الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

رهبتي وخوفي تمنعني من إمامة المصلين والقراءة. فما نصيحتكم؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله

في الحقيقة أنا مطلع جيد على موقعكم وعلى الحالات الشبيهة لحالتي.

في الحقيقة أنا منهار نفسياً، ومتألم لما وصل إليه حالي، سأختصر بقدر الإمكان لقد كنت في المرحلة السابقة حتى 14 سنة شخصية قوية جدا ومتحدث لبق، ولا أخشى شيئا ولكن بعد بلوغي بدأ ينتابني خوف شديد، لدرجة أنني أخشى أن يطلب مني المعلم القراءة أمام زملائي حيث تنتابني حالة من الارتباك، وزيادة ضربات القلب، كما أنني من المعروفين في قريتي بالتدين، -والحمد لله- وتسعى الناس أن تقدمني للإمامة في الصلاة غير أنني لا أستطيع مع أن صوتي جميل، وقراءتي صحيحة، لكني أرتبك وأتعمد أن أحضر إلى الصلاة متأخرا، وتبقى المشكلة الأكبر نفسيا لي أنني تحولت إلى أكبر جبان، وهي صفة لا أحبها لكنها الحقيقة! أخشى أن أواجه أحدا في شجار حتى لو كان أصغر مني إلا إذا كان أصغر مني في الجسم بفارق واضح فإنني لا أخاف.

غير ذلك أنا جبان، ولا أستطيع مواجهة أحد في الشجار، ولا حتى أستطيع حماية أقاربي إذا تعرضوا لمكروه، هذا الشعور يجعلني أتخيل أنني قتلت من يعتدي علي بالرصاص لأني لا أستطيع مواجهته.

أرجوكم أفيدوني لهاتين المشكلتين فحالتي النفسية تعبت، ووزني لا يزيد بسبب شدة انشغالي بتلك المشكلة، وأصبح يضرب بي المثل في النحافة بعدما كنت سمينا في فترة قبل البلوغ.

والسلام عليكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ayman حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

الذي تعاني منه هو خوف اجتماعي، أعطيتَ صورة واضحة جدًّا لنوعية الأعراض التي تعاني منها، ولديك أيضًا جوانب وسواسية، مثلاً: الخيال الذي يأتيك أنك قتلت من اعتدى عليك بالرصاص؛ لأنك لا تستطيع مواجهته، هذا فكر قلقي وسواسي، ويظهر أن الرهاب الاجتماعي نفسه فيه الجانب القلقي.

إذن حالتك في المقام الأول هي حالة قلقية، يسيطر عليها الخوف الاجتماعي - أي الخوف عند المواجهات – وتكونت أيضًا مفاهيم خاطئة عن نفسك وعن مقدراتك، وربما لم تُدرك قيمة نفسك الحقيقية، بالرغم من أنك رجل متدين ويُشار إليك بالبنان، وأعتقد أن شيئا من الخجل أيضًا ربما يكون لديك، وهنالك أيضًا سمة الحياء يظهر أنها من الأشياء التي جعلتك تحس بشيء من الخوف الاجتماعي بالرغم من أن الحياء هو سمة جميلة وسمة حميدة جدًّا.

العلاج يتمثل في الآتي:

أولاً: لابد أن تغير مفاهيمك عن نفسك، فأنت لست بأقل من الآخرين، فلا تنظر لنفسك هذه النظرة، أعطها حقها تمامًا، البشر هم البشر، لا أحد يتفوق عليك في شيء، بل بالعكس تمامًا ما دمت رجلاً ملتزمًا بصلاتك وقارئًا للقرآن فأنت أفضل من الكثيرين.

ثانيًا: أنا أؤكد لك وبصورة قاطعة ألا أحد يراقبك، لا أحد يريد الاستخفاف بك، لا يوجد استهزاء اجتماعي لك أبدًا، هذه المفاهيم يجب أن تزيلها تمامًا.

ثالثًا: الخوف الاجتماعي يعالج عن طريق التجاهل، والمواجهة، وتناول الأدوية المضادة له، والدواء الذي نصفه في مثل هذه الحالات هو (زيروكسات) والذي يعرف علميًا باسم (باروكستين) مفيد جدًّا، وإن شاء الله تعالى سوف يفيدك حتى في موضوع النحافة، وسوف يحسن المزاج، ويزيل عنك الوساوس كذلك.

شروط نجاح العلاج - بإذن الله تعالى – هي الالتزام بالجرعة وللمدة المطلوبة، والدواء سليم، وغير إدماني، ولا يحتاج لوصفة طبية في معظم الدول.

الجرعة التي تبدأ بها هي نصف حبة – عشرة مليجرام – تناولها بعد الأكل، وبعد عشرة أيام اجعلها حبة كاملة، استمر عليها لمدة شهر، ثم اجعلها حبتين في اليوم، يمكنك أن تتناولها بمعدل حبة صباحًا وحبة مساءً، استمر على هذه الجرعة العلاجية لمدة أربعة أشهر، ثم خفضها إلى حبة واحدة يوميًا لمدة ستة أشهر، ثم اجعلها نصف حبة يوميًا لمدة شهر، ثم نصف حبة يومًا بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم توقف عن تناول الدواء.

كما ذكرتُ لك فإن الزيروكسات دواء سليم جدًّا، قد يؤدي إلى زيادة في الوزن، وهذا أنت محتاج له، كما أنه قد يؤخر القذف المنوي قليلاً، لكن ليس له أي آثار سلبية - إن شاء الله تعالى – على هرمونات الذكورة.

هذا علاج مهم وضروري وفاعل وسوف يساعدك كثيرًا.

بعد أن تبدأ في الإحساس بالتحسن والطمأنينة من خلال تناول الدواء، هنا عليك أن تقتحم الفكر الذي يمنعك من التواصل مع الآخرين، على العكس تمامًا احضر مبكرًا للمسجد، صل بالجماعة، لن يحدث لك أي بأس أبدًا، كن متواصلاً مع الجيران والأرحام، ولابد أن يكون لك وجود على النطاق الاجتماعي، هذا يساعدك تمامًا.

ممارسة الرياضة أيضًا مع بعض الأصدقاء والزملاء فيه - إن شاء الله تعالى – خير كثير لك، لأنه نوع من التفاعل الاجتماعي الإيجابي، الذي لا يتطلب التحفيز النفسي من أجل المواجهة، وهذه ميزة إيجابية جدًّا.

للمزيد من الفائدة يمكنك مطالعة الاستشارات التالية حول العلاج السلوكي للرهاب: (269653 - 277592 - 259326 - 264538 - 262637 )

أنا على ثقة كاملة أن حياتك سوف تتبدل إيجابيًا، أرجو أن تتبع الإرشادات التي ذكرتها لك، وأشكرك على ثقتك في إسلام ويب، وأسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً