الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما هي نصيحتكم من أجل تقويم السلوك المنحرف لدى أخي؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

لدي أخ يبلغ من العمر 15 سنة، منذ أيام الدراسة كان يعاني من مشاكل نفسية، فهو لم يستطع أن يتكيف مع زملائه، ولا مع معلميه في المدرسة، فطلب من الوالد نقله إلى مدرسة أخرى، ولكنه واجه نفس المشكلة، وانتقل إلى مدرسة أخرى، وظلت نفس المشكلة، وبعدها بدأ يشكو من صداع في رأسه، ويقول: بأنه لا يستطيع الدراسة، ويريد أن يترك المدرسة، ولكن الوالد عارض ذلك، ثم فكر في أن يأخذه إلى طبيب نفسي، وفحصه الطبيب، وعمل له تصوير دماغي، ولكن الطبيب أجزم بأنه ليس فيه أي شيء، وأعطاه بعض الأدوية، ولكن بدأت مشاكل أخرى معه في المدرسة.

وفي المدرسة كان يعتدي علي رفاقه بالشتم، وأيضا بالمنزل، وكان لا يحترم أحدا، ثم أخذه أبي مرة أخرى إلى الطبيب، وقال: الطبيب بأنه كاذب، ولا يعاني من شيء، وبعدها أصبح يتمادى كثيرا مع أخواته ووالديه، وأصبح يشتم ويسب، وأبي احتار معه، ولا يعلم ماذا يفعل؟ لدرجة أنه في يوم حاول أن يضرب أخته التي هي أكبر منه سنا، وكان أبي يقول: بأنه مريض، وحاولوا بأن لا تزعجوه، وأنا أشعر بأنه من هنا بدأ التمادي عنده، فمشاكله بدأت تكثر، ولا أحد يستطيع أن يفعل شيئا معه، لا الطبيب، ولا المرشد في المدرسة، وللعلم فإن هذه المشكلة تزداد مع بداية العام الدراسي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ soha حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فلاشك أن المشكلة ليست وليدة اليوم، أو هذا الشهر، أو هذه السنة، وإنما تعود لسنوات للوراء! وهناك احتمالان لوضع هذا الأخ:

الأول: هو أن لديه مرضا ما، ونحن لم نعرف بعد ماهية هذا المرض، ولكن يبدو أن الأطباء لم يجدوا شيئا مرضيا، ويكاد طبيب آخر يجزم بأنه ليس هناك من مرض مع هذا الطفل، وهو طفل طالما هو في هذا العمر.

والاحتمال الثاني: ويبدو هو الأرجح، أنه ليس هناك مرض ما، وإنما هناك مشكلة سلوكية، تتجلى من خلال تهرب هذا الطفل من الواجبات الملقاة عليه، كما كان يتهرب من المدرسة الأولى، فالثانية، فالثالثة.

وكان يجب أن نحسن التصرف معه بالتشاور مع هيئة التعليم في المدرسة الأولى، ونحاول مساعدته على التكيّف مع المدرسة، والمعلمين، والزملاء، وواجبات الدراسة، بدلا من الاستجابة لطلبه بتغيير المدرسة، الأمر الذي تكرر عدة مرات، حتى اعتاد هذا الطفل على أن أفضل طريقة للتكيف، وهي الهروب من الواجب، وقد يستمر هذا عنده لبعض الوقت، وبالتالي بدأ الطفل يمارس ما يحلو له، ومن دون خوف من أي عواقب أو نتائج لأعماله، ويبدو أن موقف والده - مع الأسف - يشجع طفله هذا على مثل هذا السلوك، من باب أن هذا الطفل "مريض"، أو "صغير"، أو "لا تزعجوه".

كيف الحل الآن؟ ما زال أمامنا بعض الوقت لضبط الموضوع، وأنا أتعامل مع عدد غير قليل من مثل هذه الحالات التي ينسى فيها الآباء أن من واجباتهم نحو أولادهم، بالإضافة إلى الحب والرعاية، هو تعليم الأولاد الانضباط وحسن السلوك، ومعرفة واتباع السلوك المقبول، والابتعاد عن السلوك غير المقبول.

بصراحة لن يكون هناك حل جازم إلا من خلال قيام الأب، ومعه الأم، بدورهما في ضبط سلوك الطفل، ومحاولة الحزم معه، والحزم لا يعني العنف، فقد يكون الإنسان في غاية الحزم وهو في غاية اللطف بالكلام والسلوك.

وهذا الطفل يجب أن يعرف ما هي الحدود المسموح له فيها، وما هو السلوك المقبول وغير المقبول، ولابد من أن يكون الوالدان في غاية الحزم، وبحيث يدرك الطفل أنه ليس أمامه إلا اتباع هذه الحدود، وهذه الضوابط، ويحتاج الأمر لجلسة أو عدة جلسات مع الوالدين أو من قبل من يفهم في هذه الأمور السلوكية، ليوجههما للطريقة الأفضل في التعامل مع هذا الطفل.

وفائدة مثل هذا الحزم، أنه لن يقف فقط عند منع الولد من التعرض للآخرين بالضرب والأذى، وإنما سننقذه من مصير قد يكون ليس بالسارّ إن استمر في مثل هذا السلوك.

وأنصحكم أيضا بالإضافة إلى استشارة أخصائيّ نفسي خبير في ضبط السلوك عند الأطفال والشباب، أن تستعينوا بدراسة كتاب في تربية الأولاد، ككتابي "أولادنا من الطفولة إلى الشباب" ويمكن الحصول عليه من موقع نيل وفرات دوت كوم.

والله ولي التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً