الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

القلق النفسي وضرورة علاجه

السؤال

السلام عليكم.

عمري 26 سنة, أصبحت فكرة الانتحار تراودني معظم الوقت, بدأ الأمر منذ حوالي 8 سنوات, كنت منعزلا طوال الوقت, وغارقا دوما في أحلام اليقظة, وعند بداية شهر رمضان عندما بدأت الصلاة -كنت منقطعا قبلها- لم أجد أي إيمان في قلبي, بالرغم من أن إيماني كان قويا جدا, وجدتني لا أشعر بأي شيء, بدأت أبكي وأنتحب, كيف في يوم وليلة أصبحت كافرا!! وحشة في قلبي ورعب, أمشي في الشارع أبكي -بكل معنى الكلمة-.

في هذا الوقت كنت معتقدا أن غضب من الله -الآن بعد 8 سنوات أصبحت أعرف أنه من الممكن أنه كان مرضا نفسيا- ومع الوقت بدأت أتكيف مع هذا الإحساس السيء بدرجة تفوق الوصف, في داخلي أصبحت لا أشعر بأي لذة, لا فرح, لا سعادة, ولا أي شيء, كلمة أمل تصيبني بالاشمئزاز.

بدأ الأمر يزيد, من هروب من الأمر الواقع, إلى أحلام اليقظة, أصبحت أشعر بأني كالآلات ليس بها أي مشاعر, ولا أي شيئا سوى مشاعر الخوف والرعب عند التعامل مع الناس.

سأذكر بعد الأعراض التي أشعر بها:

1- لا أستطيع الاحتفاظ بإحساس إيجابي أو سعيد لأكثر من دقائق.

2- انعدام الدافعية.

3- النسيان السريع لأي شيء أفعله, أو أقوله, وقد أبدأ جملة ثم أقف في المنتصف أتسائل ماذا كان الموضوع -أنا أكتب هذه الرسالة منذ فترة كبيرة لأني أنسى الأعراض-.

4- عدم التركيز لأكثر من ثوانٍ معدودة, ثم أبدأ في الشرود.

4- الغضب السريع والانفعال الغير مبرر, لدرجة أني أتخيل أني أحطم, وأقتل, وأخرب كل شيء.

5- التملل, فلا أستطيع أن أجلس في مكان دون الحركة يمينا وشمالا, عندما كنت أدرس كنت أذاكر من آخر المنهج, ثم من الأول, ثم أغير للمنتصف؛ حتى لا أمل.

6- اصبح استيعابي للأشياء بطيئا, حتى إنه أثر على عملي, وأصبحت على وشك الفصل.

7- كلامي مبعثر وغير مرتب.

8- الكسل الشديد, وعدم الترتيب, والوسواس النفسي.

9- الرهبة في التعامل مع الناس.

10- ما أحبه أو أحترمه اليوم سأكرهه الغد, وسأحتقره بدون سبب, وما أكرهه وأنفر منه الآن سأحبه غدا.

11- حاولت ممارسة الرياضة لكني مللت, ولا أرى هدفا لأي شيء.
 
حاولت أن أذهب إلى طبيب نفسي هنا في الرياض ولكن مرتبي لا يكفي لحق الكشف والأدوية, والتفكير في الانتحار لا يفارقني, أحاول التغلب عليه بالصلاة, ولكن أبدأ الصلاة وانتهي منها ولا أعرف كم ركعة صليت, ولا ماذا قرأت, ولولا أني أتخيل الألم الذي ستعانيه أمي لأقبلت على الانتحار ليأسي من نفسي.

ملاحظة: لقد قرأت شيئا عن فرط الحركة وقصور الانتباه لدى الكبار, وهو يؤدي لنفس الأعراض.

أرجو الرد وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ mahmoud حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فإن كل وجُل أعراضك التي ذكرتها تحتوي على المعايير الضرورية لتشخيص الاكتئاب النفسي, ويظهر أن النوبة الأولى التي حدثت لك قبل ثماني سنوات كانت قلقية، لكنها أيضًا تحمل الجانب الاكتئابي، لكن الآن الصورة اتضحتْ بما لا يدع مجالاً للشك أن هذا هو الاكتئاب النفسي، والاكتئاب النفسي -أخي الكريم– يمكن أن يعالج ويعالج بصورة فاعلة جدًّا، ولا بد للإنسان أن يطرق باب العلاج، ويكون دائمًا الأمل والتفاؤل هو شعاره، التغلب الفكري على الاكتئاب مهم جدًّا، وهذا يكون من خلال المثابرة، الاستعانة بالله تعالى، والتفكير الإيجابي، والقيام بأفعال إيجابية مرضية للإنسان، ومحاولة الرياضة (مهمة) حتى وإن شعرت بالملل فيها، إلا أن المثابرة والإصرار على المحاولة والممارسة تعتبر من الطرق الجيدة جدًّا لتجديد الطاقات النفسية.

أخِي الكريم: الشيء الأمثل هو أن تذهب وتقابل الطبيب، لكنك أوضحتَ ظروفك أنك لا تستطيع أن تقوم بذلك نسبة للتكلفة المالية، وهذا عذر مقبول جدًّا, أنا لا أعرف الوضع في السعودية تمامًا، لكن أتصور أن مستشفيات الدولة غير مكلفة، وهي كثيرة جدًّا، فإن كان بالإمكان -أخي الكريم– أن تذهب للطبيب في أحد المشتشفيات الحكومية فهذا أمر جيد، وحتى إن ذهبت إلى طبيب الرعاية الصحية الأولية يمكن أن يساعدك، لأن أطباء الأسرة لديهم إلمام جيد بأعراض الاكتئاب، وهنالك بعض الأدوية التي تتوفر في المراكز الصحية.

أعراضك واضحة جدًّا، هي أعراض اكتئاب، فمقابلة الطبيب أنا أراها شيئا أساسيا، خاصة أنك ذكرت أن الأفكار الانتحارية تراودك, وأنا على قناعة تامة -إن شاء الله تعالى– أنك لن تقدم على هذا العمل الشنيع البشع، لأن المسلم المؤمن لا يحل مشكلة بمشكلة أسوأ منها.

وثانيًا: الأمل والرجاء شعار عظيم متى ما تدبره الإنسان وتأمل فيه سوف يجد أن الأمور مشرقة أكثر مما يتصور.

عليك -أخي الكريم– أن توسع من شبكة علاقاتك الاجتماعية، فالإنسان يحتاج لمن يعينه في أمور الدين والدنيا، والمساندة مهمة جدًّا.

الإصرار على العمل والإنتاجية أيضًا تصرف الانتباه من شرور الاكتئاب.

كحل أخير أراه إن لم تتمكن من أن تذهب إلى الطبيب المختص أو طبيب في الرعاية الصحية الأولية، فهنا أقول لك: حاول أن تتحصل على أحد الأدوية المضادة للاكتئاب، وتتناولها، بشرط أن يكون هنالك التزام بتناولها والصبر عليها، وإن شاء الله تعالى في نهاية الأمر سوف تجد منها فائدة كبيرة جدًّا.

عقار زولفت والذي يعرف تجاريًا أيضًا باسم (لسترال) أو يعرف علميًا باسم (سيرترالين) سيكون دواءً جيدًا، ابدأ في تناوله بجرعة حبة واحدة في اليوم -وقوة الحبة خمسون مليجرامًا– تناولها ليلاً، وبعد أسبوعين اجعلها حبتين في اليوم، وهذه هي الجرعة العلاجية المطلوبة في حالتك، استمر على هذه الجرعة لمدة أربعة أشهر، بعد ذلك خفض الجرعة إلى حبة واحدة يوميًا لمدة ستة أشهر، ثم إلى نصف حبة يومًا بعد يوم لمدة شهر، ثم توقف عن تناول الدواء.

هذا دواء مفيد، وإن شاء الله تعالى بعد ثلاثة إلى أربع أسابيع من بداية العلاج سوف تحس بتحسن حقيقي.

إن أطبقت عليك الأفكار الانتحارية فيجب أن تذهب إلى مراكز العلاج مباشرة، ولا أعتقد أن أي أحد سوف يصر أن تدفع الأجر المطلوب، هذه حالة إنسانية يُقدرها الأطباء, ويا حبذا أيضًا لو تكلمت مع إمام مسجدك، سوف تجد منه كل المساندة، تكلم معه حول كل ما يُقلقك، خاصة حول الأفكار الانتحارية التي ذكرت أنها تشوبك من وقت لآخر.

ملاحظتك حول فرط الحركة وقصور الانتباه لدى الكبار: هي علة معروفة، لكن لا أعتقد أن ما تعاني منه أنت يطابق المعايير التشخيصية لهذه الحالة.

بالنسبة لضعف التركيز الذي لديك: منشأه القلق والاكتئاب, وكذلك الوساوس.

وهذا حكم الانتحار أو التفكير فيه : (262983 - 110695 - 262353 - 230518)

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد، وكل عام وأنتم بخير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً