الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أختي تخاف على أبي كثيرا من المرض، كيف نعيدها لطبيعتها؟

السؤال

السلام عليكم

أرجو أن تفيدوني: أختي الصغرى عمرها 28 سنة، تخرجت من الجامعة، وهي الآن تعمل في أحد البنوك، منذ فترة قصيرة لاحظنا عليها أنها أصبحت غريبة لدرجة كبيرة، حتى أنها دائما تسأل والدي عندما ترجع من العمل، ماذا فعلت اليوم وتكرر عليه السؤال عدة مرات، ثم تقول له أحلف أنك لم تذهب إلى المستشفى، فيحلف والدي، ثم تذهب إلى غرفتها، وكل فترة تأتي إلى غرفة الصالة للاطمئنان على والدي، وتقول له كيف حالك؟ عدة مرات لدرجة أن والدي أصبح متضايقا من تصرفاتها اللاعقلانية، نصحها والدي أن تذهب إلى طبيب نفسي، لكنها رفضت ذلك وبشده.

والدي لا يريد أن يقول لها أنه يذهب إلى المستشفى للفحص، أو لأي سبب آخر؛ لأنه لا يريدها أن تقلق أكثر من اللازم، فهل هذا تصرف صحيح؟

أريد أن أحدثكم قليلا عن خلفية ذلك:

والدي رجل عمره 68 سنة، وهو يعاني من المرض النفسي والبروستاتا والباركنسون، وهي تخاف بشدة أن يذهب والدي إلى المستشفى، ولا نعلم السبب.

لدينا تاريخ مرضي حيث يعاني والدي من المرض النفسي -كما سبق-، وأخي الكبير يتعالج من مرض الفصام في أحد مستشفات مصر منذ أكثر من 20 عاما، ولم يشف حتى الآن، وأنا كذلك عندي اكتئاب وأتناول أدوية.

أرجو أن تفيدوني ماذا نفعل مع أختي حتى ترجع لطبيعتها، وهل يجب على والدي أن يحدثها دائما بالصدق عندما يذهب إلى المستشفى؟

وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نجمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نشكر اهتمامك بأمر والدك، وكذلك بأمر أختك.

السؤال المتكرر من جانب أختك لوالدك إن كان ذهب للمستشفى أم لا، هو بالفعل سؤال يُسبب الملل والضجر -كما ذكرت- لأنه متكرر، والتفسير له هو أن أختك غالبًا يكون منطلقها الشفقة على الوالد، وأصبح الأمر يسيطر عليها وسواسيًا، ومن شدة مخاوفها القلقية والوسواسية عليه أصبحت تكرر هذه الأسئلة.

هذا هو التفسير الأقرب الذي أراه، لكن يجب أن نضع في البال وجود أي تغيرات مسلكية لهذه الفتاة -حفظها الله- إن كانت تصرفاتها سوية في مرافق الحياة الأخرى من حيث تخاطبها وطريقة تعاملها مع الناس، وفي محيط العمل، إذا كان هنالك طريقة للتعرف عن طريقة تعاملها مع من حولها من الموظفين، وإن كان يبدر منها أي نوع من التصرف الذي يعتبر خارجًا عن ما هو طبيعي، هنا ربما يكون الأمر غير الوسواس، وفي هذه الحالة عرضها على الطبيب النفسي أعتقد أنه ضروري.

فإذن الوسواس القهري -وسواس المخاوف- قد يكون هو السبب والدافع لتصرفاتها، هذا هو الذي أرجحه، والسبب الآخر ذكرته لكم.

أنا أعتقد أن ذهابها مع والدك حين يكون له مواعيد مع الأطباء، هذا قد يطمأنها بعض الشيء، بالطبع لا نقول أن تذهب معه في كل مقابلة، لكن إذا كان للوالد مقابلات منتظمة شهرية مثلاً فدعوها تذهب معه، هذا يطمئنها ويجعلها تتعرض لمصادر مخاوفها الوسواسية، وهذا قد يفيدها.

أما بالنسبة لوجود تاريخ مرضي في الأسرة، فهذا أمر نعتبره ونقدره، ولا نتجاهله أبدًا، لكن ليس من الضروري أن يُصاب جميع أعضاء الأسرة بمرض إذا كان هذا المرض موجودًا في الأسرة.

أما بالنسبة للأخ الذي يعاني من مرض الفصام: أيضًا المتابعة مهمة في المستشفيات، وتوجد الآن أدوية طيبة وحديثة، ربما تساعد مرضى الفصام، والطرق العلاجية التأهيلية أيضًا مطلوبة.

مرض والدك حسبما لاحظتُ في الاستشارة السابقة أنه يعاني من الاكتئاب النفسي، والاكتئاب النفسي يكثر في مثل عمر والدك، وفي نفس الوقت هنالك علاقة وطيدة بين مرض الشلل الرعاشي، والاكتئاب النفسي، حيث إن أربعين إلى ستين بالمائة من مرضى الرعاش يصابون بالاكتئاب النفسي.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً