الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من حالة هلع ووساوس ولا أستطيع الذهاب للدكتور، فما الحل؟

السؤال

السلام عليكم..

أما بعد، أنا أحمد الله كثيراً أن وفقني لهذا الموقع الرائع الذي ساعدني كثيراً في مختلف جوانب حياتي، وأشكر الدكتور محمد عبد العليم شكراً خاصاً؛ لأن معظم كلامه يلامس حالتنا.

مشكلتي باختصار أنني منذ أربع سنوات تقريبا فقدت والدتي بعد مرض أثر عليّ نفسياً كثيراً، وبعدها بأشهر قليلة منعني زوجي من رؤية أختي الوحيدة لظروف خاصة، مع العلم أنني مغتربة في دولة أوروبية، ليس لي فيها أصدقاء بمعنى الأصدقاء غير زوجي، ولكن حتى زوجي لا أستطيع أن أبوح له بكل ما في داخلي، وعلاقتي معه والحمد لله طيبة، ولا أجيد لغتهم كثيراً لأنني لا أحتك بهم، وأعلمك يا دكتور أنني أقيم صلواتي والحمد لله، ولكن أعترف أنني مقصرة بباقي النواحي الدينية، ومرة من دون سابق إنذار أصابتني حالة غريبة علي كثيراً من ضيق التنفس، والتسرع في نبضات القلب، وإحساس بالموت - عانيت منها لمدة ساعتين -، ومن قتها وهي تأتي بشكل مضاعف.

ولكنني لم أذهب إلى الطبيب؛ لأنني كنت أرضع ابني، وأيضاً لأنها حالة جديدة لا أعرف ما هي! وظللت على هذه الحالة لوقت الفطام على سن السنة ونصف تقريباً وأنا أعاني، ولكن في الفترة التي مضت بدأت تأتيني حالات من الأفكار الغريبة العجيبة التي بدأت تفقدني صوابي، حتى أنها أثرت على بيتي وعلى علاقتي مع زوجي، فهي أعاقت حياتي بشكل كبير، فمثلا الفكرة التي آلمتني كثيراً ولم أعد أهنأ بحياتي بعدها هي أن ابني الصغير ليس هو ابني! أو أنه تم تبديله في المستشفى، مع أن الفكرة بعيدة تماماً عن الواقع، وأن صورة بعد الولادة تثبت أنه هو.

ولكن الفكرة سيطرت عليّ، وقتها ذهبت في حالة إسعاف إلى المستشفى، وأعطاني الطبيب العام إبرة مهدئ وفحصني، ولم يكن هناك أي عرض جسماني، ووصف لي دواء اسمه هنا - انتكت -، وهو من نوع السبرام10ملغ، وأخذته لمدة سنة تقريباً، وتحسنت عليه كثيراً، لا أعراض ولا أفكار، وبدأت بتقليل الجرعة، وفي هذه الفترة حدث حمل مفاجئ فأوقفت الدواء فوراً، ومرت فترة الحمل طبيعية جداً، وبعد الولادة تقريباً بأسبوعين رجعت لي الأعراض، ومن أكثر الأعراض التي تضايقني وتؤثر علي ضيق التنفس.

ورجعت إلى نفس المعاناة لمدة 7 أشهر، لم أستطيع أن أقاوم أكثر، ففطمت ابني وعدت لمعاودة تناول الدواء نفسه، وبنفس الجرعة 10ملغ، ولكن هذه المرة وبعد تقريباً شهرين من تناولي الدواء لم أشعر بتحسن كبير، ما زال ضيق التنفس معي حتى وأنا نائمة، وحتى الأفكار بدأت تراودني، لا أعرف ماذا أفعل؟

أفيدوني جزاكم الله خيراً، أنا هنا لا أستطيع أن أذهب لطبيب نفسي؛ لأني لا أتقن اللغة جيداً، الرجاء الرد بأقصى سرعة ممكنة، ولكم الشكر الجزيل.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حمصية وأفتخر حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بارك الله فيك، وجزاك الله خيراً، ونشكرك كثيراً على تواصلك مع إسلام ويب.
لاشك أن رسالتك رسالة طيبة، تدل بوضوح على طيب نفسك، ولك الشكر والتقدير مرة أخرى.

وصفت الحالة بصورة جيدة جداً، الحالة انتابتك فجأة هي نوبة هلع، أو نوبة فزع، وكذلك يسميها البعض بالهرع، وهذه النوبات هي عبارة عن قلق حاد جدًا، قد تأتي دون أي مقدمات، يحدث ضيق في التنفس، وتسارع في ضربات القلب، وشعور مؤلم جداً بقرب الموت، والبعض يأتيهم الدوار والخوف من فقدان السيطرة على الموقف، هذه الحالات تنتهي بعد دقائق أو ساعات قليلة، وقد تعاود الإنسان، وإذا انتابت الإنسان ثلاثة نوبات أو أكثر في ظرف ستة أشهر، نعتبر أن الحالة هي حالة نوبات هرع، ويجب أن تعالج، ونوبات الهرع في الأصل هي نوع من القلق النفسي، وأنت تطور الأمر لديك نسبياً، وظهر لديك الوسواس حول ابنك، وهذا نوع سخيف جداً من الوساوس.

وأنا على قناعة تامة أنك تؤمنين وتقنعين تماماً بسخفه، لكنه يستحوذ ويسيطر على فكرك، فأرجو أن تستعيذي بالله العظيم منه، وأن تحقريه، وأن تغلقي عليه النوافذ تماماً، ولا تحاولي أبداً أن تبحثي عن المبررات أن ابنك ليس ابنك؛ لأن ابنك فعلاً هو ابنك، فأغلقي على هذا الوسواس تماماً.

أما بالنسبة للعلاج الدوائي؛ فأنت في حاجة إليه، استجابتك كانت جيدة في المرة الأولى، ولكن في هذه المرة لم تكن استجابتك بالصورة المطلوبة، وهذا نشاهده في بعض الحالات، ولا يعني أنه قد حدثت لك مناعة أو مقاومة ضد هذا الدواء، كثيراً ما يحتاجه الإنسان أن يرفع جرعة الدواء، خاصة لعلاج نوبات الفزع أو الوساوس القهرية، أنت ذكرت أن الدواء هو من نوع السبرام، إذا كان اسمه العلمي ستالوبرام، فهذا هو سبرام، وجرعة (10غ) حقيقة تعتبر جرعة صغيرة جداً، يجب أن ترفع مباشرة إلى (20غ)، وإن لم يتم التحسن ترفع إلى (40غ).

هذا هو التحكم والترتيب الصحيح للجرعة، وجرعة الــ(40غ)، أرجو أن تستمري عليه لمدة أربعة أشهر، بعد ذلك خفضيها إلى (30 غ ) يومياً لمدة ثلاثة أشهر أخرى، ثم اجعليها (20غ) لمدة ثلاثة أشهر، ثم اجعليها (10غ) لمدة ثلاثة أشهر أخرى ثم (10غ) يوم بعد يوم لمدة شهر، ثم يمكنك التوقف عن تناول الدواء.

أما إذا كان الدواء هو أستالوبرام وليس ستالوبرام، فهنا أقول لك ارفعي جرعة (10غ) إلى (20غ)، ولا تزيدها أكثر من ذلك، الاستالوبرام فعاليته مضمونة مع جرعة (20غ)، في هذه الحالة استمري على الدواء لمدة ستة أشهر، ثم تخفضي الجرعة إلى (10غ) يومياً لمدة خمسة أشهر، ثم اجعليها (5غ) يوميا لمدة شهر، ثم يمكنك التوقف عن الدواء.

إذاً إن شاء الله تعالى المشكلة محلولة تماماً، لا داعي أن نقول لك أي دواء آخر، تجربتك الأولى كانت معه إيجابية، وفي هذه المرة أيضا إن شاء الله، وبعد تعديل الجرعات سوف تكون التجربة إيجابية.

أريدك أيضا أن تطبيقي تمارين الاسترخاء فهي مهمة جداً، وستجدينها في هذه الاستشارة 2136015.

حياتك الحمد لله تعالى فيها الكثير من الجماليات والإيجابيات، فلا تدعي مجالاً لهذا القلق والتوتر ليسيطر عليك .

أيتها الفاضلة الكريمة: حرصك على الصلاة لاشك أنها أمر يسر القلوب، وعليك بتلاوة القرآن، وتذاكره مع زوجك، والحمد لله تعالى توجد الكثير من القنوات الإسلامية التي يمكن الاستفادة منها، وإن كان هنالك مركز إسلامي في البلد التي تقيمين فيه التواصل مع هذا المركز، وأنا حقيقة أدعوك لتعلم اللغة في البلد التي تعيشين فيه، وأحسب أنها إيطاليا، وتعلم اللغة أمر مهم وضروري ومفيد جداً للإنسان، وهذا اللغات ليست بالصعبة، وتمكنك من لغة البلد التي تعيشين فيه سوف تعود عليك بفوائد كبير جداً.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيراً.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً