الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

استحالت حياة قريبتي مع زوجها.. فما هو الحل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أشكركم على هذا الموقع، وأسأل الله أن يكون في موازين حسناتكم.

أما بعد، فأنا لي قريبة تعيش معاناة، وقد عجزت حتى عن تقديم النصيحة لها، فأنا ألتجئ إلى الله ثم إليكم لإيجاد حل لهذه المشكلة، فقريبتي هذه متزوجة منذ عشرين سنة بابن عمها لها بنت وولد، بدأت معاناتها عندما أنجبت ابنتها أي منذ ثلاثة عشرة سنة، حيث أنها منذ ذلك الوقت لم تحدث أية علاقة حميمية بينها وبين زوجها، فكلما حاول زوجها معاشرتها تشعر بشلل في نصفها السفلي، وعجز تام.

هذه الوضعية جعلت زوجها يعاملها بسوء في غالب الأحيان لا يكلمها لا يصرف عليها، ولا على أولاده إلا نادرا، مع العلم أنّ مدخوله ضعيف، وبإمكانه أن يحسن من هذا المدخول، فأتيحت له فرص عديدة للعمل ولكنه رفض، فإخوة زوجها هم الذين يقومون بمساعدتها ماديا، ناهيك أنّ هذا الزوج غارق في مشاهدة الأفلام والقنوات الإباحية ومهاتفة النساء وما خفي كان أعظم!

تصور أنّ إبنها يقول لها لو تعلمين يا أمي ماذا أعلم عن أبي وإلى أي مستوى نزل! طلبت منه الطلاق لعجزها عن تلبية رغبته، ولتجنبه الوقوع في الفاحشة، لكنه رفض وهو مستمر في سوء معاملتها ولأولاده.

قريبتي هذه تقول استحالت الحياة مع هذا الزوج من كل النواحي، فمل الحل وهل يجوز لها أن تطلق هذا الزوج؟

وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ وئام حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحابته ومن والاه.

بداية نشكر لك التواصل مع الموقع، ونشكر الاهتمام بموضوع هذه الأخت، ونسأل الله أن يسهل أمرها، وأن يصلح حالها وحال زوجها، وأن يرده إلى الحق والصواب، هو ولي ذلك والقادر عليه.

وأرجو أن يعلم الجميع أن الإنسان إذا أُصيب بمثل هذه الأمراض ينبغي أن يبحث عن العلاج، لأن العلاج مطلوب وهو مطلب شرعي، فالمرض قدر من أقدار الله، ويرد بالدواء وبالدعاء، وهي من أقدار الله تبارك وتعالى، والفقيه هو الذي يرد أقدار الله بأقدار الله تعالى.

والمرض المذكور عن هذه الأخت والحالة التي تحدث لها: هذا لا أظن أنها تصعب مع المعالجين، فهل ذهبوا إلى الأطباء؟ وهل سعوا في علاج هذه الحالة دوائيًا؟

إذا عجز الأطباء أو لم يتبين لهم المرض فعند ذلك، وقبل ذلك أيضًا لا بد من عمل الرقية الشرعية، والاهتمام بأذكار الصباح والمساء، والبحث عن علاج لهذه الحالة التي غالبًا علاجها ميسور، فهل حاولوا العلاج في هذا الاتجاه أو في ذاك، هل ذهبوا للأطباء؟ هل ذهبوا إلى الرقاة الشرعيين؟ لأن هذا أمر مطلوب، ومثل هذه الحالات لا يصعب العلاج فيها، فعليها أن تقرأ على نفسها المعوذات، وخواتيم البقرة، وآيات السحر، ونحو ذلك، ثم عليها أن تواظب على أذكار الصباح والمساء، ولا مانع من أن تطلب راق شرعي، أو راقية شرعية، تؤذن عليها، وتقرأ عليها الرقية الشرعية، فالرقية الشرعية دعاء، ولجوء إلى الله تبارك وتعالى.

والرقية الشرعية مطلوبة، وجائزة بشرط أن تكون بكلام مفهوم، وأن يعتقد الجميع أن الشافي هو الله، وأن يكون هذا الراقي ممن يلتزم الإسلام ظاهرًا، ويحافظ على شرائع هذا الدين العظيم، ألا يكون هناك في الرقية مخالفات شرعية، فهذا علاج ينبغي أن يُطلب، وعليها أن تبحث عن هذه السبل، ومع ضرورة أن يعتقد الجميع أن الشافي وأن الشفاء من الله وحده تبارك وتعالى، وأن الأطباء والأدوية والرقاة الشرعيين ما هم إلا سبب من الأسباب التي أُمرنا باتخاذها في البحث عن العلاج.

أما ما يحصل من هذا الزوج فهي مخالفة شرعية يُغضب فيها رب البرية قبل أن يُقصر في حق زوجته، ولكننا ينبغي أن نلفت إلى الحرص على التمسك بها، فعليها أن تسعى للعلاج، وتحسن التعامل معه، وعليكم أن تقوموا بنصحه، سواء كان عن طريق الرجال، أو المحارم، أو غيرهم، يقومون بنصح هذا الرجل الذي بدأ الشر والفساد يُعرف عن أبنائه، وهذا سيترك آثارًا سالبة وخطيرة عليهم.

ولكننا أيضًا نريد أن نقول: ينبغي أن تسعى هذه المرأة في العلاج حتى تكف زوجها بالحلال عن الحرام، وحتى تعينه على بلوغ العافية، وما حصل بعد ذلك من توترات قطعًا له علاقة بالفشل في الفراش، فإن الفشل في العلاقة الخاصة يندرج، وينعكس على الحياة الزوجية من أولها إلى آخرها، ولذلك ينبغي أن ننتبه لهذا الجانب في سعينا للعلاج.

ونتمنى أيضًا أن توجهوا إلى هذه الأخت نصحًا وإرشادًا وتوجيهًا ودعوة لتشجعيها في البحث في العلاج، خاصة عند الرقاة الشرعيين، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يعطيها العافية، وأن يُثيبكم على هذا المسعى الذي نتمنى أن تُكملوه بالتواصل مع هذه الأسرة وتشجيع الزوج على القيام بحق زوجته، والإحسان إليها إذا كان هو متمسكا بها ويقوم بواجبه، وهي بنت عم له، فإن سعينا ينبغي أن يكون في تأليف القلوب، وفي البحث عن العلاج، وفي التذكير بالواجبات، وبالتخويف من رب الأرض والسموات لمن يُقصر في حق الآخر، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يكتب لها الشفاء العاجل، ولا أظن أن الحل صعب، ولكن عليكم السعي بعد التوكل على الله والاستعانة به، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يكتب لها السلامة، وأن يرد هذا الزوج إلى الصواب وإلى الحق، وأن يُبعده عن الفواحش ما ظهر منها وما بطن، وأن يستخدمنا جميعًا في طاعته، وأن يرفع البلاء والمصائب عن أمة النبي عليه صلوات الله وسلامه.

+++++++
انتهت إجابة المستشار الدكتور أحمد الفرجابي وتليه إجابة المستشار الشيخ أحمد الفودعي :
+++++++

نشكر لك اهتمام بشأن قريبتك، ونسأل الله تعالى أن يكتب لها الشفاء العاجل، ووصيتنا لها أن تأخذ بالأسباب وتتداوى فما أنزل الله داءً إلا وأنزل له دواء.

ومن أسباب الشفاء الرقية الشرعية فينبي لهذه الأخت أن تكثر من استعمالها فترقي نفسها بالفاتحة والإخلاص والمعوذتين وما شاءت من القرآن تقرأ في يديها وتنفث فيهما وتمسح على جسدها، ولا بأس في أن تقرأ في الماء ثم تشربه.
وأما عن زوجها فإنه بحاجة إلى من يذكره لينتبه من غفلته، فإذا تمكنت هذه الأخت من إسماعه بعض المواعظ التي تذكره بالله تعالى ولقائه وجزائه ويستحسن أن يكون ذلك بطريق غير مباشر بحيث لا يفهم أنه هو المقصود فذالك أدعى لقبوله الوعظ والتذكير، ومن الأسباب المهمة في إصلاح هذا الرجل أن يسلط عليه الرجال الصالحون من الأقارب وزغيرهم ليجالسوه فإن الصاحب ساحب.

وإذا كانت الزوجة تتضرر بالبقاء مع زوجها بحيث يمتنع من الانفاق عليها أو غير ذلك من أوجه الضرر فإن لها أن تطلب الطلاق، ولا إثم عليها في ذلك، فإن أبى فلها رفع أمرها للقاضي الشرعي، ولكن نصيحتنا أنه مهما أمكن الصبر على الزوج وتحمل إساءته فإن ذلك خير من الفراق.

نسأل الله تعالى أن يقدر لها الخير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً