الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من الرعشة والارتباك عند مواجهة مجموعة، فما الحل؟

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم

أعاني من الرعشة والارتباك، لماذا عندما أتحدث مع شخص لا أرتبك إلا قليلا، ولكن عندما أتحدث مع مجموعة أعاني من الرعشة والارتباك؟

كذلك عندما ينتقدني شخص سواء وجها لوجه، أو مع مجموعة يدي ورجلي تقومان بالارتعاش، وأرتبك، مع العلم أني أريد مواجهة الشخص، ولكن الرعشة والارتباك يمنعني من ذلك، علما أني لست اجتماعيا، هل هذا سبب مشكلتي؟
1- ما الحل؟
2- ولماذا أصبت بهذا المرض؟

أفيدوني جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أود أولاً أن أطمئنك أنك لا تعاني من مرض نفسي حقيقي، هذه مجرد ظاهرة نفسية بسيطة نسميها بالخوف أو الرهاب الاجتماعي، وهي نوع من القلق النفسي، وليست دليلاً أبدًا على ضعف شخصيتك، أو ضعف في إيمانك، أو شيء من هذا القبيل.

الذي يحدث أن الإنسان في أوقات المواجهة يحتاج لنوع من القلق نسميه بالقلق الإيجابي؛ لأن القلق يزيد من قدرة الإنسان على أن يُنجز المهمة التي يريد أن ينجزها، وفي هذه الحالة مخاطبة الآخرين بصورة إيجابية، لكن في بعض الأحيان يزداد مستوى القلق هذا، مما ينتج عنه أن يتخيل الإنسان أنه في حالة ارتعاش، وأنه مرتبك، وأنه يتلعثم.

هنالك مادة كيميائية تسمى بالأدرانلين تُفرز في أوقات هذه المواجهات، وحين يكون إفرازها بكمية أكبر يؤدي إلى ظهور الخوف، وما يصحبه من أعراض جسدية، مثل: الرعشة، والشعور بالارتباك -كما ذكرت وتفضلت-.

الارتباك يكون أكثر حين يواجه الإنسان مجموعة؛ وذلك لسبب معلوم ومفهوم هو أن مخاطبة المجموعة ليست مثل مخاطبة الفرد، فهي تتطلب المزيد من الجرأة، تتطلب المزيد من الاستعداد، ولذا تحس أمام المجموعة أنك في حالة من الخوف حتى وإن كان بسيطًا، وبما أن المواجهة مع المجموعات هي التي تؤدي إلى هذا الخوف، لذا سُمّي بالرهاب الاجتماعي.

الذي أنصحك به هو أولاً: أن تعرف أن هذه الحالة حالة بسيطة جدًّا، ومن الضروري جدًّا أن لا تتجنب المواقف الاجتماعية، لا بد أن تواجه، ولا بد أن تختلط بالناس، وأنا أؤكد لك أن ما تحس به من ارتعاش أو ارتباك ليس حقيقيًا، شعور تشعر به أنت فقط، ولا يلاحظه الآخرون، هذا مهم جدًّا أن تعرفه.

والاستمرار في المواجهة يقتل ويقضي على الخوف، والتجنب والابتعاد من المواجهة سوف يزيد الخوف.

وهنالك طرق علاجية مهمة أيضًا وهي: أن تؤدي الصلاة في أوقاتها في جماعة -خاصة في الصف الأول-، هذا وجد أنه علاج ممتاز جدًّا للخوف الاجتماعي، أن تشارك الناس في مناسباتهم، في أفراحهم، في أتراحهم، هذا جيد، أن تمارس رياضة جماعية، مثل: لعب كرة القدم مثلاً، هذا أيضًا يفيد، زيارة الأهل والأصدقاء والأرحام، هذا أيضًا فيه خير، وفيه تدريب اجتماعي للإنسان.

هذه هي الأسس العلاجية الرئيسية لعلاج الخوف الاجتماعي، وكما ذكرت لك حالتك -إن شاء الله- بسيطة جدًّا.

وُجد أيضًا أن تناول بعض الأدوية المضادة للخوف والرهاب تساعد كثيرًا في علاج مثل هذه الحالة، ومن الأدوية الشائعة جدًّا والمعروفة والسليمة والتي تفيد كثيرًا في هذه الحالات دواء يعرف تجاريًا باسم «لسترال»، ويعرف تجاريًا أيضًا باسم «زولفت»، واسمه العلمي هو «سيرترالين»، فيمكنك أن تحصل عليه من الصيدلية دون وصفة طبية، والجرعة التي تبدأ بها هي نصف حبة، تناولها ليلاً لمدة عشرة أيام، بعد ذلك تجعل الجرعة حبة كاملة يوميًا، وتستمر عليها لمدة ستة أشهر، ثم تخفضها إلى نصف حبة ليلاً لمدة شهر، ثم تتوقف عن تناول الدواء.

حبة السيرترالين تحتوي على خمسين مليجرامًا فقط، وهذه تعتبر جرعة صغيرة، هذا الدواء يحتاج له بعض الناس بجرعة أربع حبات في اليوم، ولكن بما أن حالتك من الحالات البسيطة كما ذكرنا فأنت لست في حاجة لجرعة أكبر مما وصفناه لك.

لتحصل على فائدة الدواء لا بد أن تلتزم التزامًا شديدًا بتناول الدواء في وقته، وللمدة المطلوبة، وكما ذكرت لك فإن الدواء سليم جدًّا، وغير إدماني، وسوف يساعدك في تطبيق الإرشادات السلوكية التي ذكرناها لك.

سؤالك: لماذا أصبتُ بهذا المرض؟

كما ذكرت لك هو ليس مرضًا، هي ظاهرة نفسية بسيطة، ولا تعرف الأسباب بالضبط، لكن هنالك عوامل، مثل: التعرض للخوف أثناء الطفولة، فكثيرًا ما يُهرَّع ويُخوّف الأطفال من قبل الوالدين أو الأقرباء، الخوف من الظلام، الخوف من الحيوانات، هذه أمور طبيعية في الطفولة، لكن وجد أنها قد تؤثر على بعض الناس في المستقبل.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • مصر طه عزام

    شكرا على الاجابه .والكلام الرائع الجميل فى شرح العلاج

  • تونس منية

    ولكنني انا عندي الارتباك والرعشة عند مواجهة مجموعة أو فرد أو عند تلاوة القرآن بالرغم انا لا أشعر بالخوف ولا الرهبة من ها آلاء الاشخاس

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً