الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل أوافق على خطيب مستواه المادي أقل من المستوى الذي أعيشه؟

السؤال

السلام عليكم.

محتارة في اختيار الزوج.

عمري 18سنة، ولم أفكر قط بالزواج، تقدم لي قبل هذا العريس ابن عمتي، وواحد آخر، ولكني لم أوافق عليهما، وﻻ أدري إذا كنت جاهزة للزواج الآن أم لا؟

وأنا مازلت في الجامعة، وأنوي إكمال تعليمي، ولكن مشكلتي مع العريس: هو أنه معجب بي، ويريد أن يأخذني بالحلال، وهو يعمل عند أبي، وكان يراني عندما أزور أبي في العمل، مع أنني لم أﻻحظه في حياتي، وﻻ أعرف عنه إلا أنه يعمل مع أبي، ولقد تعرفت عليه حين أتى للخطبة، وأعجبت بخلقه ودينه، وبه رجولة جميلة، فهو يتحمل أعباء أسرته بعد وفاة والده - رحمة الله عليه -، ولكن هذه أيضا نقطة سيئة بعض الشيء، فراتبه قليل جدا (3000)، وهو يصرف على أهله.

وقد قال لي: بأنه يريد وبشدة أن يكمل تعليمه، فهو لديه شهادة (دبلوم كمبيوتر)، وأنا أصدقه، ولكن لا أدري، وﻻ أعتقد أن بإمكاني تحمل المعيشة بمستوى أقل من المستوى الذي أعيشه؟ وﻻ أدري كيف سأتخذ القرار؟

ولقد مضى علي شهر منذ أن تقدم لخطبتي، وهو كل يوم يزور أبي كي يسأله عن رأيي، وﻻ أدري ما العمل؟


أرجو المساعدة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ reem emem حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحابته ومن والاه.

بداية نرحب بك في موقعك، ونشكر لك هذا الحرص على الخير، ونسأل الله لك التوفيق والسداد، ونسأل الله أن يقدر لك الخير حيث كان ثم يرضيك به.

ونصيحتنا لك هي: أن تقبلي بهذا الشاب الذي يعمل مع الوالد، وأشرتِ أنه صاحب خلق ودين وأدب، وقد أُعجبتِ به، ولا شك أن الوالد أيضًا معجب به، والدليل على ذلك، أنه يأتمنه على العمل، وأنه يعمل بطرف الوالد، ورأي الوالد في هذه المسألة مهمة، رغم أنه لم يتضح من خلال هذا السؤال، ولكن يبدو أن الوالد موافق، لأن الوالد رضيه أمينًا على عمله، وخير من استأجرتَ القوي الأمين، بالتالي أعتقد أنه سيرضاه زوجًا لك، وأنت وجدتِ فيه علامات طيبة: من حسن الخلق، وحسن الدين، وهذه مؤهلات كبيرة وأساسية، وهي التي ينبغي أن نركز عليها في البداية وفي النهاية، فينبغي أن نركز على هذا الجانب.

الأمر الثاني: كونه يصرف على أسرته وعلى والديه، ويرعى هؤلاء الأيتام، بالعكس هذا مظهر إيجابي، وهذا دليل على الخير الذي فيه، وهذا من الدلائل التي يكون فيها موفقًا في حياته - إن شاء الله تعالى –، فإن الإنسان إذا قام بالواجبات تجاه إخوانه الصغار، وأنفق على أسرته – وهم من الأيتام –، فهذا له درجات رفيعة عند الله تبارك وتعالى، ونتمنى أن يحتسب في كل ذلك ليفوز بقول النبي - عليه الصلاة والسلام -: (أنا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين).

ولذلك فهذا جانب إيجابي، ونحن لا نوافق إذا قلت أن هذه مشكلة، لأن هذا مظهر إيجابي، وهذا فعلاً يدل على رجولته، وكمال أخلاقه، وقدرته على تحمل المسؤولية، وحسن رعايته لإخوانه، فهناك من يتنصل ويتنكر لأسرته بعد موت الوالد، ولا يحب إلا نفسه، ولا يعمل إلا لمصلحة نفسه.

عمومًا، أرجو أن تعرفي رأي الوالد في هذه المسألة، فإن كان الوالد موافقًا - وأعتقد أنه موافق –، فأرجو ألا تترددي، ولا مانع بعد أن شاورتِ من أن تتوجهي إلى الله تبارك وتعالى، الذي يُجيب المضطر إذا دعاه، وعليك أن تسارعي إلى صلاة الاستخارة، والتي كان لأهميتها يعلمها رسول الله - صلى الله عليه وسلم – الصحابة، كما يعلمهم السورة من القرآن، لأن الاستخارة هي طلب الدلالة إلى الخير ممن بيده الخير سبحانه وتعالى، ومن الذي سأل الله ولم يوفقه؟! ومن الذي لجأ إلى الله ولم يحالفه التوفيق والسداد؟!

لذلك نحن ندعوك إلى الاهتمام بهذا الجانب (صلاة الاستخارة)، ثم بعد ذلك شاوري من حولك، ومن هم أعرف بالشاب وبك حول هذا الموضوع، وأرجو ألا تأخذ الماديات مساحات كبيرة في تفكيرك، وشجعيه على إكمال تعليمه، وأنت أيضًا أكملي تعليمك، وعند ذلك ستأتيكم وتُفتح عليكم أبواب الرزق، فإن الله قال: {وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم}، كأن قائلاً يقول: أين الفلوس؟ هم فقراء؟ فقال تعالى: {إن يكونوا فقراء يُغنهم الله من فضله والله واسع عليم}، فكان السلف يقولون: التسموا الغنى في النكاح.

وفعلاً النكاح سبيل للغنى، لأن الإنسان سيأخذ أعمالا إضافية، وسيعرف قيمة الدرهم والدينار، وسيعيد ترتيب أوراقه وأمواله، وكذلك الزوجة تأتي برزقها، والأولاد يأتون برزقهم، فالله تبارك وتعالى قسم الأرزاق ونحن في بطون أمهاتنا، بل قبل خلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، ولكنه يرسل الملَك إلى نفخ الروح، ويكتب له رزقه وأجله.

ومن هنا ندعوك إلى ترك التردد في هذه المسألة، والإقبال على هذا الرجل الذي تكلمتِ عن أخلاقه وعن دينه، لأن هذه هي المؤهلات الأساسية، وإذا كان عندك مزيد من التفاصيل، فنتمنى أن تتواصلي مع الموقع حتى تتضح لنا الرؤيا، أما قلة المال، وكونه يصرف على أسرته، فهذه لا تعتبر عيوبًا نرد الشابُّ من أجلها، خاصة وأن عمله شبه مضمون، فهو يعمل مع والدك، والذي هو حريص عليه وعليك، والذي قد ائتمنه - كما قلنا - للعمل، فهذا دليل على أن فيه مؤهلات وصفات جميلة نتمنى أن تفوزي بها.

ونسأل الله لكما التوفيق والسداد، ونسأل الله أن يقدر لك وله الخير ثم يرضيكما به.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً