الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أرغب في العمل كموظفة إدارية، ووالدتي ترفض، فما الحل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أريد مشورة أحد ما فيما أفكر به، وأين أذهب، أريد المشورة ثم أستخير على أساسها، وأريد أن أعرف هل حقاً رأي أمي صائب أم خاطئ في رفضها للأعمال التي أفكر بها؟

أنا أرغب في العمل كموظفة إدارية من سكرتارية إدخال بيانات الخ، فأنا خريجة لغة إنكليزية، وأريد حقا التطور في اللغة ورفع درجتي فيها، وحسب المنطقة التي أنا بها، فالإعمال الإدارية تعتبر نادرة بل هي قليلة، ففكرت في العمل في الفنادق وهي فنادق عالمية وراقية، وأخبرني الموظف أنه لا يوجد بها اختلاط إلا القليل، ولنا مكاتب خاصة، وبصفة عامة فقط أعجبتني الوظيفة، إلا إن أمي رفضتها وبشدة بحجة الاختلاط بها، وأن الفنادق بؤر ومراتع للفساد في أي مكان كانت.

المجال الآخر كان المستشفى، وهو الآخر رفض بنفس الحجة، ولكن رفضها للمستشفى كان أقل من رفضها للفندق، وهي شبه مقتنعة به، ولكن به نظام (الشفتات)، وعلى الرغم من أنني أخبرتها بأن الكثير من الفتيات يعملن هناك ولا بأس بذلك ولكني أجد العراقيل اللامحدودة.

أمي تريدني أن أعمل بمجال نسائي بحت، وأنا ليس لدي حرج من ذلك، ولكن المجالات النسائية لا يوجد سوى التدريس الذي أبغضه جداً، وميولي متنافرة معه، فقد جربته شهراً ولم أستطيع التأقلم معه، إضافة إلى أنه تم الاستغناء عني بدون سبب واضح، فقط إن صوتي غير واضح بدون حضور أحد، وهذا اعتمادا على كلام الطالبات، عموماً لم أرتاح لذلك المجال، وأريد حقاً العمل بمجال أرغبه، وقد تم نعتي سابقاً بالكسل؛ لأن التدريس يتطلب الوقوف، وأنا لشدة كسلي لا أرغب بذلك، لذلك قمت بتجربة العمل حتى أقنعهم أنه العكس رغبتي تماماً، والحقيقة شعرت بضغط علي وكأن عاما مر علي في العمل وهو في الحقيقة شهر واحد.

أرجو مساعدتي إما بطريقة لإقناع أمي، أو بإعطائي المجالات النسائية الأخرى الإدارية، فأنا من مكة ولا أستطيع العمل إلا بها.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حليمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحابته ومن والاه.

بداية نرحب بك في موقعك، ونشكر لك الاهتمام والسؤال، ونشكر لك الحرص على إرضاء الوالدة، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يوفق الجميع لما يحبه ويرضاه.

بداية لابد أن تشكري هذه الوالدة على حرصها، ونشكر لك أيضًا الرغبة في الخير، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يلهمكم السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه.

ولا يخفى عليك - ابنتنا الفاضلة - أن الإسلام لا يمنع المرأة من العمل إذا احتاجت الأمة لخدماتها، أو كانت هي بحاجة إلى العمل لتزيد مدخولها، أو تصلح بعض ظروفها الصعبة، وبشرط ألا يكون في العمل مخالفات شرعية، وأن يكون العمل متناسبًا مع طبيعة المرأة، وألا يترتب على هذا العمل ضياع حق وواجب من الواجبات ككبر الوالدين أو حقوق الزوج، أو حقوق الأبناء.

هذه هي الضوابط التي ينبغي أن تراعى من الناحية الشرعية، وأحسبُ أن مجال التدريس هو أنظف المجالات وأحسنها بالنسبة للنساء، خاصة في البلد الذي أنت فيه، فإن الفرصة فيه كاملة للمرأة في أن تُبدع وتُنتج، وكم تمنينا لو أنك - إذا كنت لا تريدين التدريس - نجحت في أن تتحصلي على وظيفة إدارية في المدارس، حتى ولو براتب أقل، فإنها البيئة الأولى التي نختارها لك، والبيئة الثانية هي بيئة مراكز التحفيظ والعمل الدعوي النسائي، أيضًا إذا استطعت أن تكوني في الجانب الإداري، وحبذا لو طورت من قدراتك لتكوني معلمة قرآن أو تساعدي في أعمال دعوية، فإن هذا مجال فيه فلاح الدنيا والآخرة.

أيضًا هناك مجالات في التدريس لكنها أسهل مثل رياض الأطفال والتعليم في المراحل الأولى، لو أنك وجدت في هذه المجالات فهي أيضًا أطيب وأفيد، وهي الأقرب إلى طبيعة المرأة، وغدًا ستكون أُمًّا، وتكتسب خبرات من خلال وجودها في هذه البيئة.

إذا لم تتيسر هذه الوظائف فإننا نرشح لك الأفضل أن يكون العمل في مستشفى، وهناك أيضًا جهات تُبيح للمرأة ألا تعمل في نظام الشفتات، خاصة الكادر الإداري وإدخال البيانات - ومثل هذه الأمور - غالبًا ما يكون في وقت الدوام الرسمي، والإنسان عليه أن يبذل جهده ويتقي الله تبارك وتعالى ما استطاع.

ولا شك أن المفاهيم التي عند الوالدة هي موجودة عند كبار السن وعند كثير من الناس، ولكن يجب أن يعلموا أن مهنة الطب الآن دخلت فيها الصالحات وفيها صالحين وفيها منقبات وفيها حريصات على الخير، ونحن على كل حال بحاجة إلى كادر نسائي يقمن بمداواة النساء ومعالجة أخواتنا وبناتنا وزوجاتنا، فهو المجال الأقرب، وفي هذه الحالة أنت بحاجة إلى أن تطلبي مساعدة الأخوال والخالات والأعمام والعمات، فتحتاجين بعض الدعاة إلى الله تبارك وتعالى حتى يجتهدوا في إقناع الوالدة.

وعلى كل حال فنحن نشكر لك هذا الحرص على الخير، ونشكر للوالدة أيضًا خوفها عليك وحرصها عليك، فأنت عندها غالية، والفتاة دائمًا مثل الثوب الأبيض، والبياض قليل الحمل للدنس، فنسأل الله تبارك وتعالى أن يُقدر لك الخير حيث كان ثم يُرضيك به.

أما إذا كان الحال ميسورًا والأمور ولله الحمد طيبة، فنحن ننصحك بأن تتفرغي لخدمة الوالدين، ثم تتفرغي بعد ذلك لخدمة الزوج مستقبلاً ورعاية الأبناء، فإن هذه هي الوظائف الرسمية والهامة التي هيأ الله تبارك وتعالى لها المرأة.

إذا كنت تُجيدين اللغة الإنجليزية فلا مانع أيضًا من أن تعملي في مراكز الدعوة ولو عن طريق النت، ترجين الثواب والأجر من الله تبارك وتعالى.

أما مسألة الفنادق فنحن فعلاً لا نفضلها لبناتنا مهما كانت، لأنها هي بؤر الفساد والشر، وإن كان هناك من تستطيع أن تراعي ذلك، فإن وجود الإنسان في بيئة مثل هذه لا ينبغي أن يضع نفسه في مواضع التهم، ومن وضع نفسه في مواطن التهم فلا يلومنَّ إلا نفسه، هذه الجهات لا يزال هناك تحدي كبير أمام القائمين في مجالات الفندقة في أن يصححوا هذه الصورة، - ولله الحمد- بدأت في بعض البلاد بوادر فنادق ليس فيها نساء وليس فيها خمور، خاصة في الجانب الذي يلي الرجال ويقوم الرجال فيه باستضافة الرجال من أمثالهم، لو نجحنا في أن نفعل هذه النماذج فإننا بذلك نكون وضعنا فعلاً لحلاً لإشكال كبير يواجه الصالحين ويواجه الصالحات في العمل في مثل هذه الأماكن.

نسأل الله لك التوفيق والسداد، وأن يلهمك الرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً