الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

نوبة ذعر وسط المحاضرة جعلتني أترك الدراسة فما الحل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا فتاة أبلغ من العمر 26 سنة, غير متزوجة, عربية الأصل, وأعيش في كندا.

بدأت قصتي قبل عدة أشهر عندما تحولت لمنطقة بعيدة عن أهلي لأكمل دراستي؛ حيث كنت جالسة في المحاضرة وإذا بضربات قلبي تزداد, وشعرت بتوتر شديد, وأحسست أني سأموت, حتى ذهبت للطوارئ, ثم قال الطبيب هناك: إنها حالة ذعر, وعدت البيت, ولكني أصبحت أخاف أن أفقد وعيي وأنا في طريقي إلى الدراسة مثلاً, وأفكر في المرض بشكل مستمر, وحتى أثر ذلك بشكل سلبي على دراستي, وأصبحت أزور الأطباء بشكل يومي تقريبًا, وقد أجريت جميع التحاليل والفحوصات, ولكن لا شيء, ولكني لحد الآن وقد مر علي أكثر من خمسة أشهر بعد قطع الدراسة وأنا متعبة ودائمًا أفكاري سوداوية.

في بعض الأحيان أتفاجأ من نفسي لأني لم أكن هكذا من قبل.

قبل شهر كنت أعاني من حموضة في المعدة, وغازات, وتهيج في القولون العصبي, واستمررت بأخذ مضادات الحموضة, وأنا الآن أحسن, لكني أحس بتشنج في العنق, وامتد حتى الظهر لأكثر من شهر ونصف, والآن قد لاحظت أن الثدي الأيسر أكبر من الثدي الأيمن, ولدي ألم في ذراعي, وفي رأس المعدة, بالإضافة لأحلامي التعيسة, أنا متعبة جدًّ أرجو المساعدة.

وقبل جميع هذه الأحداث قد فقدت شخصًا عزيزًا على قلبي, أعلم أني قد أطلت عليكم, ولكن أريد التشخيص, جزاكم الله كل خير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سهام حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد:

فإن حالتك واضحة جدًّا، فالنوبة التي انتابتك بالفعل هي نوبة هلع أو هرع أو ذعر، وهي حقيقة مخيفة يجب أن نعترف بذلك؛ لأن تسارع ضربات القلب السريع يعطي شعورًا سخيفًا جدًّا للإنسان، ويكون هنالك تخوف حقيقي من الموت، وبعد أن تنتهي هذه النوبات قد يعيش الإنسان في نوع من الوسوسة والقلق التوقعي، والبعض يكون في انتظار النوبة القادمة؛ مما يسبب الكثير من التوتر والقلق, والانفعال النفسي السلبي.

أعتقد أن هذا هو الذي تعيشينه الآن من تكرار هذه النوبة.

وبالنسبة لموضوع الحموضة وتهيج القولون العصبي: فلا شك أن القلق لعب فيها دورًا أساسيًا، وأعتقد أنه حدث لك نوع مما نسميه بالتجسيد، وهو ظهور أعراض جسدية مرتبطة بالقلق, وما ذكرته حول الإحساس بالتشنج في العنق، فهذا أعتقد أنه نوع من التجسيد، وكذلك ملاحظتك أن الثدي الأيسر أكبر من الثدي الأيمن، أعتقد أنه جزيء من قلق المخاوف, وليس أكثر من ذلك.

التعب النفسي والجسدي العام هو نتاج لعسر المزاج الذي يصاحب القلق الوسواسي، وما يصاحبها من مخاوف.

الأحداث الحياتية الكبيرة قد تؤثر في الإنسان، فأنت قد فقدت شخصًا عزيزًا، وربما يكون هذا أحدث الأسباب التي أدت إلى ظهور هذه الأعراض على السطح؛ لأن الأحداث الحياتية كثيرًا ما تتفاعل مع التكوين النفسي للإنسان, وتظهر في شكل أعراض مختلفة, منها: القلق, والتوتر, والوساوس, والمخاوف، علمًا بأن نوبات الهلع كثيرًا لا تكون أبدًا مرتبطة بأي سبب.

أنت ترددت على أطباء كثيرين، والذي أراه أنك سوف تستفيدين فائدة كبيرة وعظيمة من الذهاب إلى الطبيب النفسي، فأنت بالفعل بحاجة لخدماته، سوف تجدين - إن شاء الله تعالى – الإرشاد السلوكي، التدرب على تمارين الاسترخاء، كيفية إجهاض نوبات الذعر، كيفية الاستفادة من آليات التفكير الإيجابي، إدارة الوقت – والذي يعني إدارة الحياة – هذا كله أنت في حاجة إليه، وأنا أريدك أن تستبصري بهذه الأمور حتى وإن لم تستطيعي أن تذهبي إلى الطبيب، فيمكنك أن تبدئي في تطبيقها لوحدك، لكن ذهابك إلى الطبيب أرى أنه مهم.

العلاج الدوائي مطلوب ومطلوب جدًّا في حالتك، وهنالك دواء متميز يعرف تجاريًا باسم (سبرالكس), ويعرف علميًا باسم (إستالوبرام), يعرف عنه أنه يقضي تمامًا على نوبات الهلع والهرع والذعر وما يصحبها من وساوس, ومخاوف, وعسر في المزاج كإفرازات ثانوية للحالة الأولى وهي نوبة الهرع.

السبرالكس يتميز بأنه سليم جدًّا، لا يؤدي إلى الإدمان، لا يؤدي إلى أي نوع من الاضطراب في الهرمونات النسائية، فقط ربما يؤدي إلى زيادة بسيطة في الوزن في بعض الأحيان.

الجرعة المطلوبة في حالتك أرى أنها صغيرة، وهي أن تبدئي بخمسة مليجرامات – أي نصف حبة من الحبة التي تحتوي على عشرة مليجرامات – استمري عليها لمدة عشرة أيام، بعد ذلك اجعليها حبة كاملة – أي عشرة مليجرامات – واستمري عليها لمدة ستة أشهر – وهذه ليست مدة طويلة أبدًا، بل هي المدة المطلوبة في مثل هذه الحالات – بعد ذلك خفضي الجرعة إلى خمسة مليجرامات ليلاً لمدة شهر، ثم اجعليها خمسة مليجرامات يومًا بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم توقفي عن تناول هذا الدواء.

من جانبي أقول لك: إن اتباعك - إن شاء الله تعالى – للإرشادات السابقة وتفهمك لطبيعة حالتك, وأن تخططي لحياتك بصورة إيجابية، وأن تغيري نمطها، وأن تستعيدي رغبتك في الدراسة, وتبدئي في الذهاب للجامعة فورًا، هذا أعتقد أنه جزء أساسي جدًّا في تأهيلك نفسيًا، وإن شاء الله تعالى تعيشين حياة طيبة وهانئة وسعيدة.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك الشفاء والعافية, والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً