الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أأطلب الطلاق لعدم قدرتي على الإنجاب أم أصبر مع زوجي وأزوجه أخرى؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا متزوجة منذ ثلاث سنوات وحملت ثلاث مرات: في أول مرة: لم يكن هناك نبض.

والمرة الثانية: توفي الجنين في الشهر الخامس.

وكذلك في المرة الثالثة توفي بنفس الموعد.

في كل مرة تبدأ آلام المعدة ولم يُعرَف السبب، وآخر مرة بسبب المعدة أصبت بجلطة بالرجل اليسرى بالكامل، مع العلم أني أعاني من تخثر الدم، وأتناول المميعات أثناء الحمل، ولكن الجرعة لم تكن كافية.

زوجي يريد أولادًا وأنا أيضًا مثل كل امرأة تريد أطفالاً، لكن زوجي رافض أن ينجب مني؛ لوجود مشاكل بين زوجي وأهله مع أهلي, وأنا محتارة ماذا أفعل؟

وفي كل مرة أفكر بأن أزوِّجه وأرضى بالواقع وأبقى معه، مع العلم أني لست متأكدة إذا كنت سأبقى معه أم لا، أنا محتارة ماذا أفعل؟ أأطلب منه الطلاق أم أزوجه وأبقى معه؟

علمًا أنه يحبني وأنا أحبه كذلك، ولكن الحب لا يكفي إذا لم يوجد أطفال، وهو يتضايق إذا سمع بحمل أناس من الأقارب أو إنجابهم وأنا كذلك، واللهِ إني لأتمنى الأطفال أكثر منه وحاولت كثيرًا، ولكن كل مرة يظهر أن جرعة المميعات غير كافية، وأخبره بأن نجرب مرة أخرى ويرفض أن يجرب معي، وفي ذات الوقت أنا خائفة أن أجرب وبعدها يحدث شيء، هل أطلب منه الطلاق حتى يجرب وضعه مع امرأة ثانية أم
أبقى معه وأزوجه؟

مع العلم أنه ليست له مقدرة مادية على الزواج بزوجة أخرى، وأنا لا أقدر أن أتحمل وجود زوجة أخرى علي، أفيدوني؟ لأني فعلاً محتارة، وأنا لا أحب أن أظلم زوجي بأن يبقى معي بدون أطفال؛ لأنه يوجه لي كلامًا بأن أناسًا كثر تزوجوا بعدنا وأنجبوا، وأناسًا أصغر منه أنجبوا، ويعطيني كلامًا غير مباشر يتعلق بالإنجاب، علمًا أن عمره 31 سنة وعمري 23 سنة.

شكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سناء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،

إن تكرر الإجهاض هو حالة تحدث عند الكثير من النساء، وقد تحدث حتى بدون وجود سبب، أي أنها تحدث حتى عند النساء الطبيعيات، وهي تختلف عن حالة العقم؛ لذلك يجب عدم التشاؤم إلى هذه الدرجة، فمادام الحمل يحدث عندك وبشكل طبيعي، فإن الفرصة في نجاحه تبقى موجودة - بإذن الله - خاصة بعد أن عرف السبب.

نصيحتي لك هي محاولة الحمل من جديد بعد إقناع زوجك، فهذا هو الطريق الصحيح، وقد يكون الحل الأسلم في مثل حالتك، ولا يجب التوقف عند هذه المرحلة لمجرد الخوف من الفشل، وهنالك الكثيرات اللواتي قد نجح الحمل عندهن بعد إجهاضات متعددة، وصلت إلى عشرة إجهاضات، وأحيانًا أكثر، وصحيح بأنه لا ضمان لنجاح الحمل حتى مع العلاج، لكن بنفس الوقت هنالك نسبة نجاح لا بأس بها، ولا يجب تجاهلها لمجرد الخوف، أنصحك بالمتابعة مع طبيبة ذات خبرة عالية.

وفي حال حدث حمل جديد - إن شاء الله - فيجب البدء فورًا بتناول أحد البوتوكولين العلاجيين الآتيين:
ا-: تناول حبوب إسبرين الأطفال فور تشخيص الحمل, إلى إبر الهيبارين, ويجب ألا تقل جرعة الهيبارين عن 5000 وحدة مرتين في اليوم، أي الجرعة اليومية هي 10000 وحدة تقسم على جرعتين.

2-تناول حبوب أسبرين الأطفال مع حبوب تسمى (البريدنيزون ) بجرعة من 40 إلى 60 ملغ يوميًا.

وبعد البدء بإحدى الطريقتين يجب العمل على المتابعة بتحليل يسمى (PTT) ليبقى ضمن الحدود الطبيعية، فلا يجب أن يكون منخفضًا، ولا يجب أن يكون مرتفعًا، كما يجب معايرة الأجسام الضدية في الدم عندك، والتأكد أنها قد هبطت إلى الحدود المقبولة، مع متابعة مستوى صفيحات الدم.

إن أهمية المتابعة وعمل هذه التحاليل هي بنفس أهمية العلاج، فبناء عليها يتم ضبط الجرعة زيادة أو نقصان طوال فترة الحمل.

إن الذرية هي رزق من عند الله عز وجل مثل باقي الرزق، وستنالين رزقك عندما يشاء الله، والأدوية والعلاجات هي أخذ بالأسباب.

وبالطبع في مثل هذه الظروف، قد يشعر الإنسان ببعض المشاعر السلبية كالإحباط, والحزن، وكالغيرة من الآخرين، وهذا أمر طبيعي، فنحن بشر لكن يجب أن تبقى هذه المشاعر ضمن حدودها، بحيث لا تنعكس سلبًا على حياتكما الزوجية.

وأما بالنسبة لموضوع الزواج فدعي زوجك هو الذي يقرر ويتحمل مسؤولية قراره، وليس أنت، فإن اختار الزواج من أجل الإنجاب فقط فلا تعارضيه، واحترمي رغبته وتفهميها.

نسأل الله عز وجل أن يديم عليك ثوب الصحة والعافية، وأن يرزقك بما تقر به عينك عما قريب.

——————————————————
انتهت إجابة الدكتورة رغدة عكاشة: أخصائية النساء والولادة.

تليها إجابة الشيخ أحمد الفرجابي:
——————————————————

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحابته ومن والاه.

نرحب بك -ابنتنا الكريمة- في موقعك، ونشكر للدكتورة الطبيبة هذه الإجابة المميزة، ونوصيك بأن تستمعي إلى إرشادات الطبيبة المختصة، وأن تهتمي بصحتك وبمتابعة الحمل، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يسمعك ما يُفرح، فإنه سبحانه وتعالى هو الذي يهب لمن يشاء إناثًا, ويهب لمن يشاء الذكور.

وأرجو أن تعلمي أن الأمر لله من قبل ومن بعد، فأقبلي على الحياة بأمل جديد, وبثقة في الله تبارك وتعالى المجيد، ولا تنظري للحياة بهذه السلبية، وشجعي زوجك على تكرار المحاولات، فإن الإنسان لا يدري متى يكون مجيء الذرية التي تكون سببًا في دخولنا إلى الجنة، وأرجو أن يعلم هذا الزوج وتعلمي أنت أنك مأجورة في كل حمل يسقط أو يخرج، فالإنسان يؤجر على هذه الأشياء، وإذا تذكر الإنسان لذة الثواب نسي ما يجد من آلام، فقابلي أقدار الله تبارك وتعالى بالرضا، وقابلي أقدار الله بأقدار الله تعالى بالعلاج، بالدعاء، بعمل الأسباب، ثم التوكل على الكريم الوهاب سبحانه وتعالى.

كما نتمنى أن تكون علاقتك بأهل زوجك جيدة، فإن الإنسان إذا أحسن علاقته مع الناس وقام بالواجب على الوجه الذي يرضي الله، وشغل نفسه بمساعدة المحتاجين، وبالإحسان إلى الناس، وقام على الوجه الذي يُرضي الله وشغل نفسه بمساعدة المحتاجين، وبالإحسان إلى الناس، كان العظيم تبارك وتعالى في حاجته، ولا شك أن إحسانك إلى أهل الزوج مما يرفع معنويات الزوج، ويعين الزوج كذلك على الصبر، وعلى الاستمرار معك في المحاولات.

ونتمنى أن تستمري ولا تفكري في الخروج من حياته، ودعي الرجل يعبر عن نفسه ويتكلم، فإن أراد بنفسه أن يتزوج فلا مانع من أن تعاونيه وتشجعيه، ولكننا لا ننصح بأن تكون المبادرة منك، ولكن إذا أراد هو أن يفعل ذلك أن يتزوج بثانية فبإمكانك أن تشجعيه، ولكن قبل ذلك وبعد عليك أن تحاولي مع الأطباء والطبيبات تفعلي الأسباب، ونحذرك من التفكير في الطلاق، فحافظي على بيتك، وحافظي على أسرتك، واعلمي أنه لم يُر للمتحابين مثل النكاح، ومثل الاستمرار في العلاقة، لا تظني أن الطلاق حل، الطلاق هو بداية المشاكل، خاصة في هذه الحالات التي يكون فيها انسجام وحب بين الزوجين.

فالحياة الزوجية شراكة لكنها غير قابلة للقسمة، ليست مثل الشراكات الأخرى؛ لأنها شراكة تتحد فيها الأرواح، وتتحد فيها المشاعر، فالأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف.

كما أرجو أن تعلمي أن كلام الناس لا ينتهي، وأن رضاهم غاية لا تُدرك، وأن العاقلة هي التي تحرص على إرضاء الله تبارك وتعالى، فإذا - رضي الله عنه – عن الإنسان أرضى عنه الناس، وكلام الناس لا ينتهي، فالتي تنجب لا ترتاح، والتي لا تنجب لا ترتاح، والتي تزوجت لا يتركونها، والتي لم تتزوج لن يتركوها، فكلام الناس لا ينتهي، فلا تلتفتي إلى ما يقوله الناس، وتوجهي إلى رب الناس بالعبادة والإنابة والدعاء والصبر، واعلمي أن العاقبة للصابرين.

ونسأل الله تبارك وتعالى لك التوفيق والسداد، ونسأله تبارك وتعالى أن يعين الزوج أيضًا على فهم الوضع الذي أنت فيه، وأرجو أن تأخذ الأمور حجمها، ونعتقد أنك لازلت في عمر صغير – وكذلك الزوج – فالفرص أمامكم طويلة, والآمال كبيرة كذلك، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يبلغكم المقاصد, وأن يحقق لكم ما تصبون إليه فيما يُرضيه، هو ولي ذلك والقادر عليه.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً