهم شعور كأن المنية قد دنت.

هذه الحالة تسمى علميًا بنوبات الهلع أو الفزع، وهي نوع من القلق النفسي، لا يعرف أسبابها بكل دقة، لكن هنالك عوامل ربما تساعد في حدوثها، هذه العوامل تتعلق بشخصية الإنسان، فالشخص الذي لديه الميول والاستعداد للقلق يكون غالبًا أكثر عرضة من غيره لحدوث مثل هذه الحالات، وفي بعض الناس قد تكون العوامل الوراثية تلعب دورًا، بعد ذلك هنالك عوامل بيئية، مثلاً إذا غيّر الإنسان مكانه وانتقل من مكان إلى مكان مثل الذي حدث لك، لأن الإنسان حين ينتقل إلى بلد آخر مهما كان هذا البلد ومهما كان وضعه حتى وإن كان مريحًا جدًّا يحتاج لفترة من التواؤم مع ظروفه الحياتية الجديدة، وهذا يتفاوت من إنسان إلى إنسان، البعض يتواءم بسرعة، والبعض يتطلب مدة أطول، وعمومًا هذا عامل رئيسي لحدوث نوبات الهلع أو القلق.

الحالة حالة بسيطة وإن كانت مزعجة، لكنها ليست خطيرة، وعلاجها -أيتها الفاضلة الكريمة- سهل -إن شاء الله تعالى-، هي تتطلب أولاً: أن تمارسي تمارين الاسترخاء، هذه يجب أن تتدربي عليها، وأفضل أن يكون ذلك من خلال مقابلة أخصائية نفسية.

ثانيًا: العلاج عن طريق الأدوية، وتوجد أدوية ممتازة جدًّا وفعالة جدًّا، من أهمها عقار يعرف تجاريًا باسم (سبرالكس) وتوجد أدوية أخرى.

ثالثًا: أن تديري وقتك بصورة جيدة، وتكوني إيجابية في تفكيرك، فأنت -الحمد لله- لديك أشياء كثيرة جميلة ورائعة جدًّا في حياتك، يجب أن تفكري في ذلك دائمًا.

هذه هي الأسس العلاجية، فأرجو أن تقابلي مختصًا، وأنا أتفهم تمامًا تحفظك من تناول الدواء، لكن أقول لك: إن الأدوية تشكل خمسين إلى ستين بالمائة فيما يخص علاج هذه الحالات، والأربعين إلى الخمسين بالمائة الأخرى هي من خلال التفكير الإيجابي، وتمارين الاسترخاء، وتفهم طبيعة الحالة، -وإن شاء الله- الشرح المقتضب والبسيط الذي تحدثنا فيه عن طبيعة هذه الحالة يكون مفيدًا لك.

اعلمي أن التشخيص هو نوبة هلع، وهي ليست خطيرة وإن كانت مزعجة.

بارك الله فيك، وجزآك الله خيرًا، ونسأل الله لك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • معاذ

    شكراً جزيلاً على هذه الوصية وارجو من كل الذين يعانون من الهلع ان يطمئنوا لان هذا ليس خطيراً وله العلاج بحسب حديث الدكتور والحمد لله على كل حال

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً