الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما الحل مع خوفي من الأمراض وخوفي من الأدوية؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أرجو أن ترشدوني إلى حل لمشكلتي، فلدي خوف من البلع، ومع المواجهة والمحاولة تخلصت من الشديد منه، ولكنها بقيت آثاره، فما كان صعب المضغ بحيث إنه لا يذوب فإني أتحاشاه، ولكن ما بقي ولم أستطع التخلص منه هو الخوف من أكل الحبوب" الأدوية"، وقد حاولت كثيرًا أن أواجهه وأقنع نفسي ولكن - للأسف - باءت محاولاتي بالفشل! وكان مصير المضادات سلة المهملات، والآن لدي مواعيد, ولكني أجلتها لأني لن أستفيد، وليست كل الأدوية لها بديل من الحقن، والشراب كبرت عليه ولن ينفع، وأرجو أن ترشدوني لإجراء سلوكي بحيث أني أتمكن من فك هذه العقدة التي نشأت وبدأت تكبر مع الوقت!

تفصيلات قد تفيد: في ال7 سنوات الماضية عانيت من الخوف الشديد من الموت، والأمراض، والسيارات ، وكانت شدتها لعدة أشهر فقط, ثم أصبحت تعاودني عند سماع القصص عن الموت والأمراض, وكل قصة أطبقها على نفسي، والحمد لله مع الرقية والدعاء ذهبت، وإن كانت تعاودني ولكن بصورة خفيفة جدًّا, وبالمواجهة والإقناع تزول - والحمد لله - وجميع مخاوفي هي ترسبات لحوادث حصلت وسمعت بها، فهذا مات من غصة, وهذا بحادث, وتلك فتاة أصيبت بالمرض وهكذا، وأنا أستقبل وأحزن جدًّا، وقد تعبت.

ولكن مشكلتي التي ذكرتها في البداية هي التي لم أتمكن من التخلص منها، حتى وإن جلست مع نفسي أقنعها فإني أتذكر الحوادث التي حصلت فأخاف ولا أتمكن من بلعها.

أرجو أن ترشدوني لحل سريع, وما هي الطريقة التي أستطيع أن أتخلص منها وأعود كما كنت سابقًا آكلها بشكل طبيعي كباقي الناس؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نُوَّار حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن هذا يسمى بقلق المخاوف الوسواسي من النوع البسيط؛ لأنه موجه نحو موضوع واحد وهو الخوف من البلع – خاصة بلع الحبوب – والعلاج يتمثل في الآتي:

أولاً: هنالك إجراءات ليس لها علاقة مباشرة بموضوع البلع لكنها سوف تفيدك.

من هذه:
أولاً: أن تطبقي تمارين الاسترخاء، وإسلام ويب لديها استشارة تحت رقم (2136015) أرجو أن تتبعي ما بها من إرشادات، وتطبقيها بكل دقة.

ثانيًا: أرجو أن تحرصي حرصًا شديدًا على زيارة المرضى في المستشفيات، فهذا مهم جدًّا, وسوف يبني لديك قناعات جديدة على مستوى العقل الباطني بأهمية العلاج وموضوع المرض، وهذا سوف يكون له أثر إيجابي عليك, وبصورة واضحة جدًّا.

ثالثًا: أنصحك أن تغيري نمط حياتك، بأن تُكثري مثلاً من التواصل الاجتماعي أيضًا، وتنضوي في أي عمل خيري وثقافي – وهكذا – وهذه كلها لها مردود إيجابي جدًّا على تطوير وارتقاء النفس، والنفس حين ترتقي وحين تتطور تتخلص من شوائبها قلقًا كانت, أو خوفًا, أو هكذا.

العلاج الخاص والموجه نحو علة الخوف التي تعانين منها هو: نوع من العلاج السلوكي يُسمى بالتحسين التدريجي، والتحسين التدريجي يكون أولاً في الخيال ثم في الواقع.

في الخيال: أعتقد أنك قمت ببعض الممارسات، وهي إقناع نفسك بأن هذا النوع من الخوف هو خوف سخيف, وحتى الأطفال يتناولون الأدوية والكبار يتناولونها، وهكذا، فلماذا تخافين أنت؟ وهذه الأدوية تحضَّر بصورة ممتازة جدًّا، ومثل ما يُبلع الطعام تُبلع الحبوب، بل ربما بلع الحبوب أخف؛ لأنها أصغر حجمًا – وهكذا - .

فإذن عرِّضي نفسك في الخيال، هذا نسميه بالتحضير للتعريض في الواقع، وهو مهم جدًّا وضروري جدًّا، لكن بكل أسف الناس لا تعطيه أهمية كبيرة، أو لا تطبقه حسب ما هو مطلوب.

الخطوة الثانية هي: أن تقومي بالنظر في الحبوب – أي نوع من الحبوب – خاصة بأهلك أو بك، يمكن أن تستجلبي بعض الحبوب الفيتامينات مثلاً، وتتأملي فيها، وفي ألوانها، وفي أشكالها، ويمكن أن تقومي ببعض الرسومات لرسم علبة الدواء وكتابة أسماء الأدوية – وهكذا – وحاولي مثلاً أن تقومي بما يقوم به الأطباء من كتابة الوصفات الطبية, وهذا نوع من التطبيق في الخيال أيضًا، لكنه واقع في نفس الوقت، وهو يؤدي إلى تعريض إيجابي، وهذا التعريض الإيجابي يخفف من وطأة الخوف كثيرًا.

أرجو أيضًا أن تُكثري من زيارة الصيدليات، أن تحضِّري لأهلك بعض الأدوية مثلاً، أو إذا كانت لك صديقة تعمل في الصيدلية فلماذا لا تجلسين معها، فهذا أيضًا نوع من التعريض، والتعريض الممتاز جدًّا.

الخطوة الرابعة هي: أن تحصلي على حبوب فيتامينات تكون صغيرة الحجم، واعرفي أن الفيتامينات بسيطة وسليمة، وتقومين ببلعها، ويمكن لنفس الحبوب أن تتناولها (مثلاً) أختك أو والدتك أو أحد من أفراد أسرتك، ويتم تناولها في نفس اللحظة، بمعنى أن الشخص الآخر يلعب دور النموذج الذي يُقتدى به، وأنت تكونين المنفذ، وهكذا.

جزء من التغيير والتعريض الفكري هو: إدراك أهمية العلاج، ووجوب العلاج على المسلم، وأعتقد أن هذه تمارين كافية جدًّا إذا طُبقت بصورة صحيحة، فسوف تساعدك كثيرًا، ومن ثم تقومين بالحصول على دواء يعرف تجاريًا باسم (سبرالكس), ويعرف علميًا باسم (إستالوبرام), وهذا حبوبه صغيرة جدًّا، وهو ممتاز جدًّا لعلاج المخاوف والتوترات, وكذلك الوساوس القلقية.

جرعة السبرالكس هي أن تتناولي نصف حبة فقط من الحبة التي تحتوي على عشرة مليجرامات، تناوليها لمدة شهر، بعد ذلك اجعليها حبة كاملة، تناوليها يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم اجعليها نصف حبة يوميًا لمدة شهر، ثم نصف حبة يومًا بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم توقفي عن تناول الدواء.

وتذكري أن هذا النوع من التدرج في مراحل العلاج هو يعتبر أيضًا نوعًا من العلاج لمثل حالتك من المنظور النفسي.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك العافية والشفاء, والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • السعودية ورود الحربي

    انا عندي نفس الحاله ويمكن اقوى
    وهي فوبيا بلع الحبوب
    وقد اثرت على نفسيتي وصحتي
    ودراستي

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً