الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أخاف من الذهاب للمناسبات والأكل أمام الناس .. فهل من علاج؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

تحية للأطباء هنا، وتحية لمحمد عبد العليم.

لدي رهاب اجتماعي، حيث أخاف من الذهاب للمناسبات، والأكل أمام الناس سواء في المطعم، أو غيره، وعند مقابلة الناس أرتجف ويحمر وجهي، ولا أتكلم وهذا أثر علي في العمل، وأحرجني مع زملائي في المدرسة، وأشعر بمراقبة الناس لي، وكذلك عند التحدث بالهاتف، والآن لي أكثر من عشر سنوات مصاب بالمرض، أتمنى أن أجد العلاج عندكم بعد الله سبحانه وتعالى.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ تركي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فلك الشكر والتقدير على تحيتك الطيبة، ونحن نبادلك تحية بمثلها ونقدرك، ونشكرك على ثقتك في هذا الموقع.

لقد لخصت شكواك بصورة جميلة، ومنسقة، وواضحة جدًا، وأنا أؤكد لك أنك بالفعل تعاني من درجة بسيطة إلى متوسطة مما يسمى بالرهاب الاجتماعي، فأنت الحمد لله تعالى تواصل عملك وصعوباتك هي فقط في الذهاب للمناسبات أو ارتياد المطاعم العامة، أو الأكل أمام الناس.

أما بالنسبة للشعور بالارتجاف واحمرار الوجه، فهذا ناتج من تغيرات فسيولوجية، وكثير من الأخوة الذين يشتكون هذه الشكوى على وجه الخصوص نعتقد أنه يوجد شيء من المبالغة في أحاسيسهم، ليس هنالك ارتجاف بالمعنى الحقيقي، ربما يكون هناك شيء بسيط، واحمرار الوجه ناتج من تدفق الدم، ولا أحد يلاحظه أبدًا، وتدفق الدم في الأصل ينتج من زيادة إفراز مادة تعرف باسم (مادة الأدرينالين)، فإذن هذه تغيرات فسيولوجية عادية جدًّا.

شعورك بمراقبة الناس لك، وعدم ارتياحك عند التحدث بالهاتف، هذا أيضًا عرضين رئيسين من أعراض الرهاب الاجتماعي.

أرجو أن تتفهم الآتي:
أولاً: أعراضك الآن هي أحاسيس خاصة بك، ولا يطلع عليها الناس.

ثانيًا: هنالك مبالغة كبيرة جدًّا في هذه الأحاسيس.

ثالثًا: وجود الخوف والرهاب الاجتماعي ليس دليلاً على ضعف شخصيتك، أو ضعف في إيمانك، إنما هو نوع من القلق النفسي – أي قلق المخاوف المكتسبة – وربما يكون نتج عن مفاهيم خاطئة، أو أنك كنت عرضة لبعض المخاوف في الصغر.

رابعًا: أهم وسيلة للعلاج هي المواجهة، والمواجهة تكون عن طريق التحقير، أي أن تحقر فكرة الخوف، وتنظر إلى نفسك بإيجابية، وتؤكد ذاتك بأنك لست أقل من الآخرين، وهذه حقيقة،ثم بعد ذلك تبدأ التمارين التطبيقية، وأهم التمارين أن تشارك الناس في مناسباتهم، يجب أن تستشعر أهمية هذا الأمر، ومن الطرق الجميلة جدًّا أن يكون الإنسان قلبه معلق بالمساجد، وأن يرتادها، وأن يصلي مع الجماعة، هذا فيه نوع من التعريض النفسي الإيجابي الذي يمنع الاستجابة السلبية.

بالنسبة للذهاب إلى المناسبات: ابدأ بالأقارب، ابدأ بالأرحام، بالجيران، شاركهم في مناسبتهم الصغيرة والكبيرة. هذا نوع من التعريض الإيجابي جدًّا، أيضًا يجب أن ترتاد المطاعم، ولا ترفض ذلك أبدًا، ادعُ أصدقائك متى ما كان هذا مناسبًا، فالتعريض هو وسيلة طرد الخوف الاجتماعي، مارس رياضة جماعية مع أي مجموعة من الشباب.

وهنالك أبحاث تشير إلى أن الانخراط في أعمال الخير، والأعمال التطوعية، والأنشطة الاجتماعية، والثقافية يعود بعائد إيجابي كبير على الإنسان، ويقلل وطأة الخوف والرهاب والقلق، ويشعرك بالرضى؛ لأن مهاراتك الاجتماعية تكون قد تطورت.

الجزء الأخير في العلاج هو العلاج الدوائي – وهو مهم جدًّا – وأنا أحمل لك بشرى كبرى، وقد تكون اطلعت على رسائل بعض الأخوة الذين جربوا الأدوية، وتناولوها بانتظام، ووجدوا منها فائدة عظيمة، فأرجو أن تتحصل على أحد الأدوية المضادة للرهاب، ومن أفضلها عقار (زيروكسات) والذي يعرف علميًا باسم (باروكستين) ربما تجد هذا الدواء تحت مسمىً تجاري آخر، فلا تتردد في شرائه تحت المسمى الآخر، فهذا الدواء ليس من الأدوية الجديدة، وكثير جدًّا من الشركات بدأت تصنعه، لأن شركة الدواء الأم افتقدت فترة البراءة الاختراعية - وهي عشر سنوات – بعد ذلك يمكن لكل الشركات المعتمدة تصنيعه.

ابدأ في تناول الدواء بجرعة نصف حبة – أي عشرة مليجرام – تناولها يوميًا لمدة عشرة أيام - يفضل تناول الدواء بعد الأكل – بعد ذلك اجعلها حبة كاملة، استمر عليها لمدة شهر، ثم اجعلها حبتين في اليوم – أي أربعين مليجرامًا – تناولها كجرعة واحدة في المساء، أو بمعدل حبة صباحًا وحبة مساءً، هذه هي الجرعة العلاجية التي يجب أن تستمر عليها لمدة ثلاثة أشهر، بعد ذلك اجعلها حبة ونصف يوميًا لمدة ثلاثة أشهر أخرى، ثم حبة واحدة يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم نصف حبة يومًا بعد يوم لمدة شهرين، ثم تتوقف عن تناول الدواء.

هذه هي الطريقة الصحيحة للجرعة المطلوبة وكذلك لتنظيم الدواء من حيث المدة المطلوبة للعلاج، والدواء لا يمكن أن يكون فاعلاً إلا إذا كان هنالك التزام باتباع التعليمات الطبية التي ذكرناها.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد، ونشكرك على التواصل مع إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • أمريكا سهام الشيخ

    السلام عليكم ورحمة الله
    اختياركم للموضع موفق جدا والحلول ممتازة
    وفقكم الله

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً