الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الإحساس بقرب الموت يشل تفكيري، فما المخرج؟

السؤال

السلام عليكم.
أرجو أن تساعدوني فأنا في حالة مضطربة جدا، إحساس بالموت قادم في كل حين، تعود هذه الحالة إلى زمن بعيد، وعند كل مشكلة ترجع لتخيم على أفكاري سأشرح حالتي بدقة.

أنا زوجة وأم منذ اثنين وعشرين سنة، تزوجت من إنسان اخترته، وتحديت أهلي وأقنعتهم بصعوبة؛ لأنهم خائفون علي من الغربة، أنا أجنبية من عائلة ميسورة
وزوجي من منطقة شعبية في مصر، ولكن ما يميزه هو التزامه وأخلاقه، وكنت أتمني أن أتدين وأتقرب إلى الله.

في أول سنة حصلت مشاكل وعدم تأقلم مع الكل؛ لأن التقاليد مختلفة تماما، وكنت أشتاق كثيرا لأهلي وبيتنا الكبير، وكنت أحس أنني أختنق، وما كان يهون علي أنني حملت في طفلي الأول، وعند ولادته وفي الأسبوع دخلت في حالة خوف شديدة، وإحساس أنني سأموت.
واضطربت حياتي كلها لمدة تسعة أشهر، وأهملت نفسي وولدي وزوجي، وبعدها ذهبت إلى العمرة وزرت أهلي، تحسنت حالتي وكنت قد حملت في بنتي واستمرت الحياة.

عاد الخوف والهلع، وأن الموت يقترب بعد ولادتي ابني الثالث بعد عشر سنوات من الزواج، وحصول بعض المشاكل الزوجية، ولكنها لم تستمر كثيرا، وفي مرة كنت أتفرج في التلفاز انتابني نفس الإحساس، وازدادت ضربات قلبي، ودخلت في هستريا، ولكن أسرعت إلى المسجد وصليت وطلبت من الناس الدعاء، فسرعان ما انفرجت، واستمرت الحياة.

قبل أشهر سمعت بوفاة أمي في حادث، حصل لي ذهول وسافرت مسرعة لرؤيتها قبل الدفن، وكنت غير متزنة، وأصبحت أخشى الوجود لوحدي، وأنام بصعوبة، وازدادت حالتي سوءا بعد موت خالي بعدها، والآن أنا في انتظار الموت في كل لحظة، وأي شيء يحصل أقول: لماذا يحصل؟ وأتذكر الموتى، وأقارن حياتي بهم، وكل إنسان في عائلتي مات أو في عائلة زوجي أتذكره، رغم أنني لم يكن في بالي ومشكلتي كلها كيف أواجه الموت بكل ذنوبي، وأتذكر كل الذي عملته حتى في صغري، وعندي استرسالي في فكري لا أقدر على السيطرة على نفسي، والخوف من الله يهز كياني.

أفيدوني فأنا في دوامة ستقتلني، علما أني أعاني من زيادة إفرازات الغدة الدرقية.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نبيلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

شكرا لك على السؤال، والذي يشير لعدد من الجوانب.

الغالب، ومن خلال وصفك في سؤالك، أن الحالة التي مررت بها بعد الحمل الأول، وتكررت ثانية بعد الحمل الثاني هي حالة من "اكتئاب ما بعد الولادة"؛ حيث عانيت من الاضطراب والقلق على نفسك وعلى طفلك، وهذه عادة أعراض هذا النوع من الاكتئاب، بالإضافة إلى أعراض أخرى كاضطرابات النوم والشهية للطعام، والبكاء وشيء من اليأس والأفكار السوداوية، ولا غرابة أنك عانيت بعد الحمل الأول مدة تسعة أشهر، فهذا ما يحدث عادة، حيث يمكن أن يحدث الشفاء الطبيعي بعد مرور أشهر على الإصابة بعد الولادة، وإن كانت المعالجة الصحيحة تقصّر هذه المدة كثيرا، ويحسن علاقة الأم بطفلها، ويمنع حدوث ما لا يسرّ.

واكتئاب ما بعد الولادة قد يصيب 15% من الأمهات بعد الولادة، والصفة الأخرى لهذا النوع من الاكتئاب هو ارتفاع احتمالات تكراره مع الحمل التالي والذي بعده.

وقد يجعل هذا الاكتئاب أن السيدة تشعر بالقلق والرهاب، وكذلك تصبح شديدة الحساسية لبعض مخاوفها، وإذا ما حدث حادث ما في حياتها، وكما حدث معك من وفيات في الأسرة، فإذا أنت شديدة الحساسية لكل ما له علاقة بالموت، وكما ذكرت في سؤالك.

فهذه الحالة هي نوع من الرهاب، والغالب أيضا أن هذا الرهاب قريب الصلة أصلا بالاكتئاب الذي بدأ معك بعد الولادة الأولى والثانية.

أنصحك بمراجعة طبيب نفسي، ليتأكد أولا التشخيص، ومن ثم يصف لك الدواء المضاد للاكتئاب المناسب، ونسبة التعافي عادة عالية في مثل هذا النوع من الاكتئاب، والأعراض المرافقة.

ومن المفيد التنبيه أيضا إلى أن الحالة التي شعرت بها عندما تسارعت ضربات قلبك وشعرت بالاضطراب؛ يمكن أن تكون أعراضا لزيادة نشاط الغدة الدرقية، والاحتمال الآخر أنها نوبة من نوبات الذعر الكثيرة الحدوث، والشيء الذي يؤكد التشخيص هو فحص الغدة الدرقية.

وفقك الله.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً