الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لم أعد أتكلم جيداً أو أتذكر ما فات بعد أن وقعت وأغمي علي.

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

أنا فتاة في التاسعة عشرة من عمري، منذ عامين تعرضت لصدمةٍ شديدة نظراً لحساسيتي الزائدة، فصرت أصاب بنوبات اختناق أقع على إثرها مغشياً عليّ، وتكررت الإغماءات عدة مرات، ولكن فى إحدى المرات وقعت وأنا أصلي على خزانة ملابسي، واصطدمت رأسي بها صدمةً شديدة تمزقت مشيمة عيني، وأثرت على رأسي بشدة، ولم أتذكر شيئاً مما حدث حين أفقت، ولكني لم أعد أنطق كما كنت، أفكر كثيراً ولا أنطق بحرفٍ واحد، وإذا أردت أن أتحدث أتحدث ثم أكتشف أني لم أقل أي شيء على الإطلاق، وأن كل كلامى محبوس برأسي، وإذا أردت التكلم يأتي الكلام عند نقطةٍ معينة برأسي وينقطع، وأجدني مذهولة لا أقول ولا أفكر ولا أعي شيئاً، وإذا حاولت الاستمرار في الكلام أُصاب بألم شديد وكأن رأسي مشتعلاً.

وحين أردت تذكر شيء مما تعلمته لم أستطع، وإن كنت كأني رأيت تلك الكلمات من قبل ولكن لا أستطيع تذكرها!

لا أتكلم جيداً أو أفكر أو أتذكر ما فات من أيام عمري الكثير أو مما تعلمته الكثير، ووجدت بجانب ذلك ألماً شديداً بقلبي وكأنه يتمزق.

ذهبت إلى طبيب نفسي شخص حالتي أنها صرع من نوع غير معروف، وليس له دواء، وأنه لا يملك لي إلا ألا أنفعل أو أغضب كثيرا.

أخذت دواء ديباكين كرونو 500 الجرعة المكثفة، ولكن دون جدوى سوى أنه سبب لى بروداً بالأعصاب جعلني أبدو كقطعة الثلج مهما حدث لي من ألم لا أشعر به على الإطلاق، ولكن النوبات تتكرر، ومع كل نوبة يزداد اكتئابي، ولا أستطيع تذكر حياتي كيف كانت إلا من بعض روايات من حولي عن ماهية شخصيتي، ومدى الأشياء التي تعلمتها سابقاً ولا أتذكرها.

آسفة على الإطالة، ولكن هل ليس لي علاج بالفعل كما يقول طبيبي وكل طبيب أذهب إليه؟ وهل من طريقة أسترد بها الجزء الذي فقدته من ذاكرتي ولا أستطيع تذكره؟ وهل هذا بالفعل صرع أم مرض آخر؟ وكيف أتغلب على نوبات الاكتئاب التي تجتاحني بعد كل نوبة؟

أفيدوني أكرمكم الله.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مريم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

فالأفضل هو أن تذهبي إلى طبيبٍ مختص في الأمراض الباطنية والأعصاب، وليس الطبيب النفسي.

جزئية القلق والاكتئاب والمخاوف علاجها سهل جدًّا، لكن المهم هو أن نتأكد هل بالفعل لديك بؤرة صرعية أم لا، وطبيب الأعصاب لديه وسائله الجيدة جدًّا في الكشف عن الصرع والتأكد من وجوده من عدمه، وسوف يسألك أسئلة دقيقة جدًّا، وهذا يسمى بالتاريخ المرضي، يجب أن تعطيه تفاصيل الحادثة هذه بكل دقة، وما تشعرين به، ومن ثم سوف يقوم الطبيب بإجراء بعض الفحوصات المختبرية للدم، وكذلك تخطيط للدماغ، وربما يقوم بإجراء صورة مقطعية للرأس فقط من قبيل التأكد.

هذا هو الذي أنصحك به، يجب أن تذهبي إلى الطبيب المختص الذي يستطيع بالفعل أن يعطيك الرأي النهائي والرأي السديد.

أنا من ناحيتي أقول لك: إن مرض الصرع ليس بالسوء الذي يتصوره الناس، وهنالك حالات مختلفة، بعضها خفيف جدًّا يمكن احتواؤه بأدوية بسيطة جدًّا، وإذا تأكد التشخيص أرجو ألا تنزعجي لذلك، المهم أن تتبعي التعليمات الطبية، وإذا كان الدباكين لم يناسبك فتوجد أدوية أخرى كثيرة جدًّا مثل التجراتول واللامتروجين والكِبرا..كلها أدوية ممتازة وفاعلة.

أما بالنسبة للاكتئاب المصاحب، فأعتقد أنه ناتج من القلق الذي أصابك حول ما حدث لك، وأنك لم تصلي حتى الآن إلى كلمة فاصلة فيما تعانين منه هل هو مجرد قلق ونوع من التحول الهيستيري أم هو مرض صرعي بسماته وصفاته المعروفة؟

هذا كله - إن شاء الله تعالى – يُحسم حسمًا تامًا بعد أن تذهبي إلى الطبيب المختص -أي طبيب الأعصاب وليس الطبيب النفسي-.

أرجو أن تعيشي حياتك بصورةٍ عادية جدًّا، لا تعيشي تحت الهم والغم، الموضوع سوف يُحل، أنت صغيرة في السن، والمستقبل -إن شاء الله تعالى – أمامك، اجتهدي في دراستك، وتجنبي الضغوط النفسية والإنهاك الجسدي.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً