الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل أترك الغربة لأبقى بجوار زوجتي .. أشيروا علي؟

السؤال

السلام عليكم.

أنا شاب عمري 32 سنة، ومنذ حوالي 5 سنوات أعمل في الخارج، وأنا من أسرة فقيرة حتى من الله علي وتزوجت من فتاة متدينة ومحترمة، وهي تعمل في مصر في وظيفة مرموقة، لكن ظروف شغلها لا تسمح بأن تسافر معي إلا شهرين أو 3 أشهر في السنة، كما أنني لي إجازة من الخارج شهر واحد سنويا، ولم يحدث حمل، فأنا لست أدري هل أترك وظيفتي لكي أكون بجوارها وأظل في مصر وأبحث عن عمل آخر حتى أكون بجوارها؟ فأنا لا أطيق أن أفارقها كما هي أيضا كذلك.

فهل أرجع لمصر لكي تحافظ على وظيفتها، ويرزقنا الله بالذرية الصالحة؟ لكني خائف من ضيق الرزق؛ لأنني منذ فترة وأنا بعيد عن مصر، وربما لن أجد فرصة سفر مرة أخرى، كما أنني ربما أجد عملا في مصر، ولكن براتب أقل.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ reda حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يبارك فيك، وأن يثبتك على الحق، وأن يوسع رزقك، وأن ييسر أمرك، وأن يبارك لك في زوجتك، وأن يجمع بينك وبين زوجتك دائمًا أبدًا على الخير، كما نسأله تبارك وتعالى أن يمنّ عليك بذرية صالحة طيبة مباركة عاجلاً غير آجل، إنه جواد كريم.

وبخصوص ما ورد برسالتك - أخي الكريم الفاضل – من أنك متزوج منذ فترة، ولكنك لم تُرزق بأولاد، وتعمل خارج مِصر، وزوجتك تعمل في وظيفة مرموقة في مِصر، وهي لا تستطيع أن تسافر معك إلا فترة بسيطة لمدة شهر أو شهرين أو ثلاثة أشهر في السنة، وأنت لا تستطيع – كما ذكرت – أن تأخذ إجازة لتكون معها، وأيضًا حاولتَ أن تبحث عن عمل، ولكنك أيضًا لم تجد العمل المناسب الذي يوفر لك الدخل الكافي، ولكن نظرًا لتدني الرواتب، وبالتالي ستكون ظروفك الاقتصادية صعبة، وهذا قد ينعكس على كل شيء.

وهذا الوضع الذي أنتما عليه ترتب عليه أنكما لم ترزقا بذرية إلى الآن، وتقول: ماذا أفعل؟

أقول لك - أخي الكريم الفاضل – بارك الله فيكَ، ويسرَّ الله أمرك: أعتقد أن الحل سهل وميسور، ولكن يحتاج إلى قرار قوي منك ومن زوجتك، هذا القرار أعرفُ أن في مِصر تأخذ المرأة إجازة لمرافقة الزوج، فما المانع أن تُقدم زوجتك على إجازة لمدة عام مثلاً - أو لستة أشهر – وأن تأتي معك، لأن هذه الإجازة من حقها، وهي بذلك لن تفقد وظيفتها، لذلك أتمنى أن تجرب هذه الفكرة، وأنا واثق - إن شاء الله تعالى – أنها سيكون فيها من الخير الكثير.

حتى وإن كنت ستعيش في نوع من الشدة خلال فترة وجودها معك، لأنك قد تحتاج إلى استئجار سكن، وقد تُكلِّفك الكثير، ولكن هذا ضروري على الأقل في المرحلة الأولى، لأنكما خلال هذه الفترة وأنتما معًا سوف تكون هناك فرصة أكبر لبحث مسألة عدم الإنجاب، فقد يكون السبب إنما هو بُعدكما عن بعضكما، وبذلك سوف تقضي على هذا، وقد يكون السبب أمرًا آخر، وتستطيع من خلال وجودكما معاً أن تحددا السبب وأن تتمكنا من العلاج - بإذن الله تعالى -.

فأنا أرى - بارك الله فيكَ – بدلاً من أن تترك هي عملها – خاصة وأنها تعمل في وظيفة مرموقة وجيدة – وبدلاً من أن تترك أنت عملك، فأنا أقترح كما ذكرتُ لك أن تتقدم هي بطلب إجازة لمرافقة الزوج ولو لمدة ستة أشهر، وهناك تجربا معًا، وإن شاء الله تعالى سوف يمنُّ الله عليكما بذرية صالحة.

هناك أمر آخر لا بد منه، وهو مسألة الدعاء، فعليك بالدعاء والإلحاح على الله تعالى، لأنك تعلم أن الأولاد هبة من الله تبارك وتعالى، كما قال سبحانه وتعالى: {يَهَبُ لمن يشاء إناثًا ويَهَبُ لمن يشاء الذُّكور} وقال زكريا: {رب هب لي من لدنك ذرية طيبة} إلى غير ذلك من الآيات التي تبين أن الأولاد هبة من الله تعالى، ولذلك عليك أنت وزوجتك بالإلحاح على الله تعالى والدعاء مع البكاء أن يمنّ عليكما بذرية طيبة صالحة، وبإذن الله تعالى سيستجيب الله تعالى، لكن عليك بالمواصلة في الدعاء، وقل: {رب لا تذرني فردًا وأنت خير الوارثين} وقل: {رب هب لي من لدنك ذرية طيبة}.

وأوصيك - أخي الكريم الفاضل رضا – بالإكثار من الاستغفار، لأن الله تبارك وتعالى قال في القرآن الكريم: {فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفّارًا * يُرسل السماء عليكم مدرارًا * ويُمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارًا}.

كذلك أيضًا أوصيك بالإكثار من الصلاة على النبي محمد - صلى الله عليه وسلم – لأن النبي - صلى الله عليه وسلم – قال للصحابي الذي قال له: أأجعل لك صلاتي كلها يا رسول الله؟ فقال له - صلى الله عليه وسلم -: (إذًا تُكفى همَّك ويُغفر لك ذنبك) فعليك بالاستغفار والإكثار منه.

كما أوصيك كذلك أنت وزوجتك بشيء من الصدقة ولو بسيطة، ولو بصفة يومية أو أسبوعية أو شهرية، ولو في أدنى الصدقات، ولو بمعدل ريال واحد – إذا كنت تعمل في الخليج – أو درهم واحد، المهم أن تُخرج كل يوم شيئًا، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم – أخبرنا أن ما من يومٍ إلا وملَكَان يُناديان فيقول أحدهما: (اللهم أعطِ مُنفقًا خلفًا)، والله سبحانه وتعالى أخبرنا في الحديث القدسي على لسان النبي محمد - صلى الله عليه وسلم – بقوله: (ابن آدم أَنْفِق أينفق عليك) فعليك بارك الله فيكَ بذلك.

كما أوصيك أيضًا بطلب الدعاء من والدك ووالدتك، ومن خالاتك وعماتك وأقاربك وأخواتك – وقطعًا لابد لك من أهل – فعليك بطلب الدعاء من هؤلاء ومن الصالحين من عباد الله، وأنا أبشرك بأن أمرك سينقضي في أقرب فرصة - بإذن الله تعالى – وسيمُنُّ الله عز وجل بذرية صالحة طيبة مباركة.

أسأل الله أن يوفقك لكل خير، وأن يُكرمك، وأن يوسّع رزقك، وأن يمنُّ عليك بذرية صالحة طيبة مباركة عاجلاً غير آجل، إنه جواد كريم. هذا وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً