الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

معلوماتي العامة قليلة رغم أنني أقرأ كثيرًا، فماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أولا: وقبل كل شيء أحب أن أشكركم على هذا الجهد الرائع الذي تبذلونه من أجل حل مشاكلنا النفسية، والاجتماعية، والأسرية وغيرها ومن غير مقابل حتى ألف كلمة شكر لن تكفي حقكم.

مشكلتي بسيطة جدًا، وأعتقد بأني أستطيع أن أجد الحل عندكم، المشكلة كالتالي:

أنا شاب بسيط جدًا، أحب قراءة الكتب، والمقالات، والمواضيع الشيقة التي تتكلم عن الحياة الاجتماعية، أو القصص القصيرة التي غالبا ما يكون فيها حكم وقيمة تفيدني كثيرا بتنمية معلوماتي العامة، وتبني لي شخصية أفضل.

يمازحني أصدقائي في بعض الأحيان، بأنني شخص معقد بعض الشيء، أضيع أوقاتي بتلك الأشياء التافهة بنظرهم، فتارة يقولون بأني صغير على قراءة هذه الأشياء، وتارة أخرى يقولون بأنه لم يعد أحد يفعل هذا إلا أقل القليل.

كل هذا لا يزعجني، فأنا على الرغم من مزاحهم السخيف إلا أنني أعلم بأن ما أفعله صحيح بلا أدنى شك، لكن ما يزعجني أنه ورغم أنني الوحيد الذي أقرأ، وأطلع بينهم إلا أنني لا أملك معلومات عامة كما يملكونها، فهم يشاهدون رياضة كرة القدم بإدمان، وفيها عادة ما يذكر المعلق معلومات عامة، وإضافة إلى ذلك فيها مسابقات تقسم حسب دول العالم، كبطولة أمم أوروبا، وبطولة آسيا، وإفريقيا وغيرها.

ولأنهم مدمنون على مشاهدتها، فهم بطبيعة الحال سيحفظون الدول المشاركة بكل بطولة، فمنها يحفظون كل الدول الأفريقية، والأوروبية، والآسيوية وغيرها، أما أنا فضعيف جدا من هذا الناحية، فلا أستطيع أن أعدد لهم أكثر من عشر دول في كل قارة من هذه القارات، وعادة ما يمازحونني بجهلي بهذه الأشياء.

برأيكم كيف أتغلب على هذه المشكلة؟ أشعر أنني أقرأ وأقرأ، ولكنني لا أحفظ ما أقرأه، أو ما أحفظه أنساه بعد فترة قصيرة، وأيضا أحيانا أفقد الرغبة والعزيمة، وعندما وجدت نفسي ضعيفا في المعلومات الجغرافية كتبت على ورقة كل دول العالم وعواصمها حتى أحفظها، وقلت لنفسي سأحفظ عشرة كل يوم، لكنني توقفت منذ اليوم الثاني فورًا، بم تنصحونني؟

سؤال آخر:-

أنا الآن في إجازة حتى 25 مارس، ولذلك أحببت أن أفعل شيئا يفيدني بدلًا من أن أضيع هذا الوقت كله بأشياء لا تفيدني كالجلوس بالمقاهي، ومشاهدة التلفاز وغيرها، فما فعلته أنني اشتركت بناد داخلي في جامعتي الخاصة يسمى "نادي المهندسين" وهذا النادي منشأ من قبل الطلاب، ويدار من قبلهم أيضا، وعادة ما يقدم مشاريع هندسية عديدة كل سنة، فلذلك أحببت أن أكون مفيدًا، وأن أستفيد بنفس الوقت عندما أشترك معهم بذلك.

وجدت تشجيعا كبيرًا من أمي العزيزة، ومن إخوتي وزميلي في الفصل، إلا أن أصدقائي، وخصوصا عندما رأوني مشغولا بضعة أيام بهذه المشاريع لم يشجعوني أبدًا عليها، بل أصبحوا يلومونني على ذلك، ويقولون بأنهم لو كانوا في مكاني لما فعلوا ذلك، وكانوا يتحججون بقولهم ماذا ستستفيد من ما تفعله، فكنت أجيبهم بأن ما أستفيده شيئ معنوي، وليس ماديا، فسكتوا، لكنهم لم يقتنعوا بما أقول.

أنا دائما أسأل نفسي "لم لا يشجعني أصدقائي على ذلك؟"، فإذا كنت أريد أن أكون صريحا معكم، فإن هذا يزعجني جدًا، ويجعلني أشعر بالظلم بعض الشيء.

أخيرًا، وليس آخرا أحب أن أنبه على أنني أحب أصدقائي جدًا، وأنا على يقين تام بأنهم يبادلونني ذلك الشيء، فنحن أقرب إلى الإخوة من الأصدقاء، فنحن أصدقاء منذ أن كنت بالسادسة! أي ما يقارب 16 سنة، فلا أريد منكم أن تظنوا بأن أصدقائي لا يحبون لي الخير، بل هم عكس ذلك تماما.

آسف جدًا على الإطالة، وآسف جدًا إن كانت رسالتي مبهمة بعض الشيء، فلا أملك قدرة كبيرة على إيصال ما يحدث معي لكم بطريقة مفهومة، وكلي أمل أن تتفهموا وضعي وتعطوني الجواب الوافي.

شكرًا لكم جزيلًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ السائل حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

شكرا لك على السؤال، الطويل نعم إلا أنه واضح، ووصلت رسالتك، وشكرا على تقدير الجهد الذي يقدمه هذا الموقع.

يقول الرسول الكريم -عليه الصلاة والسلام-: "إعملوا فكل ميسّر لما خلق له".

أعتقد أن الذي كان يجب أن يكتب لنا عن مشكلته لست أنت، وإنما أصدقاؤك، فهم يبدو أنهم ليسوا فقط لا يحبون قراءة الكتب، وإنما يحاولون أيضا صرف من يقرأ عن القراءة، وهل هناك أمة سادت بغير القراءة، فنحن وكما تعلم أمة "اقرأ"، وربما عليهم أن يكتبوا؛ لأنهم يبدو أنهم، بالرغم من محبتك لهم كأصدقاء وهذا شئ طيب، يبدو أنهم أيضا لا يشجعون غيرهم على المشاريع والعمل، كنادي المهندسين الذي أحسنت بالانضمام إليه.

يبدو أنك تعطي رأي أصدقائك فيك، وفيما تقوم به من قراءة، واطلاع، ودراسة، وعمل، تعطيهم اهتماما أكبر مما يجب، ولا أرى أنك في حاجة لحفظ أسماء البلاد المختلفة، فأسماؤها موجودة في كتب كثيرة، وخرائط، ومواقع كثيرة، ويمكنك الذهاب إلى (غوغل) وتبحث عن البلد الذي تريد.

فإذا كنت لا تحب كثيرًا أخبار كرة القدم، فما المانع في هذا، طالما أن عندك مواضيعا أخرى تحوز على اهتمامك، ركز على المواد، والمواضيع التي ترتاح إليها وتنجذب للقراءة عنها، وكما ذكرت في بداية الجواب: قول الرسول الكريم -عليه الصلاة والسلام-: "اعملوا فكل ميسّر لما خلق له".

وربما سيكتشف أصدقاؤك، ولو بعد حين، الآثار الكبيرة للاطلاع والقراءة التي قمت بها خلال هذه السنين، وهذا بالإضافة لمتعة القراءة بحدّ ذاتها، ومشكلة أمتنا ليس أن فيها قراء كثرا، وإنما قلة من يقرأ.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً