الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

بعد سماعي للرقية أتتني تخيلات وأوهام فكيف أتخلص منها؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

جزاك الله خيرا يا دكتور، وجعله في ميزان حسناتك، أنا -والحمد لله- لا أعاني من أي شيء، متزوجة وأعيش في مدينة بعيدة عن أهلي، ولكن ذهبت عند أهلي قبل ثلاثة أشهر، وكان ابني كثير الحركة وعنيفاً، فقالت لي أمي أن أذهب إلى قارئة تقرأ عليه الرقية فوافقت وذهبنا إليها لكي تقرأ، وكنا نجلس في مكان واسع مليء بالنساء، وإلى الآن كان وضعي طبيعياً جداً، فبدأت تقرأ، وكان المكان فيه في كل زاوية سماعة كبيرة، والصوت مرتفع جداً، لدرجة أن ابني أخذ يضع يده على أذنيه، وكان صوتها ممزوجاً بوشوشة ومرتفعاً جداً، تمالكت نفسي إلى أن فرغت من القراءة وخرجت بالسيارة، وكنت أرتجف من الخوف، وبطني ترجف.

ذهبنا إلى المنزل ومن هنا بدأ الوسواس معي، ظننت أن بي شيئاً ولكن -الحمد لله- ما استطعت أن أنسى صوتها والمكان، والآن صرت أشك في نفسي أن بي شيئاً، ويراودني هذا الشك باستمرار، أصبحت عصبية، وإذا فكرت أن بي مساً أو شيئاً أرجف، وتبرد أطرافي وأتخيل أصواتاً وأني غير طبيعية، وأني إذا سمعت القرآن سوف أصرخ، وقمت أتخيل أشياء ولا أستطيع النوم إلا بعد ساعتين من الخلود إلى السرير، وأنا مقتنعة بأنها وساوس وتوهمات.

ذهبت إلى دكتوره مخ وأعصاب ووصفت حالتي بقلق نفسي، وصرفت لي (سيبراليكس 10ملجم ومورزاجين) للنوم، واستخدمت (السيبراليكس) ثلاثة أيام وأحسست بخمول وكسل وغثيان، ثم توقفت عنه، تعبت نفسياً من القلق، رجعت لأهلي ونصحتني أمي بالإكثار من القرآن وأذكار الصباح والمساء والاستغفار، -والحمد لله- خف القلق نسبياً، لكن عند النوم يزداد بشدة؛ لأني لوحدي وأخاف أن أرجع لبيتي فتزيد حالتي، وزوجي يكون أغلب وقته في العمل، فبماذا تنصحني يا دكتور؟ وسمعت أن (السيبراليكس) يسبب اكتئاباً فهل هذا صحيح؟ بالرغم من أني اجتماعية ولا أعاني من اكتئاب – الحمد لله -، ولكنه موقف أثر في حياتي، ولكم جزيل الشكر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم الوليد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أنا أتعاطف معك جداً؛ لأنك بالفعل وضعت نفسك في تجربة مخيفة، هذه السماعة التي توضع ويقرأ من خلالها القرآن، ويقال أنها تعالج الناس، هذا كلام فيه الكثير من عدم الدقة، وهو حقيقة فيه سلبيات كثيرة، والذين يمارسون هذه الممارسات يعتمدون على التأثير الإيحائي وفرض سلطة علاجية واهية، ولا أعتقد أنهم يعتمدون على أي ثوابت شرعية فيما يقومون به من ممارسة.

التجربة أتفق معك أنها مفزعة، لم يكن هنالك أبداً أي داع للذهاب إلى مثل هذا المكان، فالإنسان يمكنه أن يتدبر كتاب الله تعالى لوحده، والأمر واضح والحق واضح، حتى إذا أراد الإنسان أن يذهب لراقٍ أو قارئ يجب أن يذهب إلى أهل العلم والمعرفة، فهذا هو المطلوب، وأعتقد أن المؤثر النفسي كان عليك كبيراً من الذي حدث، مما أدى إلى ظهور هذه الوسوسة والتوتر، وأصبت أيضاً بما يمكن أن نسميه درجة بسيطة من عصاب الصدمة، وهو أيضاً ظاهرة نفسية مزعجة لصاحبها، لكنها ليست خطيرة أيتها الفاضلة الكريمة، الأمر انتهى ويجب أن لا تشغلي نفسك به أبداً، وما تعانين سوف يتلاشى، هي كلها تجارب نفسية عابرة، لكن حتى يعجل بالشفاء لا مانع أبداً أن تتناولي أحد الأدوية المضادة للمخاوف والوساوس، العقار الذي وصفه له الطبيب وهو (السبرالكس) هو عقار متميز وممتاز جداً، لكن كان من الأفضل أن تبدئي بجرعة (5) مليجرام، فالناس تتفاوت في حساسيتها وتحملها لهذه الأدوية.

عموماً إن أردت أن تستمري على (السبرالكس) فلا مانع من ذلك أبدًا، هو دواء يعالج الاكتئاب ولا يسبب الاكتئاب، وهو من أفضل الأدوية المضادة للوسوسة، يمكن أن تكون الجرعة (5) مليجرام فقط، أي نصف حبة تتناولينها يومياً لمدة عشرة أيام، وبعد ذلك اجعليها (10) مليجرام لمدة أربعة أشهر، ثم خفضيها إلى نصف حبة (5) مليجرام يومياً لمدة شهر، ثم (5) مليجرام يوماً بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم توقفي عن تناول الدواء.

إن رأيت أن هنالك حاجزاً نفسياً بينك وبين (السبرالكس) فأعتقد أن عقار (فافرين) سوف يكون دواءً جيداً في حالتك، والفافرين اسمه العلمي هو (فلوفكسمين Fluvoxamine) وجرعته (50) مليجراماً، يتم تناولها ليلاً بعد الأكل، وهذا مهم جداً؛ لأن هذا الدواء يسبب عسراً بسيطاً في الهضم لدى بعض الناس، لكن إذا تم تناوله بعد الأكل فهذا لا يحدث، ترفع الجرعة إلى (100) مليجرام بعد شهر من بداية الــ (50) مليجرام، وهذه الجرعة العلاجية التي يجب أن تستمري عليها لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفضي الجرعة إلى (50) مليجراماً ليلاً لمدة شهرين، ثم اجعليها (50) مليجراماً يوماً بعد يوم لمدة شهر، ثم توقفي عن تناول الدواء.

هنالك خيار ثالث: وهو عقار (بروزاك) والذي يعرف باسم (فلوكستين) يتميز (الفلوكستين) بأنه يزيد من الطاقات النفسية، وكذلك الجسدية، وجرعته كبسولة واحدة يتم تناولها صباحاً بعد الأكل، استمري عليها لمدة أربعة أشهر، ثم اجعليها كبسولة يوماً بعد يوم لمدة شهرين، ثم توقفي عن تناول الدواء.

بالنسبة للنوم أرجو أن تمارسي تمارين الاسترخاء، ولا تتناولي الشاي والقهوة بعد السادسة مساء، وكوني حريصة تماماً على أذكار النوم، وأنا على ثقة تامة أن هذه الحالة سوف تزول -بإذن الله تعالى- خاصة أن الإيجابيات كثيرة جداً في حياتك.

أسأل الله تعالى لك الصحة والعافية والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً