الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من نوبة هلع وضرب أي شيء يقابلني، فكيف أتعامل معها؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

عمري (25) سنة، مصاب بنوبات الهلع، وأستخدم دواء (zyprfavarin)
250 ملجم، خمس حبات، و (clomiprmine) حبة واحدة، الآن أنا في الشهر الأول من تناول هذه الأدوية، في أول أسبوع شعرت بتحسن، وبعد أسبوع انتكست حالتي إلى نوبات هلع متكررة طول اليوم، أصبحت الآن أعاني بعد نوبة الهلع من نوبة من العنف والرغبة بضرب وتكسير أي شيء يقابلني، النوبة تأتيني بشعور بفقدان الذات وفعل أي شيء خارج عن السيطرة بكل شيء يتعلق في زوجتي، صحتي، ووساوس وأفكار سوداء وحزن واكتئاب، أصبح لدي حذر أثناء خروجي من المنزل، وأثناء تواجدي وحيداً، أريد أن أكون محاطاً بأهلي وأشخاص يعتمد عليهم طوال الوقت!

قرأت العديد من النصائح، وهي احتقار الفكرة الوسواسية، كيف أحتقر هذه الأفكار؟ خصوصاً وهي تصر عليّ؟ وما هو أفضل علاج سلوكي لنوبات الهلع؟ وكيف أتعامل مع نوبة الهلع أثناء حدوثها؟

أريد أن أكون وحيداً بعض الأحيان، وأتجول بمفردي وأنا مرتاح، لقد سئمت هذه النوبات، أريد أن أكون طبيعياً في حياتي، النوبات تدمر حياتي، فكرت أكثر من مرة بالانتحار، لقد سئمت!

علاقاتي بالآخرين تأثرت، أريد أن أكون بالمنزل أغلب أوقاتي، دوامي كطبيب تأثر، أصبحت لا أواظب على عملي، خوف ورعب وترقب للنوبات، لقد تعب عقلي وقلبي منها.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ تركي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،

فيجب أولاً أن لا تيأس ولا تسأم، بل وببساطة شديدة ليس هنالك ما يدعوك لذلك، فهذه الحالات مهما كانت مزعجة نفسيًا، إلا أنها في نهاية الأمر سوف تنتهي، والحياة ليست هكذا على الدوام، بل إن الله تعالى قال: {وتلك الأيام نداولها بين الناس} والإنسان بطبعه يمكنه أن يتكيف وأن يتواءم مع حالته مهما كانت قاسية، وهذه الحالات النفسية لا يمكن أن نعتبرها بالشدة والقسوة والسوء مقارنة بأمراض أخرى كثيرة.

علاجك يتكون من ثلاثة محاور:

المحور الأول هو أولاً: أن تعرف أنك لست في مصيبة، وليس أمراً مستعصياً، وأن تجعل التفكير الإيجابي دائمًا هو منهجك.

ثانيًا: الأدوية جيدة ومفيدة، لكنها تتطلب الالتزام التام بتناول الجرعة في وقتها.

ثالثًا: التطبيقات السلوكية هي أمور بسيطة جدًّا، لكن تتطلب أيضًا أن يلتزم الإنسان بتطويرها، وأن يستشعر قيمتها، وأن يكون مركزًا عليها.

هناك نقطة رابعة في حالتك ومن وجهة نظري هي منطقية جدًّا، وهي: بما أنك طبيب أنا أرى أن الذهاب ومقابلة الطبيب النفسي في المنطقة التي تعمل بها سيكون أمرًا جيدًا ومفيدًا لك، وأنا متأكد أن الأخ الطبيب سيعطيك الكثير من وقته ويبذل معك جهدًا نافعًا، وهذا من أبسط متطلبات الأخوة والزمالة المهنية. هذا من ناحية.

من ناحية أخرى: أنا أعتقد أن الأدوية التي تتناولها تتطلب بعض المراجعات، الأنفرانيل دواء جيد وممتاز، لكن إذا فشل في فعاليته فهذا يعني أنه غير مفيد، وأنت كما تعرف أن هذا الدواء في حالة علاج المخاوف والوساوس لابد أن تكون الجرعة كبيرة، وهنا قد يصعب تحملها نسبة للآثار الجانبية.

أما بالنسبة للفافرين فهو أيضًا دواء جيد، لكن دراسات كثيرة تشير أنه ليس من المستحسن أن نجمع بين الفافرين والكلوإمبرامين (الأنفرانيل) خاصة إذا كان الأخير بجرعة كبيرة، لذا أنا أرى أن مقابلتك للطبيب ستكون جيدة، وستكون مفيدة، وسوف يتم تعديل الدواء، ومن وجهة نظري أن دواء واحداً مثل عقار سبرالكس (استالوبرام) سيكون مفيدًا جدًّا بالنسبة لك، والسبرالكس يمكن أيضًا تدعيمه بأحد الأدوية التدعيمية مثل إعطاء جرعة صغيرة من عقار رزبريادون (رزبريادال).

نوبات العنف التي تنتابك من وقت لآخر تجعلني أتوقف عند هذا الموضوع، وهذا من وجهة نظري يتطلب إجراء فحوصات مثل تخطيط الدماغ، لأنه ربما يكون لديك بعض الاضطراب البسيط في كهرباء الدماغ – أرجو أن لا تنزعج لهذا الأمر – والاحتمال التشخيصي الآخر هو أنه بجانب قلق المخاوف والوساوس لديك صعوبة في التحكم في النزعات، وإذا كان الأمر كذلك فإنه يتطلب إضافة دواء آخر من مثبتات المزاج مثل عقار تجراتول، فهو مفيد جدًّا في مثل هذه الحالات، إذن مقابلتك للطبيب أصبحت مهمة وضرورية وحتمية.

عدم شعورك بالطمأنينة حين تكون لوحدك هو دليل أيضًا أنك تعاني من درجة بسيطة من رهاب الساح، وكثيرًا ما نشاهده مع حالات الهلع والقلق.

مرة أخرى أقول لك: لا تسأم الحياة، حسّن علاقتك بالآخرين، عليك بالدعاء، وبالنسبة لأفضل علاج سلوكي لنوبات الهلع هو تفهمها، تجاهلها، تحقيرها، وصرف الانتباه بالدخول في نشاطات أخرى، ولا شك أن تمارين الاسترخاء مهمة وذات فعالية علاجية خاصة جدًّا، فالرهاب والخوف والقلق والوساوس في أصلها قلق، والقلق مضاده هو الاسترخاء، والاسترخاء الذي يمكن الحصول على فائدته بصورة صحيحة هو الاسترخاء الذي يُطبق بصورة علمية جيدة، وفي ذات الوقت أرجو أن أنبهك بأن الممارسات الرياضية أيًّا كان نوعها سوف تفيدك كثيرًا، فعليك أن تكون حريصًا على ذلك.

من الناحية المهنية: اسع دائمًا لأن تطور نفسك، شارك في المحاضرات وورش العمل، كن باحثًا جيدًا، فالطب علم يتطلب مواصلة التعليم والتعلم والتفاعل الإيجابي مع الزملاء، ولابد أن تتعامل مع مرضاك بكل احترام وتقدير وجدية وتحتسب الأجر عند الله تعالى.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً