الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الخجل الشديد من الصغر وإلى الآن، كيف أتخلص منه؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

في البداية أحدثكم عن نفسي، أنا طالب جامعي، أبلغ من العمر 19 سنة، وأعاني من مشكلات تعيق حياتي الشخصية والاجتماعية، وذلك من أسباب أثرت في منذ صغري.

أعاني من مشكلة الخجل الشديد من الصغر، وإلى الآن، هذه المشكلة تتلبسني، فقد تعبت منها، وقد أعاقت الكثير من الأمور في حياتي، فأصبحت انطوائيا، ومنعزلا عن الناس كثيرا.

لا أستطيع أن أناقش وأتكلم مع الناس بطلاقه، فيصيبني تعرق وتلعثم وتوتر عند محادثتي لهم، وعند محادثتهم لي، فأصبحت قليل الكلام، وكثير الصمت، وكثير الإنصات فقط، وذلك لوجود سبب آخر بسبب قلة الأحاديث والتي تصيبني في حياتي الإنطوائية.

لدي مشكلة أخرى، وهي الرهاب الاجتماعي، وتلك المشكلة اربطها بمشكلة الخجل لدي.

علما أني أعاني من الخوف من قيادة السيارة! فعند قيادة السيارة يعتريني خوف وتوتر وشك في قيادة السيارة، ولكنني أجيد القيادة، ويأتيني خوف من التهاون، فهذا السبب يجعلني لا أخرج من منطقتي فقط أذهب إلى الجامعة التي لا تبعد كثيرا من منطقتي وأجع إلى المنزل بسرعة لكي أذهب مع صديقي بسيارته، وأشعر بأن أصدقائي ملوا مني بهذا السبب الذي يجعلني أعطي لهم أعذارا لكي لا أخرج بسيارتي.

أعاني أيضا من ضعف الثقة في النفس، فلا أستطيع أن أناقش جيدا، وأشك في قدراتي وخوفي من المستقبل.

أرجو التكرم والرد لكي أعالج نفسي وأصبح إنسانا آخر إنسانا طبيعيا لا يخاف، ولا يخجل، وواثق من نفسه.

وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ يوسف حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أؤكد لك أن حالتك هي حالة بسيطة جدًّا، فأنت تعاني من درجة بسيطة من الخوف والقلق والرهاب الاجتماعي، وهذا هو الذي جعلك تحس بشيء من الاهتزاز في ثقتك بنفسك، وافتقارك التواصل الاجتماعي الصحيح.

هذا النوع من الظواهر النفسية يعالج باتخاذ خطوات عملية، والخطوات العملية تكون أولاً أكثر تفاعلاً في داخل المنزل، مع والديك، مع إخوتك، لا تعيش حياة هامشية في داخل المنزل، يجب أن تكون مشاركًا، يجب أن تكون حيويًا، يجب أن تكون بارًا بوالديك، وتكون لك مساهمات حقيقية في شؤون الأسرة، هذه هي نقطة البداية الصحيحة التي تفيد كثيرًا في إعادة الثقة بالنفس، ومحاصرة هذا الخوف الاجتماعي.

ثانيًا: بعد ذلك يجب أن توسع من دائرة التواصل الاجتماعي، لا شك أنه لديك أصدقاء، أصدقاء الجيران، أصدقاء الدراسة، أصدقاء المسجد، أصدقاء رياضيين تمارس معهم الرياضة.

حاول أن توطد هذه العلاقات، وتبني شبكة اجتماعية صحيحة من خلال المجموعات التي ذكرتها لك، فهي مجموعات كلها يطمئن لها الإنسان، وليس هنالك ما يدعو أبدًا للخوف والتردد والتفاعل الاجتماعي مع مثل هؤلاء.

ثالثًا: أدخل نفسك في برامج اجتماعية إلزامية، مثلاً إذا كنت لا تمارس الرياضة يجب أن تمارسها في جماعة، إذا أتيحت لك فرصة أن تذهب إلى المسجد وتنظم لحلقات تحفيظ القرآن، فهذه أيضًا فيها فائدة وخير كثير لك، إذا كانت هنالك جمعية كشافة أو جمعية اجتماعية ثقافية انخرط في هذه الأنشطة، هذه الطرق جميلة وقوية وعملية وفاعلة للتخلص حقيقة من الخوف الاجتماعي.

رابعًا: هنالك أمور أيضًا مهمة جدًّا: لا تنظر نظرة سلبية لنفسك، فمشكلة الخجل من الصغر، الصغر قد انتهى، وأنت الآن الحمد لله تعالى في مرحلة الرجولة والشباب والطاقات النفسية والجسدية القوية، أنت طالب جامعي، لا بد أن تبني فكر إيجابي جديد، وتنظر إلى المستقبل بقوة وأمل وتعيش حياتك بواقع وبفعالية، وتحقر الفكر السلبي، تحقر فكرة المخاوف تمامًا. هذه هي الطرق التي يعالج الإنسان نفسه من خلالها.

الثقة بالنفس لا يمكن أن يستعيدها الإنسان إذا حكم على نفسه من خلال مشاعره، لكنه يعيدها ويستشعرها إذا حكم على نفسه من خلال أفعاله (إنجازات – عمل) هذا هو المدخل والمخرج الوحيد لأن يكون الإنسان ثقة في نفسه، فالذي لا يدير وقته بصورة صحيحة، لا ينجز، لا يفعل، أعتقد أنه من المنطق أن لا يثق في نفسه، لأنه لا يعمل شيئًا، لكن الذي ينفذ ويعمل وينجز ويدير وقته بصورة صحيحة سوف يستشعر قيمة نفسه. هذا هو الذي أنصحك به.

الثقة بالنفس لا تأتي من فراغ، تأتي من خلال العمل، من خلال الطاقات، من خلال التطبيق الصحيح، من خلال أن يُدرك الإنسان أنه إذا غيّر نفسه فإن الله تعالى سوف يغيّره، لأن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، هنا تأتي الثقة بالنفس، وينمي الإنسان نفسه ويؤكد ذاته من خلال ذلك، وأنت بفضل الله تعالى لك القدرة التامة على ذلك.

أنا أنصحك أيضًا بتناول دواء بسيط جدًّا يزيل منك القلق والتوتر الاجتماعي، هنالك دواء يعرف تجاريًا باسم (زيروكسات) مشهور جدًّا ومعروف، واسمه العلمي هو (باروكستين) تناوله بجرعة صغيرة، أعتقد أنه سوف يفيدك تمامًا، وهو دواء سليم وفاعل. الجرعة هي أن تبدأ بعشرة مليجرام –أي نصف حبة– تتناولها يوميًا لمدة أسبوعين، بعد ذلك ترفعها إلى حبة كاملة وتتناولها لمدة أربعة أشهر، ثم تخفضها إلى نصف حبة يوميًا لمدة شهر، ثم نصف حبة يومًا بعد يوم لمدة أسبوعين، ثم تتوقف عن تناول الدواء.

هذا هو الذي أود أن أنصحك به، وإذا أتيحت لك الفرصة أيضًا أن تقابل أحد الأطباء في البحرين فهذا أمر جيد، هنالك الأخ الدكتور (أحمد الأنصاري) طبيب نفسي فاضل جدًّا ومتميز، فإن رأيت أن تقابله هذا أيضًا سوف يكون مفيدًا لك -بإذن الله تعالى-.

بارك الله فيك وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً