الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أشعر بمخاوف غريبة من إلحاق الناس الأذى بي!

السؤال

السلام عليكم

الله يجزيكم الخير على هذا الموقع.

لن أطيل عليكم، زادكم الله عمراً، ومشكلتي تبدأ من أني أخاف جدا على نفسي من الناس الغرباء فقط, في كل شيء، بأن يقتلوني أو يغتصبوني أو يخطفوني من كل شيء، دائما لا أشعر بالأمان مع الناس الغرباء.

عندما تواجهني مشكلة أخاف كثيرا وأقلق، وأفكر بأسوأ الاحتمالات، فمثلا لو اتصل بي أحد غريب بغير قصد أو بقصد، أفكر أنه سيقتلني أو يسيء إليّ بعدة طرق، وأعيش لحظات خوف كبيرة وقلق قد تطول ليومين، لا أعرف النوم فيها، وعندما كنت صغيرا مررت بطفولة صعبة، وضربت كثيرا في صغري من أعمامي بسبب خطأ قد ارتكبته.

علما بأن أبي لم يضربني أبدا، لا بصغري ولا وأنا كبير، مررت بحادثة في صغري أني شاهدت رجلا ميتا أمامي، خفت جدا؛ لأني صغير بعد هذه الحادثة، أصبحت أخاف على أخواتي الصغار كثيراً من أي شيء، ولا أسمح لهم بالذهاب إلى أي مكان، بعد سبع سنوات لم أعد أخاف عليهن، ولكن صرت أخاف على نفسي، كما شرحت لكم (أني أخاف الموت كثيرا؛ لأني أعتقد أني لن أدخل الجنة، علما أني أصلي وأصوم وأزكي، ولكني مرتكب بعض المعاصي).

ملاحظة مهمة: عندما يواجه أصدقائي أو أقربائي مشاكل مهما كانت صعبة أو سيئة أساعدهم جدا، ولا أخاف، حتى يمكن أن أضرب بشدة في المشكلة، لا يهمني، ولا أقلق ولا أخاف حتى من الموت أبداً!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فنشكر لك ثقتك في إسلام ويب، وأود أن أبدأ بأن أطمئنك بأنني درست رسالتك بكل دقة، وهي فعلاً ملفتة للنظر؛ لأنها من حيث التشخيص الحالة التي تعاني منها ليست مطابقة مائة بالمائة لحالات المخاوف المعروفة، وحالتك حقيقة تشخص بأنها نوع نادر من المخاوف الوسواسية، فهنالك وساوس لا شك في ذلك، اعتقادك أن الآخرين قد يقومون بإلحاق الأذى بك قتلاً أو اغتصابًا أو خطفًا، واعتقادك أيضًا أنك لن تدخل الجنة بالرغم من العمل الطيب الذي تقوم به، وفوق ذلك رحمة الله فيها متسع بإذنه تعالى، هذه وسواس سلبية المحتويات، وجانب المخاوف فيها واضحة جدًّا كما ذكرت لك.

موضوع التنشئة والصعوبات التي قابلتها في الطفولة لا نستطيع أن نتجاهلها بالطبع، لكن الخبرات السابقة ليس من الضروري أن تكون دائمًا سالبة مهما كانت سيئة وغير مواتية، فهي عبرة وهي خبرة، والآن المطلوب منك أن تفكر بإيجابية وتعيش حياتك بقوة، والمستقبل بأمل ورجاء، هذه هي المتطلبات.

أود أن أؤكد لك أن المخاوف الوسواسية تعالج عن طريق الأدوية، هنالك أدوية فعالة جدًّا ممتازة جدًّا، وحقيقة الدواء مهمته أن يؤدي إلى تنظيم منظومة كيميائية في داخل الدماغ تعرف بالموصلات العصبية، هذه يُعتقد أنه يحدث فيها شيء من التذبذب وعدم انتظام الإفراز.

إذن الدواء يصحح هذه المسارات، ومن ثم ترجع الأمور إلى وضعها الطبيعي، وهنا يحدث إن شاء الله تعالى الارتياح وتختفي هذه المخاوف.

أفضل دواء يعالج حالتك هو العقار الذي يعرف تجاريًا باسم (سبرالكس) واسمه العلمي هو (إستالوابرام) جرعة البداية هي تبدأ بعشرة مليجراما يوميًا، تتناولها بعد الأكل، يفضل ليلاً، تستمر عليها لمدة شهر، بعد ذلك ترفع الجرعة إلى عشرين مليجرامًا يوميًا، أي حبة واحدة من فئة العشرين مليجرامًا تستمر عليها لمدة أربعة أشهر، ثم تخفض الجرعة إلى عشرة مليجراما يوميًا لمدة ستة أشهر، ثم بعد ذلك تجعلها نصف حبة –أي خمسة مليجراما– وتناولها يوميًا لمدة شهر، ثم تتوقف عن تناول الدواء.

هذا من الأدوية المتميزة لعلاج المخاوف والوساوس والقلق والتوتر، ويحسن المزاج بصورة واضحة جدًّا -أسأل الله تعالى أن ينفعك به- وأنا أطمئنك تمامًا أن الدواء سليم وأنه غير إدماني، وهو يعتبر الآن من أفضل الأدوية المتوفرة بين أيدينا.

الجوانب العلاجية الأخرى بالطبع هي أن تسعى لتحقير هذه الأفكار، فهي أفكار متسلطة ومستحوذة وليست ذات قيمة، وأنت على قناعة بأنها سخيفة، وما دامت سخيفة يجب أن تلفظ ويجب أن ترفض وتغلق جميع الأبواب دونها، ومما لا شك فيه أن انشغالك بأمور أكثر فائدة سوف يفيدك، وهذا تصل إليه من خلال حسن إدارة الوقت.

الوقت مهم جدًّا عندنا نحن المسلمين، ويجب أن نقدر ذلك، الوقت حقيقة هو المكون الرئيسي في حياة الإنسان إذا استفاد منه وتم استغلاله بصورة صحيحة، يستطيع الإنسان أن يدير حياته أيضًا بصورة صحيحة.

هنالك أنشطة كثيرة مختلفة أرجو أن تدخل فيها: طور نفسك من ناحية العمل، زد من مهاراتك الاجتماعية، احضر حلقات التلاوة، مارس الرياضة، إضافات كثيرة جدًّا يستطيع الإنسان أن يضيفها لنفسه، وإن شاء الله تفيده على نطاق الدنيا والآخرة.

أسأل الله لك العافية والشفاء، ونشكرك كثيرًا على التواصل مع إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً