الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحببت فتاة قصد الزواج بها و اتضح أنها تحب شاباً آخر، ما نصيحتكم؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا شاب أبلغ من العمر 22 عاماً، طالب جامعي في السنة الثالثة في بداية دخولي للجامعة أعجبت بفتاه حسنة المظهر، وقدر أن اقتربنا من بعضنا في السنة الثالثة، وكنت أشعر بميل نحو هذه الفتاة، وكانت تؤثر في نفسي حتى إني رأيتها في منامي قبل أن يحصل بيننا أي شيء، فقد رأيتها من غير حجاب وكأني أحادث زوجتي.

أنا كنت أخفي هذا الإعجاب ولا أجرؤ أن أظهره، ولكن في نفس الوقت كنت أشعر أنها تبادلني هذا الشعور، بل وأكثر حتى اكتشف أنها تعشقني، وكانت تكتب لي شعراً على صفحتها الالكترونية، وبدأت تنظر إلي وتحاول لفت انتباهي حتى استولت على تفكيري، وأصبحت أحبها، وكنا نتقابل يومياً وننظر إلى بعضنا عن بعد حتى اعترفت لها بحبي عن طريق البريد الالكتروني وكانت ترد علي على هيئة شعر على صفحتها الالكترونية، وكان هذا واضحاً جداً في كل مرة أبعث لها رسالة لأظهر مدى حبي ترد برسالة مماثلة على صفحتها، وتطلب مني أن أطلب يدها وكنت على استعداد لأفعل أي شيء لأطلب يدها ولكن أخذت أسأل عن الفتاة واكتشفت أنها كانت تحب شخصاً من قبلي واستمرت علاقتهم لسنة ونصف، ولكن حدثت ظروف وافترقا، وكان هذا الخبر بالنسبة لي مؤلماً جداً، وبعثت لها رسالة أخبرها أن تنساني ولم ترد، فأصبحت أتجاهلها ولكنها أخذت تنظر إلي وتكتب لي حتى سامحتها.

كنت أميل لها بشكل كبير، وبعد مرور فترة علمت من مصدر موثوق أنها أيضاً لا تزال تحبه ولا تستطيع نسيانه، وتراقب كل تحركاته، وهنا أخبرتها أني لن أعود لها، ولن أطلب يدها، وقد حاولت مراراً وبنفس الأسلوب أن تجعلني أعود لها، وأنا أرفض ولكن بنفس الوقت لا زلت أميل لها، ولا زالت تستحوذ على تفكيري بالرغم من ذلك الفتاة مؤدبة، ومتفوقة وتصلي وهي من عائلة غير ملتزمة إلى حد ما، ولها صديقات سمعتهم سيئة جداً، فأنا شاب ملتزم أكثر منها وهنا أنا في حيرة من أمري! هل أنساها أم أتقدم لخطبتها حين يتسنى لي ذلك؟

شكراً جزيلاً لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ياسر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحابته ومن والاه.

بداية: نرحب بابننا الكريم في موقعه، ونسأل الله أن يلهمه السداد والصواب، وأن يعينه على الخير، هو ولي ذلك والقادر عليه، ونشكر لكم أبناءنا هذا التواصل مع موقعكم، ونحن في خدمتكم، ونسأل الله تبارك وتعالى أن ينفع بكم بلاده والعباد.

ما ذكرت بالنسبة لهذه العلاقة التي تتردد وتحولت من إعجاب إلى رسائل متبادلة بعيدًا عن أعين الأهل، وبعيدًا عن الضوابط الشرعية فإنا ندعوك أولاً للتوقف عن هذه العلاقة، وبعد ذلك تُعطي نفسك فرصة وتعطي الفتاة فرصة للتوبة والاستغفار والتوقف عن مثل هذه المراسلات، فإن رأيت عندها التزامًا وتوبة وصدقًا فلا مانع بعد ذلك من أن تأتي بيتهم من الباب، وتكلم أهلها الأحباب.

ننصحكم بأن تستروا كل ما حصل، لأن الإنسان ما ينبغي أن يفضح نفسه، وما ينبغي أن يُبين أنه كانت له علاقة في الخفاء ثم الآن يريدون أن يعلنوها.

أرجو أن يعلم الشباب والفتيات أن أي علاقة خارج الأطر الشرعية هي خصم على سعادتهم الأسرية في المستقبل، لأن هذه العلاقة ستتحول إلى شكوك وظنون، ودائمًا نحن نقول: الشيطان الذي جمع بينهم على هذه المراسلات وعلى تلك الكلمات هو الشيطان الذي يأتي ليغرس بذرة الشك، هو الشيطان الذي يأتي ليغرس سوء الظن بين الطرفين، حتى يخرب تلك الأسرة، أو على الأقل يُفقدها السعادة التي تنشدها، فإن كثيراً من البيوت التي كانت فيها علاقات عاطفية قبل الزواج يعيش مع بعضهم تحت سقف مجبرين، ولكنه في الحقيقة الحياة تكون مليئة بالشكوك والظنون والاتهام وإلحاق الأذى من طرف إلى الآخر، لأن الثقة معدومة.

لذلك ينبغي أن تنتبهوا لهذه المسألة وأرجو أن يعلم الجميع أنه لا يجوز لشاب أن يتواصل مع فتاة وأن ينظر إليها بشكل متكرر، وأن يقابلها، وأن يكلمها، إذا لم تكن هناك رابطة شرعية أو محرمية، إما أن تكون خالة له أو عمة أو نحو ذلك من المحارم، أو تكون علاقة شرعية لها غطاء شرعي معروفة للناس، عند ذلك أيضًا يستطيع أن يكون هناك نوع من التواصل، وحتى بعد حصول الخطبة فإن الخطبة ما هي إلا وعد بالزواج لا تبيح للخاطب الخلوة بمخطوبته ولا الخروج بها، ولا التوسع معها في الكلام العاطفي، إنما يكلمها في الأمور الهامة التي هم بحاجة إليها.

أرجو أن أقول لابني الكريم أيضًا: إذا كنت ستبحث وراءهم، إذا كنت ستتذكر تلك المواقف، إذا كنت ستتذكر أنها كانت عشيقة لفلان ولفلان فنحن لا ننصحك بالاستمرار، أما إذا كنت ستعامل هذه الفتاة على أنها صفحة بيضاء وتجد في نفسك ميلاً وهي تجد عندها في نفسها ميلاً إليك، وتنسى ما حصل ولا تسأل بهذه الطريقة، فإنا ننصحك بأن تُكمل المشوار.

أما إذا كانت الشكوك تراودك فإن الشيطان لن يتركك أبدًا، ولذلك ينبغي أن يعلم الجميع أنه من الأسئلة الخاطئة أن يسأل الإنسان خطيبته عن تاريخها، أو يحاول أن يتعرف عن تاريخها، أو تحاول أن تتعرف عن تاريخه، فنبش الملفات القديمة وفتح الملفات القديمة بهذه الطريقة يغرس بوادر الشك ويغرس بوادر سوء الظن، وإذا كانت الفتاة لها علاقة مع شاب ثم تركته أو خطبها شاب ثم ابتعدا عن بعضمها فإن هذا ما ينبغي أن يُعدّ عيبًا إلا إذا كانت العلاقة كانت سيئة وكان فيها مخالفات أو كان فيها توسع، أو كانت أصلاً مع شخص غير طيب وغير معروف بالسمعة الصالحة، فإننا عند ذلك ينبغي أن نتوقف مباشرة حتى يتبين لنا التوبة النصوح الصادقة من الفتاة، عند ذلك لا مانع من أن يتقدم الإنسان بنفس مطمئنة، بنفس ليس فيها أدنى شك، عند ذلك يتقدم، لأن الحياة الزوجية لا تُبنى على الرمال المتحركة، وإنما تبنى على اليقين، على الثقة، على معاني الخير، على حسن الظن، لأن الحياة الزوجية الإسلام يؤسسها على هذه المعاني الفاضلة، والإسلام لا يرضى للإنسان أن يعيش الحياة الزوجية إلا وفق المنهاج الواضح في قوله تعالى: (فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان) أو (وعاشروهنَّ بالمعروف).

الإسلام لا يرضى للحياة الزوجية إلا أن تكون مودة ورحمة، وإلا أن تكون ثقة وميثاق غليظ ومعاني جميلة من التفاهم والمحبة.

لذلك أرجو أن يكون حد لهذا الصدود ثم العودة، ينبغي أن تكون واضحًا معها، وتحاول أن تبين لها أنك لن تتقدم الآن إلا بعد أن تتوبوا جميعًا من هذا الذي يحصل، من هذه المراسلات، من هذه الأشعار، من هذه المغازلات، لابد أن تتوبوا منها توبة نصوحًا، ثم بعد ذلك إن بدا لك وظهر لك صدق التوبة منها ووجدت في نفسك أيضًا توبة وندماً على ما حصل، عند ذلك لا مانع من أن تأتي بيتها من الباب لتؤسس علاقة على أسس شرعية صحيحة، فإن حصول المخالفة في العلاقة الأولى لا يمنع من تصحيح الأوضاع، ولا يمنع من تدارك هذا الخلل الذي حدث، وإذا كنت تجد في نفسك ميلاً للفتاة وهي - كما قلت – مؤدبة وتصلي ... إلخ، فإننا ندعوك إلى مزيد من التعرف عليها عن طريق السؤال، وأرجو أن تُدخل محارمك – الأخوات أو الوالدة أو العمات أو الخالات – في هذا الموضوع، فالنساء أعرف بالنساء.

إن بدا لك الخير ووجدت في نفسك الميل المستمر، ليس ميلاً مجرد إعجاب بالجمال، ولكن إعجاب للخلال وللصفات التي تتميز بها الفتاة، فلا مانع عند ذلك من أن تتقدم رسميًا لخطبتها، واعلم أن الحب الحقيقي يبدأ بالرباط الشرعي، ويزداد مع الأيام ومع التعاون على البر والتقوى ثباتًا ورسوخًا، بل يزداد مع معرفة الصفات الفعلية للفتاة قوة ورسوخًا.

نسأل الله أن يقدر لك الخير حيث كان ثم يرضيك به، ولا يخفى عليك أن الإنسان إذا احتار فإنه يصلي الاستخارة ويستشير. ومرحبًا بك في موقعك، ونسأل الله لك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • مصر اسلام

    بارك الله فيك د.احمد الفرجابى والله ردك جميل جدا

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً