الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

محتار في أمر خطيبتي ... هل أطلقها أم أصبر عليها؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته,,,

تقدمت لخطبة فتاة جامعية منذ ثلاثة أشهر, وهذه الفتاة تتحلى بالصفات التي تخطب لأجلها المرأة, فهي ما شاء الله ملتزمة، مواظبة على الصلاة, جميلة، وأهلها محترمون؛ لهذه الأسباب قمت بخطبتها.

هذه الفتاة مرت بتجربة قاسية مع خطيبها الأول, والذي عقد عليها, ولكن وقبل إتمام الزفاف حاول النيل منها وأخذ ما يريد, وفعل ما فعل, ولكنه لم يستطع فض بكارتها بالكامل, وعندما علم أهلها قاموا بخلعه في المحكمة, وأنا قبل الخطبة علمت بهذا الأمر، لكني عندما فكرت واستخرت الله كثيرا قررت ألا أكترث لهذا الموضوع, وأن أتقدم لخطبتها, وأرى هل سنتقرب من بعضنا أم لا.

المشكلة أنه وبعد الخطبة وعندما بدأنا نكلم بعضنا بالهاتف، بدأت أحس بالنفور من كل شيء فيها، من صوتها, من طريقة كلامها فهي ليست بالإنسانة المرحة, والخفيفة الظل, بدأت أشعر بأنني مكره على فعل كل شيء من مكالمات وزيارات لأهلها - الذين أيضا أشعر بالملل منهم لأنهم من النوع الرتيب-, حتى عندما يذكر اسمها أمامي -والذي أيضا لا يعجبني- أشعر بالانزعاج, صرت دائما لا أحب أن أفكر فيها, وأحتج بأن عملي يشغلني, وعند عودتي إلى المنزل أحادثها مدة قصيرة, ثم أخلد للنوم, من جهتها فإنها حاولت أن تتقرب مني في البداية, لكن لم يجدِ ذلك معي نفعًا, وأردتُ دائمًا الهروب منها، وهذا ما جعل الأمور بيننا تسوء, فهي تشكو من قلة اهتمامي بها, وأني غير مهتم لأمرها, أنا لا أشعر بالارتياح والسعادة معها.

أفكر كثيرًا بتركها, وصليت صلاة الاستخارة كثيرًا, وأدعو الله سبحانه وتعالى أن يلهمني اتخاذ القرار الصحيح, وعندما أزن الأمور من الناحية العقلية أجد أنها تتحلى بالكثير من الميزات عن أغلب فتيات هذا الجيل المستهترات وغير الملتزمات, ولكن من الناحية القلبية والعاطفية تكمن المشكلة, فهي لم تدخل قلبي, أو لم أستطع أن أحبها؛ فعقلي يختارها, وقلبي يرفضها.

فهل يمكن أن أعيش مع إنسانة أنفر منها، خاصة وأنه بعد الزواج تزيد المسؤوليات والمشاكل؟
هل أقوم بالبحث عن فتاة أخرى تحبني وأحبها وأشعر بالسعادة والارتياح معها؟ أم أتوكل على الله وأكمل مع هذه البنت مشوار حياتي معها؟

أنا متخوف من اتخاذ هذه الخطوة؛ كي لا أظلمها, وكي لا أكسر قلبها مرة أخرى, ولعلي بهذا القرار أكون قد ضيعت على نفسي خيرًا كثيرًا عند تركها, وهل سأجد بالأساس أفضل منها؟

اعذروني كثيرًا للإطالة، لكنس يجب أن أعرض الموضوع بالتفصيل.

أفيدوني -جعل الله ذلك في ميزان حسناتكم-.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فمرحبًا بك -أيها الأخ الحبيب- في استشارات إسلام ويب, نحن نشكر لك أولًا -أيها الحبيب- حرصك على عدم إيذاء هذه الأخت, وإيصال أي ضرر نفسي إليها, وتوقيك من ظلمها, وكسر قلبها، وهذا دليل على رقة في مشاعرك, وحسن خلقك، ونسأل الله تعالى أن يجعل ذلك سببًا لسعادتك, وتقدير الخير لك.

نحن وصيتنا لك -أيها الحبيب- أن تنظر في هذه الفتاة من زوايا عديدة، فحسن خلقها وكمال دينها أمر يرغب في الزواج بها بلا شك، وهذا الذي ينبغي للإنسان أن يحرص عليه قبل أي شيء آخر، فقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : (فاظفر بذات الدين تربت يداك), ولكن هذا لا يعني إهمال ما تحتاجه النفس في الزوجة؛ فإن الزوجة ينبغي أن تكون سكنًا للرجل, ومن ثم فيحرص على أن تتوفر في زوجته ما تصبوا إليه نفسه, وما تقتنع نفسه به من حيث الجمال؛ فإن المرأة الصالحة إذا نظر إليها سرته كما جاء في الحديث، وإذا أمرها أطاعته، وإذا غاب عنها حفظته في نفسها وماله.

فلا تُهمل هذه الجوانب بالكلية، ولا تبالغ أيضًا في أن تبحث عن جمال فائق, وصفات مكتملة, مع دين كامل، فهذا نادر الوجود، فإذا كنت تجد في هذه الفتاة الحد الذي تقبله النفس, وتقتنع به من حيث الجمال, فنصيحتنا لك أن لا تفرط فيها ما دامت على الوصف الذي وصفت من دينها؛ فإن البيوت لا تُبنى على الحب وحده؛ فإن الزوج يحتاج من زوجته إلى أشياء كثيرة غير خلقتها وهيأتها.

وهذا الجمال الذي تتعلق به الأعين والنفوس في أول الأمر تغيب آثاره بعد سنوات من الزواج, ويبدأ الزوج يشعر بالحاجة إلى الجمال الباطن، جمال الخلق, وكمال الدين الذي يبعث المرأة على القيام بحقوق زوجها, وحقوق أبنائها.

وكثيرًا من الحالات يسعد الزوج -أيها الحبيب- وتسعد الحياة الزوجية بسبب نقص في جمال المرأة؛ فإن هذا النقص يدعوها غالبًا إلى أن تكمّل هذا النقص بالمبالغة في طاعة الزوج, والحرص على إرضائه, والعمل على القيام بتربية أبنائها على الوجه الأكمل، إلى غير ذلك من المقاصد المهمة في الحياة الزوجية.

فهذه نصيحتنا لك -أيها الحبيب- إذا كنت تجد فيها ما تقتنع به النفس من الجمال, وحسن الخلقة؛ فلا تفرط فيها، مع تكرار الاستخارة لله تعالى, ومشاورة من حولك من محارمك في هذه الفتاة، وإذا رأيت أنك منصرف عنها, تنفر منها, فإن تركها في أول الطريق خير من أن تعيش معها حياة ملؤها القلق والاضطراب، ولعل الله عز وجل أن يُخلف عليها بخير منك، ويُخلف عليك أنت بخير منها؛ فإن الله عز وجل يُغني كلاً من سعته، والله واسع حيكم.

ولا ننسى -أيها الحبيب- أن ننبهك إلى أنه ربما كانت هذه المشاعر من النفرة من شؤم الوقوع في المخالفة؛ فإن الله عز وجل أمر المرأة بأن تلتزم أحكامًا في علاقتها مع الرجل الأجنبي، وأمر الرجل كذلك، والمرأة حال الخطبة لا تزال أجنبية عن الخاطب، وهو أجنبي عنها حتى يعقد عليها العقد، ومن ثم فالعلاقة خلال هذه الفترة ينبغي أن تكون محفوفة بسياج الأدب، وواقفة عند حدود الشرع، فلا يجوز للمرأة أن تضع حجابها أمام الرجل, ولا أن تتكلم معه بكلام فيه خضوع ولين، ولا أن تختلي به، فكل هذا محرم حتى يتم العقد الشرعي, فوصيتنا لك أن تحافظ على هذه الآداب والحقوق الشرعية.

نسأل الله تعالى أن يقدر لك الخير حيث كان.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً