الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ضيعت نفسي بترك الوظائف بسبب رهابي وخجلي، فما الحل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أما بعد:

للمرة الثانية أحصل فيها على وظيفة يتمناها أي شاب عاطل، ولكن من أول يوم فيها لا أرجع لها - ويأتيني صداع شديد، وأشعر بالمرض والضعف، وأشعر أنني أريد أن أذهب لمستشفى بسبب ضعف أطراف جسمي والصداع
الغير طبيعي.

لقد تركت للتو وظيفة بسبب الدورة التي ما قبل الوظيفة، وهذه الدورة فيها اختبار أمام الجميع لمهارات التواصل، وتحتوي الدورة على نشاطات مثل تمثيل أدوار، أو لعب الأدوار أمام الحضور لاختبار مهاراتي في الاتصال والإلقاء.

لم أعد للدورة، وتركتها رغم أن الوظيفة يتمناها أي شاب، فماذا أفعل؟ أنا لا أستطيع حتى مواجهة أصدقائي عن سبب تركي لهذه الوظيفة!! أشعر أنه خليط من الرهاب، وأيضاً أشكو من نوبات ضعف ومرض تأتيني عندما أحصل على أي وظيفة وأعزم على البدء فيها.

لا أدري ماذا أفعل!! وهل انتهى مستقبلي؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ الانطوائي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فأنا أقول لك أن مستقبلك قد بدأ ولم ينته، هذه هي النقطة الأولى!

النقطة الثانية: أعتقد أنه من الأفضل أن نتفق أن لا تسمي نفسك بالانطوائي.

هذه المسميات حتى وإن أُخذت من قبيل التعبير عن مشاعر ما إلا أنها خطيرة جدًّا، لأن المفاهيم تأتي للناس في شكل أحاسيس ومن ثم تصبح واقعا في حياتهم.

أنا أقدر ما تعانيه مع قلق الرهاب الاجتماعي وهذا تشخيص حالتك، ولا أعتقد أبدًا أنك تعاني من ضعف في جسدك، وحتى الصداع الذي تعاني منه هو أحد نتائج القلق، والذي في الأصل هو مركب من مركبات الرهاب الاجتماعي.

الذي أريده منك هو أولاً: أن تكون أكثر ثقة في نفسك، وهذا يتأتى من خلال أن تحقر المشاعر السلبية وتبني مشاعر إيجابية، وتبدأ في خطوات عملية من أجل التفاعل مع الناس، وأفضل تفاعل مع الناس هو أن تصلي في المسجد الصلوات الخمس، وتكون في الصف الأول بقدر المستطاع.

ثانيًا: عليك بزيارة الأرحام وبر الوالدين، هذا تواصل اجتماعي ممتاز جدًّا.

ثالثًا: يجب أن تقنع نفسك أن مشاعرك هذه كلها سالبة وليست حقيقية، وأنك لست بأقل من الآخرين، وهم ليسوا بأفضل منك. العلاقة بين البشر يجب أن تقوم على الاحترام، لكنا لا نرفع الناس فوق مقامهم الإنساني. كل الناس من لحم ودم ومشاعر ووجدان، وهم يأكلون وينامون ويذهبون لقضاء حاجتهم ويمرضون ويموتون.

أي إنسان يجب أن تنظر إليه من هذا المنحى، وهذا سوف يقلل كثيرًا مما نسميه التفكير المبالغ فيه في تقدير ذوات الآخرين على حساب الإنسان وشخصيته، يعني الذي يتهيب الآخرين هذا يعني أنه قد قدر ذواتهم وحقر ذاته، وهذا ليس صحيحًا، على الأقل من الإنصاف أن ينظر الإنسان إلى نفسه مثل الآخرين. أعتقد أن ذلك منطق سلوكي مهم.

تطبيق عملي يجب أن تلجأ إليه: يجب أن تعيش في الخيال مواقف مماثلة للتي كان من المفترض أن تقوم بها في الدورة، مثل تمثيل الأدوار أو لعب الأدوار أمام الحضور. عش هذا المشهد في خيالك، وقم بتطبيقه حتى مع نفسك.

كل الناس تطور مهاراتها من خلال التدريب ومن خلال المواجهة، وهذا أمر ممكن جدًّا، وليس هنالك ما يمنع أن تقوم بتصوير نفسك عن طريق الفيديو وأن تلعب هذه الأدوار التمثيلية، هذا أمر مهم وسهل جدًّا.

انقل نفسك إلى خيال آخر: تصور نفسك أنه قد طُلب منك أن تصلي بالناس، وهذا من المواقع الصعبة، الصلاة لها منزلتها الخاصة في حياة الناس، وأن تكون إمامًا، هذا ليس بالأمر السهل، ولكنه من الأمور الممكنة جدًّا، والأمور التي تحف الإنسان فيها الطمأنينة والراحة النفسية الداخلية.

أنت محتاج للأدوية، والأدوية مفيدة جدًّا، ويا حبذا لو تواصلت مع طبيب نفسي، وهم كثر جدًّا في المملكة العربية السعودية، وإن لم يكن بالإمكان أن تتواصل مع الطبيب النفسي فيمكنك أن تذهب إلى الصيدلية وتتحصل على عقار زيروكسات – والذي يعرف علميًا باسم باروكستين – فهو من الأدوية الممتازة لعلاج الرهاب الاجتماعي.

ابدأ بجرعة نصف حبة – أي عشرة مليجرام – تناولها ليلاً بعد الأكل، وبعد عشرة أيام اجعلها حبة كاملة، استمر عليها لمدة شهر، ثم اجعلها حبتين في اليوم، وهذه هي الجرعة العلاجية المطلوبة في مثل حالتك. تناول حبة صباحًا وحبة مساءً، واستمر عليها لمدة أربعة أشهر، ثم اجعلها حبة ونصف يوميًا لمدة شهرين، ثم اجعلها حبة واحدة يوميًا لمدة ستة أشهر، ثم خفضها إلى نصف حبة يوميًا لمدة شهر، ثم نصف حبة يومًا بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم توقف عن تناول الدواء.

وهنالك علاج آخر تدعيمي يعرف تجاريًا باسم (إندرال) أرجو أن تتناوله بجرعة عشرة مليجرام صباحًا ومساءً لمدة شهرين، ثم عشرة مليجرام صباحًا لمدة شهر، ثم توقف عن تناوله.

أضف إلى الإرشادات السلوكية السابقة والأدوية التي وصفناها لك: أرجو أيضًا أن تمارس الرياضة، فالرياضة تقوي الإنسان نفسيًا وجسديًا، وفي ذات الوقت حاول أن تطبق تمارين الاسترخاء، وللتدرب عليها يمكنك أن تتحصل على كتيب أو شريط أو CD أو تتصفح أحد المواقع على الإنترنت التي توضح كيفية القيام بهذه التمارين، أو إن أتيحت لك زيارة الطبيب النفسي، فقطعًا سوف يقوم بتدريبك عليها.

-------------
ولمزيد من الفائدة يرجى مراجعة الروابط التالية حول العلاج السلوكي للرهاب: ( 269653 - 277592 - 259326 - 264538 - 262637 ).


بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك مستقبلاً باهرًا، ونشكرك على تواصلك مع إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً