الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل علي إثم بسبب استعمال إخوتي غير المشروع لسيارتي؟

السؤال

لدي سيارة خاصة بي، وأضطر أحيانا إلى إعارتها لإخوتي من أجل قضاء حاجياتهم، أو حاجيات تتعلق بالمنزل.

المشكل أنهم يستمعون إلى الأغاني أثناء استعمالهم للسيارة، وأخشى أنهم ينقلون فيها صديقاتهم دون علمي للتنزه معهن.

هم يعلمون مسبقا أنني أرفض ذلك، لكن يفعلون، حدثت مشاكل بسبب السيارة، لذا أسأل هل أنال إثما بسبب الاستعمال غير المشروع للسيارة من قبل إخوتي؟ لا يمكنني الاستغناء عن السيارة؛ لأنني عاملة، ولأنها ضرورية جدا في المنزل، ومن جهة أخرى أخشى أن أؤثم بسبب تصرفات إخوتي.

وكذلك لا يمكنني ألا أعيرهم السيارة، وإلا حصلت مشاكل كبيرة ستضطرني إلى بيع السيارة، والتخلص منها، وأعود إلى معاناتي مع النقل من جديد كما أن والديّ كبيران في السن، وفي حاجة إلى السيارة للتنقل.

أرجو منكم الرد في أقرب وقت.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سارة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحابته ومن والاه.

بداية نرحب بك ابنتنا الفاضلة في موقعك، ونشكر لك هذا التواصل مع الموقع، ونشكر لك هذا الورع والحرص الذي دفعك إلى السؤال، ونسأل الله أن يزيدك حرصًا وخيرًا، وأن يبارك لك في السيارة وفي أموالك، وأن يُكثر من أمثالك، وأن يُلهمك السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه.

وسوف نكن نحن أسعد إذا لم تبيعي السيارة شريطة أن تواصلي النصح لإخوانك، وتجتهدي أنت - بالعكس - في أن تضعي أشرطة دعوية وقرآن في السيارة، بحيث عندما يستعملوها يجدوا هذه الأشرطة، لعلهم يُحرجوا بعض الشيء، فإذا وصلّت لهم النصيحة، وعرفوا منك أنك لا تحبين هذا الشيء، واجتهدت في تفادي الاستخدام السيئ جهدك بالطرق المناسبة والمشروعة، فإنه لا إثم عليك، بل نحن نريد من أمثالك أن يكون لها دور أكبر في السعي في إصلاح إخوانها، والإنسان أحيانًا ربما يجد شريطًا في السيارة يستخدم هذا الشريط في لحظة فيها صفاء يريد الله تبارك وتعالى له فيها الخير فيكون فيها الخير الكثير.

وطالما كانت السيارة لك حاولي أن تضعي فيها ما يدل على الخير من ملصقات تُذكر بالله تبارك وتعالى، ومن أشرطة نافعة مفيدة، تكون موجودة فيها، ومن كتيبات صغيرة أو نشرات فيها نصائح وإرشادات، بحيث إذا ركب الإنسان يستطيع أن يجد هذه الأشياء بين يديه، وهذا أسلوب نافع جدًّا، لأن الإنسان يشعر أنه غير مقصود به، لكن إذا قلت لإنسان (اقرأ هذا الكتاب)، (انظر في هذه اللوحة)، (استمع لهذا الشريط) فإنه سيرفض؛ لأنه يشعر أنه يُؤمر، ويشعر أننا نتهمه بأنه سيئ، والشيطان له مداخل كثيرة، لكن عندما تكون هناك أشياء في السيارة شرعية كل ما فيها يذكر بالله تبارك وتعالى، فالمرآة إلى جوارها أذكار، في مقدمة السيارة - مثلاً – أدعية، على السيارة أشرطة نظيفة، كلمات تذكر بالله تبارك وتعالى، وتخوف من العواقب، وأن الإنسان يمشي في الطريق، ولا يدري ما الذي يحصل له، وبهذه الطريقة نحن نتمنى أن تكون هناك أشياء شرعية تشعر أن هذه الأشياء ستحرج كل من ركب السيارة، ويريد أن يمارسها في العصيان وفي الغفلة، وسيصعب عليه إخراج هذه الشعارات واللوحات التي تضعيها.

حبذا لو كانت أيضًا فيها لمسات جمالية وفيها ألوان مختارة، حتى تكون جزءً من الديكور الجميل لهذه السيارة، التي ينبغي أن تشكري الله تبارك وتعالى عليها، وتحافظي عليها طالما كنت أنت بحاجة إليها وطالما كانت الأسرة كذلك بحاجة لها، وحتى هؤلاء الشباب هم بحاجة لها لجلب احتياجات المنزل، وأنت بحاجة لها أيضًا لأنك تتفادين بها الزحام، ومعلوم أن الزحام فيه حرج للبنات وللنساء، وقد يتعرضن لما يكرهن من هذه المواصلات العامة التي تجمع من الناس أصنافًا وأشكالاً وألوانًا.

استمري على هذا الخير، واستمري في نصح إخوانك، وحاولي دائمًا أن تُشعريهم بحاجتك إلى السيارة، وإذا شعرت أنهم مثلاً سيستخدمونها في معصية، فلا مانع من ابتكار برنامج في ذلك اليوم، ولو مزحًا مع الوالدين حتى تفوتي عليهم الفرصة، دون قصد، ودون أن يُدركوا أنك تقصدينهم، وبهذه الطريقة تكوني قد جمعت بين الحسنيين، واستطعت أن تنفعي إخوانك بما هو نافع ومفيد؛ ولأن الأصل في السيارة أن تستخدم في الخير، فإن الاستخدمات الخارجة يتحمل مسؤوليتها من يفعل ذلك الخروج، ومن يستخدم هذه النعمة في معصية الله تبارك وتعالى.

وأنت تملكين أن تمنعيهم، ثم تنصحينهم، ولا بد أن يكون ما بينك وبينهم عامر حتى تستطيعي أن تؤثري عليهم، وتقدمي لهم النصائح، وأرجو أن يسمعوا منك النصح، وأن يجدوا منك اللطف، وأن تكوني إلى جوارهم، وحبذا لو جعلت البداية بمن هو أقرب للصلاح وأقرب للخير.

حاولي دائمًا بعيدًا عن السيارة تذكريهم بالصلاة والصلاح، وببر الوالدين، وبمعاني هذا الدين العظيم الذي شرفنا الله تبارك وتعالى به.

اجتهدي في اكتشاف عناصر الخير في أنفسهم، ثم بعد ذلك نمي بذرة الخير في نفوسهم، ولا تجعلي منعهم من السيارة سببًا لكراهيتك والنفور منك، والذي يريد أن يفعل معصية سيفعلها بدون السيارة أو بالسيارة، ولكن كيف نعين هؤلاء على الخير، وكيف نلاطفهم ونقدم لهم خدمات ولو عن طريق هذه السيارة من أجل أن نؤلف قلوبهم.

نحن سعداء بهذا الشعور، ونشكر لك هذا الحرص على الخير، وهذا في حد ذاته دليل على أنك تحملين روحا حريصة على طاعة الله تبارك وتعالى، فنسأل الله أن يقر عينك بصلاحهم، وأن يبارك لك في السيارة، وأن يبارك لك في العمل، وأن يرد ضال المسلمين وغافلهم للحق ردًّا جميلاً، هو ولي ذلك والقادر عليه.

وسوف نكون سعداء في حال تواصلك مع الموقع، ونحن جاهزين لخدمة أمثالك من الفاضلين والفاضلات، والصالحين والصالحات، فإنه شرف لنا أن نتعامل مع من يشعر بمثل هذه المشاعر النبيلة، ونكرر شكرنا لك للسؤال، وشكرًا لك للتواصل، ونسأل الله لك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً