الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أريد علاجا لمشكلة الرهاب الاجتماعي.

السؤال

السلام عليكم ورحمه الله وبركاته..

أطرح عليكم مشكلتي، وهي أني قرابة 10 سنوات وأنا أعاني من حالة وسواس في المواقف الاجتماعية في حياتي، حيث أني والله تنتابني نوبة من القلق والخوف قبل أي موقف اجتماعي، يعني مثلا: زيارة قريب، أو صديق، أو حتى عندما يريد أحد ما زيارتي أيا كان قريبا أو بعيدا، مما جعلني أعاني في هذه المسألة معاناة شديدة، تدفعني أحيانا إلى الهروب من مثل هذه المواقف.

وأنا الآن متزوجة، وعندي طفل - ولله الحمد - ولكن بصراحة إن وضعي محرج، وأعاني كثيرا من هذه الأفكار والمخاوف التي تتسلط علي دوما، لأنها والله جعلتني أعيش في دوامة، وهم، وحزن، والله المستعان.

وسبق أن ذهبت إلى العيادات النفسية، ولكن دون جدوى، وأنا أكتب لك هذا الكلام ووالله ما وجدت طعما للنوم والراحة.

أفيدوني بنصيحة تغير حياتي - بإذن الله -.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ام انس حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فإن رسالتك واضحة جدًّا، ولابد أن أبدأ بأن أقول: هوني عليك، فالحالة ليست صعبة أبدًا، وما الذي يجعلك تعيشين في دوّامة الهم والحزن؟

أنا أعرف أن الآلام النفسية مزعجة جدًّا لصاحبها، ولكني أؤكد لك أن حالتك بسيطة، وبسيطة جدّا، فأنت تعانين مما نسميه بالمخاوف الوسواسية، وهي جزء من القلق النفسي.

وهذا النوع من القلق أو المخاوف أو الوسواس يعالج من خلال التحقير، وألا تهتمي بها، وأن تصرفي انتباهك عنها، وأن تناقشي نفسك: (ما الذي يجعلني أخاف؟ أنا لستُ ضعيفة، فالناس سواسية).

وأن تكثري من الأنشطة الاجتماعية، ومن أفضل أنواع الأنشطة الاجتماعية – من وجهة نظري – هي حضور حلقات تلاوة القرآن بالنسبة للنساء، فهذا فيه خير كبير جدًّا، وتفاعل إيجابي جدًّا، حين تذهب المرأة إلى مراكز التحفيظ، وتُبنى لديها جُرأة ومقدرة على التفاعل مع الآخرين، وذلك لأن المحيط والجو التي تعيشين فيه هو في الأصل جو طيب، فإذا كان بالإمكان أن تقومي بذلك فأرجو أن تحرصي على ذلك.

ثانيًا: يجب أن تصرفي انتباهك، وذلك من خلال الاهتمام بأمر ببيتك، وزوجك، واستغلال الوقت بصورة صحيحة.

ثالثًا: هنالك تمارين تسمى تمارين التنفس التدريجي، وهو نوع من تمارين الاسترخاء 2136015، وأرجو أن تطبقي تلك التمارين بدقة بقبض العضلات واسترخائها، وكذلك التأمل وتمارين التنفس التدريجي، كلها - إن شاء الله تعالى - فيها فائدة كبيرة جدًّا.

رابعًا: أرجو ألا تهربي من المواقف، وإنما واجهيها، فالمواجهة في بدايتها ربما تزيد من قلقك وتوترك، ولكن بعد ذلك سوف تجدين أن الأمور قد أصبحت طبيعية جدًّا.

بعض الأخوة والأخوات نوصيهم بما يسمى بالمواجهة في الخيال، وهذه تتطلب أن يجلس الإنسان مع نفسه في هدوء تام، ويفكّر في موقف يتطلب المواجهة، فمثلاً بالنسبة لك: مناسبة أُسرية كبيرة - عُرْسٍ أو زفافٍ أو شيء من هذا القبيل، وكان من واجبك أن تقابلي الضيوف والمدعوين، وأن تقدمي لهم واجب الإكرام... وهكذا، فأطلب منك أن تعيشي مثل هذه المواقف.

وأطُلبَ منك أيضًا، مثلاً: أن تقومي بإدارة روضة في أحد المراكز التعليمية... وهكذا، يجب أن تعرضي نفسك إلى مثل هذه المواقف، ولكن التطبيق أيضًا مهم، ومهم جدًّا.

أنت قلت أنك ذهبت إلى عيادات نفسية ولكن دون جدوى، وكنتُ أود أن أعرف نوعية العلاجات التي قمتِ بتناولها، ولا شك أنه قد تم إرشادك إلى نفس التطبيقات السلوكية التي ذكرناها، وهنالك اتفاق عام أن التعرض، مع منع الاستجابة، مع التحقير، وتجاهل الخوف واستبداله بفكر مخالف، هي المبادئ العلاجية الرئيسية.

فأرجو أن تحرصي على التطبيق بصورة جادة، وفي ذات الوقت يمكن أن تتناولي أحد الأدوية المضادة للمخاوف، ومن أفضلها بلا شك هو عقار زيروكسات، والذي يعرف علميًا باسم (باروكستين) والجرعة المطلوبة في حالتك هي جرعة صغيرة، وهذا الدواء غير إدماني وغير تعودي وليس له أي تأثيرات سلبية على الهرمونات النسائية.

جرعة الزيروكسات المطلوبة هي أن تبدأ بنصف حبة – أي عشرة مليجرام – تناوليها ليلاً بعد الأكل، وبعد عشرة أيام ارفعي الجرعة إلى حبة كاملة، واستمري عليها لمدة ستة أشهر، ثم خفضيها إلى نصف حبة يوميًا لمدة شهر، ثم اجعليها نصف حبة يومًا بعد يوم لمدة شهر، ثم توقفي عن تناول الدواء.

هنالك بعض الكتب الجيدة والمفيدة منها كتاب الشيخ عائض القرني (لا تحزن)، أعتقد أن مَن يقرأه بتدبر وتأمل، ويُطبق ما فيه، سوف يستفيد كثيرًا، كما أن كتاب (دال كارنيجي)، والذي يعرف باسم (دع القلق وابدأ الحياة)، أيضًا وجدتُه مفيدًا لمن يقرأه.

النوم يتحسن من خلال الاسترخاء، وتجنبي النوم النهاري، واحرصي على الأذكار، وعدم تناول الشاي، أو القهوة، أو البيبسي، أو الكولا، أو الشكولاتا، أو أي مشروب يحتوي على مادة الكافيين، وكذلك الأجبان، ولا يفضل تناولها في فترة المساء، وخاصة بعد الساعة السادسة، ولا شك أن تمارين الاسترخاء، وتناول الزيروكسات، سوف يساعدك كثيرًا.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً