الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ابتليت بداء النظرة فماذا أفعل؟ وما الحل؟

السؤال

ابتليت بداء عظيم وهو النظرة، مع العلم بأني أصوم تطوعاً، وأدعو الله ليكف هذا الشر عني وعن الناس، علماً بأني غير متزوجة، ولكن صار لي أكثر من سنة وأنا على هذه الحال، حتى مع الصيام، ولا أعرف ماذا أفعل؟ وما الحل؟ وهل يكون هذا مرتبطاً بالعادات الغذائية مثلاُ؟

خاصة وأني أشعر بأن عيني اليسرى هي التي تسبب لي هذا الإحراج، علما بأني أشعر للحظات بالصفاء في أحيان قليلة، ولكن فجأة تعود عيناي للنظر بالشدة.

يقول لي الناس بأن السبب هو الكمبيوتر، وأحد الأطباء شك في الأعصاب، ولكن المشكلة هي أنني أشعر بحرج شديد وأكره الجلوس مع الناس، لأنهم يتضايقون مني ومن نظرتي.

فماذا أفعل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سائلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فمرحبًا بك أختنا الكريمة في استشارات إسلام ويب. نسأل الله تعالى لك الشفاء والعافية من كل شر ومكروه.

السؤال فيه ما فيه من الغموض أيتها الكريمة، ولكن ما فهمناه هو أنك تشتكين من أنك مصابة بإصابتك للآخرين بالعين، فإذا كان الأمر كذلك - بحسب ما فهمنا – فينبغي أن تعرفي أيتها الكريمة أن العين حق وأنها كما أخبر عنها النبي صلى الله عليه وسلم: (تدخل الرجل القبر والجمل القِدْر) وهي لا تعمل إلا بَقَدَر الله تعالى، فإنها لا تسبق القدر كما جاء في الحديث: (لو كان شيء سابق لقدر لسبقته العين).

ولكن حقيقة العين كما قرر أهل العلم هي كيفية خبيثة من النفس تؤثر في الآخرين بواسطة العين، فالفاعل في الحقيقة النفس والروح والعين إنما هي طريق لهذا التأثير، وهذه النفس التي تصف بهذه الكيفية الرديئة ينبغي للإنسان أن يسعى في إصلاحها وتهذيبها وكف أذاها وشرها عن الناس وعن الآخرين، وهذا الأذى صادر عن النفس عندما تستحسن شيئًا يكسوه الحسد بسبب ذلك الاستحسان، ويكون التأثير بعد ذلك بواسطة النظرة، وشرعنا الحنيف قد دلنا وحثنا النبي صلى الله عليه وسلم على ما يدفع به العائن الشر عن نفسه وعن الآخرين، فإذا جاهد نفسه وعمل بهذه الوصايا النبوية فإنه إن شاء الله سيكفَّ شره عن نفسه وعن الغير، وقد جاء في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعامر بن ربيعة لما عانَ سهل ابن حُنيف، قال له: (ألا برّكت) يعني قلت (اللهم بارك عليه)، فإذا رأى الإنسان شيئًا يُعجبه فينبغي أن يبادر إلى قول هذه الكلمة والدعاء لهذا الشيء المستحسن بالبركة، فإن تمني الخير له والبركة يكسر ما في النفس من الحسد ويُذهب عن هذا المَعِين ما قد يصل إليه من شر هذه النفس.

ومما يدفع به العائن أيضًا الإصابة عن الغير ما ذكره الإمام ابن القيم - رحمه الله تعالى – بقوله: (ومما يُدفع به إصابة العين قوله: ما شاء الله لا قوة إلا بالله) قال: رواه ابن هشام عن عروة عن أبيه أنه كان إذا رأى شيئًا يُعجبه أو دخل حائطًا من حيطانه قال: ما شاء الله لا قوة إلا بالله.

فهذه الآثار كفيلة بإذن الله تعالى لكف الأذى – أذى العين – عن الآخرين عند رؤية ما يستحسنه الإنسان، وبالمداومة على ذكر الله تعالى، واستعمال الرقية الشرعية والتزام الأذكار – لا سيما أذكار الصباح والمساء والأذكار والموظفة لسائر الأوقات – والاعتصام بالله تعالى، وسؤاله من فضله وعدم استكثار النعم التي يراها الإنسان في خلق الله، بالمواظبة على هذا المنهج سيتخلص الإنسان بإذن الله تعالى من هذا الشر.

ونحن نشكر الأخت السائلة استشعارها الأذى الذي يلحق بالآخرين، وهذا دليل على خير فيها، ولكن قد تكون ابتليت بهذا الشر، فإذا لجأت إلى الله سبحانه وتعالى، واستعملت الأساليب الشرعية فإن الله عز وجل سيعينها وسيتولى صرف الشر عنها وعن غيرها، ولا بأس بأن تمتنع عن مخالطة الآخرين ما استطاعت حتى يزول شيء من هذا الشر عنها، فإن العلماء قد أفتوا بأن على الحاكم المسلم أن يمنع من عُرف بإصابة الناس بالعين يمنعه من مخالطة الناس، ويُجري له راتبًا ورزقًا يكفيه.

فلو أنها منعت نفسها من مخالطة الناس حين تخشى عليهم من الإصابة فهذا شيء حسن، وينبغي لها أن تصبر وتحتسب ما يُلحقها من مشقة وجهد حين ترى الناس يعتزلونها أو لا يحبون مخالطتها، فهذا شيء ينبغي أن يفعلوه إذا علموا بأنهم قد يصابون بسوء أو مكروه.

نسأل الله تعالى أن يصرف عنا وعن الأخت السائلة كل شر وكل مكروه.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً