الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

خوف ورجفة مع الغرباء والضيوف.. هل من علاج لحالتي؟

السؤال

أنا شاب أبلغ من العمر 21 غير متزوج، أعاني دائما من ربكة، وخوف أمام الضيوف لم أكن أعاني من هذه الحالة مسبقا، ولكن منذ 4 سنوات بدأ الأمر تدريجيا حتى أصبحت أنعزل عن دخول المجالس، والمشكلة الكبرى أنني أرجف أثناء حمل (فنجايل) القهوة بشكل ملفت للانتباه، وهي سبب انعزالي من دخول المجالس خوفا من أن يطلب مني أن أقهوي الضيوف.

أعاني أيضا بأني لا أجيد الحوار والكلام مع الغرباء كما أجيده مع أهلي وأصدقائي، ولا أستطيع تكوين صدقات، فكل صداقاتي محدودة على شخص أو شخصين فقط.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ تركي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

فإن مشكلتك - إن شاء الله تعالى – بسيطة، وهذه الحالة التي تعاني منها نسميها بالقلق أو الخوف أو الرهاب الاجتماعي الظرفي، وحالتك ليست معقدة مثل بعض الحالات.

العلاج أيها الفاضل الكريم يتمثل في:

أولاً: يجب أن تكون أكثر ثقة في نفسك، وتذكر دائمًا أنك لا تقل عن الآخرين في شيء.

ثانيًا: أعراض الخوف التي تأتيك في شكل تسارع في ضربات القلب، أو شعور بالشد العضلي في الجسم، أو شيء من الدوخة الخفيفة هو ناتج من تغيرات فسيولوجية في داخل الجسم.

ثالثًا: ما تحس به أنت ليس للآخرين أي وسيلة للاطلاع عليه، يعني من يأتيه الخوف في المواقف الاجتماعية يعتقد دائمًا أن هذا الخوف قد نُقل للآخرين، وأنهم يعلمون الآن أنه خائف، أو أنه سوف يسقط، أو أنه يرتجف ويرتعش أو يتلعثم، وهذا ليس حقيقيًا، فأرجو أن تصحح مفاهيمك.

رابعًا: أفضل علاج هو المواجهة، والمواجهة يمكن أن تكون بالتدرج، أو تكون عن طريق ما نسميه بالإطماء، وهو أن يجبر الإنسان نفسه على مواجهة هذه المواقف في مرات متعددة، وسوف يجد بعد ذلك أن الخوف قد انتهى تمامًا.

خامسًا: أنت محتاج لأن تطور مهاراتك الاجتماعية، أولاً يجب أن تكون لك معرفة وإدراك تام عن كيفية التصرف في المواقف الاجتماعية: ماذا أقول حين أقابل ضيفًا؟ بالطبع يجب أن تسلم تحية الإسلام وبصورة جيدة، وتكون هاشًا وباشًّا في وجه الطرف الآخر، هذا من أساسيات المهارات الاجتماعية.

كثيرًا من الذين يعانون من الرهاب الاجتماعي تواجههم مشكلة حقيقية؛ لأنهم في الأصل ليس لديهم المعرفة والاطلاع العام كيف يتصرف في المواقف الاجتماعية، حتى الكلمات، كلمات الترحاب أو كلمات المجاملة، حين تذهب مثلاً لعزاء أو لعُرس أو لفرح أو شيء من هذا القبيل، بعض الناس لا يعرفون الكلمات التي يجب أن يتخيرها الإنسان في مثل هذه المواقف، وأنا كثيرًا ما أنصحهم بأن يكوّنوا جُملا مفيدة يستفيدون منها حين مقابلة الآخرين.

فيا أيها الفاضل الكريم: يجب أن توسّع من معرفتك، وتكتب ما يجب أن تقوله في الموقف الاجتماعي المعين وتكرر ذلك، وتقوم بدور تمثيلي كنوع من الدراما، تتصور أنك الآن أمام ضيف، أو أمام طبيب، أو أمام غريب، أو أمام شخص صاحب منصب، ماذا تقول؟ كيف تتصرف؟ حين تعيش هذا الموقف في خيالك وتركز عليه وتمثله تمثيلاً حقيقيًا كأنك في الواقع، هذا يؤدي إلى ظاهرة سلوكية عظيمة جدًّا تُسمى بالتحصين التدريجي، يعني أنك قد حصنت نفسك من الخوف والتوتر، فهذا علاج ممتاز أرجو أن تطبقه بإصرار.

سادسًا: صلاة الجماعة، خاصة في الصف الأول وخلف الإمام، كل من جربها وحافظ عليها تخلص من الخوف الاجتماعي، فأرجو أن تكون حريصًا عليها.

سابعًا: ممارسة الرياضة مع مجموعة من أصدقائك - مثل كرة القدم مثلاً – هذا أيضًا ذات فائدة عظيمة جدًّا.

وختامًا: أريد أن أصف لك دواءً بسيطًا جدًّا سوف يساعدك - إن شاء الله تعالى – خاصة إذا تناولت الدواء بالتزام وطبقت بقية الإرشادات التي ذكرناها، الدواء موجود بالمملكة العربية السعودية، ويعرف تجاريًا باسم (لسترال)، ويعرف أيضًا تجاريًا باسم (زولفت)، واسمه العلمي هو (سيرترالين)، الجرعة المطلوبة في حالتك جرعة صغيرة، وهي أن تتناوله بجرعة خمسة وعشرين مليجرامًا (نصف حبة) تناولها ليلاً بعد الأكل لمدة عشرة أيام، بعد اجعلها حبة كاملة تناولها ليلاً، استمر عليها لمدة ثلاثة أشهر، ثم اجعلها نصف حبة ليلاً لمدة شهرين، ثم نصف حبة يومًا بعد يوم لمدة شهر، ثم توقف عن تناول الدواء.

بجانب السيرترالين هنالك دواء يعرف تجاريًا باسم (إندرال)، ويعرف علميًا باسم (بروبرالانول) أرجو أن تتناوله بجرعة عشرة مليجرام صباحًا ومساءً لمدة شهر، ثم اجعلها عشرة مليجرام صباحًا لمدة أسبوعين، ثم توقف عن تناول الدواء.

إن شاء الله تعالى بتطبيقك لهذه التعليمات سوف تجد أنك قد تخلصت من هذه الرهبة الاجتماعية، والتي أعتبرها من الحالات البسيطة، والتي يمكن علاجها واحتوائها بسهولة إن شاء الله تعالى.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • ماليزيا بوحميد

    انا نفس حالتك بالضبط ، تعبت من حياتي . احاول اتجنب الجلوس مع الغرباء و المجالس اللي فيها ناس كثير
    مواقف محرجة صارت ،، وهي اني من شدة الخوف و التوتر ومرة من المرات ما عرفت اصب القهوة و انسكبت عليا و شخص ينادي في المجلس اطنشة من شدة الخوف و الرهبة و قلق وكاني في عذاب في ذلك المجلس . صرت اتجنب الجلوس باي طريقة لكن اعرف ان هذا خطأ و راح يأثر عليا مستقبلا فالذلك ستحاول بان احلها

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً