الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أخاف أن أجن بسبب أفكاري ومخاوفي، فأرشدوني.

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا أم لطفلين، -والحمد لله- كل شيء في حياتي رائع، ولكن قبل أربعة أشهر كنت أفكر بموضوع سبَّبَ لي الضيق فأحسستُ بدوخة ووجع بالرأس وعدم القدرة على الوقوف، وزالت هذه الحالة ولكن بقيتْ لديَّ حالة عدم الرغبة بعمل شيء، ولكن -بحمد الله- كنتُ أصرُّ على نفسي حتى أقوم بها، وقلَّت شهيتي، وبعدها سافرتُ وقلتُ ممكن أتحسن، ولكن بالعكس كنتُ أنظر للناس وأحسدهم على همتهم وقدرتهم على السهر والحركة، وفحصتُ في تلك الفترة كل شيء من دم وغدد، والحمد لله كل شيء كان سليمًا، ولكن قبل أسبوعين فكرتُ بالموضوع وقلتُ لا بد وأن الأمر نفسي، فخِفتُ كثيرًا وأصبحتُ تأتيني نوبات مخيفه جداً، وأصبحتُ أفكر بالحياة وبالنفس، فزاد الطين بلة.

في الوقت الذي أتناسى فيه أُصبح جيدة، ثم يرجع لي الخوف والقلق مرة أخرى، والآن أنا دائمة القلق وخائفة، وعندما أستيقظ بالليل يكون التفكير غير منطقي أكثر.

أنا خائفة أن أُجنَّ من أفكاري ومخاوفي، علماً أني أنا أم مرضعة وعمر ابني سنة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Areej حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

شكرًا لك على السؤال.

ما ورد في سؤالك من وصف يجعلنا نقول أن الحالة هي أقرب لما نسميه بـ(نوبة الذعر) وفي كثير من هذه الحالات يضطرب الإنسان ويخشى من أن يكون (على طريق فقدان عقله) أو أنه وكما ذكرتِ في سؤالك (خائفة أن أجن من أفكاري ومخاوفي) فاطمئني أنك بخير بالرغم من هذه الأعراض التي ذكرتِ، وإن كان سيصعب عليك تصديق هذا الكلام، وهذا أيضًا من طبيعة هذه الأعراض أنه يصعب على الشخص الاطمئنان لمن يحاول طمأنته.

اسمحي لي أولا أن أقول أن ما وصفتِ في سؤالك كثير ومنتشر بين الناس، وإن كان الكثير منهم لا يتحدثون عنه خشية أن يستهزأ بهم الناس أو يصفونهم بالجنون إلا أنه كثير الانتشار.

ولا تستغربي إن قلت لك إن طبيعة الأفكار التي تأتيك أنها غير منطقية، فهذه هي طبيعة هذه الأفكار، وكل المخاوف عادة لا تكون منطقية، ويصعب فهمها، ولماذا حدثت.

ونوبات الذعر تأتي كما وصفتِ -ولسبب ما- كما حدث معك من أنك فكرت في موضوع سبب لك (الضيق، وأحسست بدوخة ووجع الرأس، وعدم القدرة على الوقوف) وربما أعراضاً أخرى كالتعرق والارتعاش، وشعوراً غريباً بأنك سيغمى عليك مثلا، وكل هذه أعراض معروفة عند من يتعامل مع حالات نوبات الذعر، سواء مريضًا أو طبيبا معالجًا.

والتعامل مع الأمور النفسية ما زال أمرًا كبيرًا وصعبًا في مجتمعاتنا، حيث هناك ما يسمى (الوصمة الاجتماعية) حيث يعتقد كثير من الناس أن أمر الصعوبات النفسية موضوع معيب، ولا يجوز أن يحدث في مجتمعاتنا، والأصل أن الإنسان جسم ونفس، فقد يُصاب الجسم كما يمكن أن تُصاب النفس ببعض المشكلات النفسية كالاكتئاب والقلق ونوبات الذعر، إلخ، وما العيب في هذا ونحن نعيش في عالم كثرت فيه الضغوطات والمشكلات النفسية والأسرية والاجتماعية؟

إن فهمك لما سبق ومعرفتك ببعض المشكلات والصعوبات النفسية وأعراضها وعلاماتها من شأنه أن يخفف عنك بعض المعاناة والقلق، حيث لا يعود الأمر أمرا مبهما لا نعرف عنه شيئًا، وإنما يصبح أمرا أكثر فهما، مما يُذهب الاستغراب والدهشة والقلق الزائد، ولا بأس بقراءة كتاب عن الأمراض والمشكلات النفسية، وكيفية التكيف معها.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً