الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لدي رهاب اجتماعي وخجل في بعض المواقف، ما العلاج؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

في الحقيقة أنا شاكر لكم جهدكم وعطاءكم، وأتمنى من الله أن يجعله في ميزان حسناتكم.

أنا شاب عمرى 25 سنة، أعاني من رهاب اجتماعي بدرجات متفاوتة، قد تكون منخفضة أو متوسطة أو شديدة.

الأعراض التي أعاني منها كما يلي:
-رجفة في الرأس عند التحدث مع أشخاص لا أعرفهم، وأتلعثم في الكلام، خصوصاً عند حضور المناسبات.
-احمرار الوجه أحياناً.
-فقدان التوازن في المشي عند المرور أمام مجموعة من الناس، ورهبة وخوف.
-سرعة دقات القلب، ورجفة شديدة عند حدوث مشاجرة أمامي أو أي أمر مفزع.

-التعرق بشدة، ورجفة عندما ينظر إلي شخص أو مجموعة أشخاص، أو عندما أكون تحت أنظار الناس.

أنا في طبعي خجول جداً لا أحب حضور المناسبات والأماكن التي يجتمع بها الناس بكثرة، أحب الجلوس لوحدي، ولقد أصبحت لدي مخاوف من المستقبل! وكيف ستكون حياتي في التعامل مع الناس؟!

هل يوجد دواء لحالتي يكون رخيص الثمن؟ ذلك لأني سألت عن سعر دواء السيروكسات فإذا به غالي الثمن ولا أستطيع شراءه.

ذلك لأني قرأت في مواقع عديدة على الإنترنت أن السيروكسات يقضي على الرهاب.

بارك الله فيكم وجزاكم كل خير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمود حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

إن أعراضك التي ذكرتها كلها بالفعل تدل على وجود درجة بسيطة إلى متوسطة، مما يعرف بالخوف أو الرهاب الاجتماعي.

النقطة الثالثة – على وجه الخصوص – وهي فقدان التوازن في المشي عند المرور أمام مجموعة من الناس ورهبة وخوف: هذا عرض مهم جدًّا، لأنه يُزعج صاحبه ويعطيه الشعور العام بأنه سوف يفقد السيطرة على الموقف، أو أنه ربما يسقط أرضًا أمام الآخرين، وهذا بالطبع – أي هذا الشعور – ينتج عنه مخاوف كثيرة نسميها بـ (الخوف التوقعي) وهذه مزعجة لصاحبها.

أنت من خلال سردك أكدت التشخيص بصورة قاطعة، وأنا أقول لك - إن شاء الله تعالى – العلاجات الآن أصبحت متاحة، ولا شك أنك تكون قد اطلعت على أهمية ما يعرف بالعلاج السلوكي، وذلك بجانب العلاج الدوائي. فأريدك أن تهتم اهتمامًا كبيرًا بالعلاجات السلوكية، وأهم شيء في العلاج السلوكي هو ما نسميه بالتغيير المعرفي، أي أن الإنسان يغير فكره حول الخوف الاجتماعي، وذلك من خلال تحقير فكرة الخوف نفسها، والاقتناع التام بأنك لست أقل من الآخرين، هذا مجرد قلق مكتسب.

الأمر الآخر – وهو ضروري جدًّا - : أن التجنب سوف يزيد من الانعزال والخجل والخوف الاجتماعي، أما التواصل والإصرار عليه حتى وإن سبب ذلك نوع من الضيق أو القلق في أول الأمر إلا أنه خط العلاج الرئيسي.

وحقيقة هامة جدًّا أود أن أؤكدها لك: أن مشاعرك بفقدان التوازن أو فقدان السيطرة أمام الناس، هذا شعور ليس شعورًا حقيقيًا، نعم أنت تحس به، لكن لن يحدث شيئًا أبدًا مما تتخيله وتتخوفه، بمعنى أن توازنك صحيح، أن مشيك صحيح، كل الذي يحدث هو هذه الخفة في الرأس التي نسبة للقلق وتعطي هذا الشعور، فأرجو أن تطمئن.

أما بالنسبة للأعراض الجسدية من تسارع في ضربات القلب والرجفة واحمرار الوجه والتعرق، فهذه ناتجة من زيادة نشاط الجهاز العصبي اللاإرادي، وهي مشاعر خاصة بك أنت، لست مكشوفة عند الآخرين، لا يوجد تعرق حقيقي، لا يوجد تلعثم في الكلام، ضربات القلب لا يستشعرها إلا أنت، الرجفة ليست واضحة، فأرجو أن تستوعب هذه النقطة جيدًا لأنها سوف تفيدك.

من أهم وسائل العلاج هو ما نسميه بالعرض الاجتماعي الجمعي، يعني أن تعرض نفسك في المناسبات الاجتماعية والأنشطة الحياتية اليومية، ومن أفضل سبل هذا النوع من التعريض والتعرض هو أن تمارس الرياضة مع مجموعة من الشباب، وأن تكون حريصًا على حضور الصلوات الخمس في المسجد، وأن تنخرط في أي نوع من العمل الاجتماعي أو الثقافي أو الخيري، وأن تحرص على زيارة أرحامك وجيرانك، وأن تكون ذو فعالية داخل المنزل، حتى مع أهل بيتك كن دائمًا من الذين يأخذون المبادرات الإيجابية ويطرحون الاقتراحات التي تفيد الأسرة (وهكذا).

بالنسبة للعلاج الدوائي: أقول لك أن الأدوية الحمد لله ممتازة وفعالة وهي تساعد كثيرًا. عقار زيروكسات من الأدوية الجيدة جدًّا، وكذلك عقار آخر يعرف باسم (زولفت) واسمه العلمي (سيرترالين).

أريدك أن تسأل عن الزيروكسات التجاري، يعني ليس من الضروري أن تشتري عقار زيروكسات نفسه بالاسم، هنالك مستحضرات تجارية.

لذا يمكن أن تسأل عن الدواء واسمه العلمي، وهو (باروكستين) وهذه المستحضرات التجارية من المفترض أن تكون أرخص بكثير من الزيروكسات الأصلي، وفعاليتها -الحمد لله- ممتازة جدًّا.

اسأل عن هذا الدواء، وإن وجدته أرجو أن تتناوله بجرعة نصف حبة يوميًا لمدة أسبوع، ثم اجعلها حبة كاملة يوميًا، استمر عليها لمدة شهر، ثم اجعلها حبتين يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفضها إلى حبة واحدة يوميًا لمدة أربعة أشهر، ثم حبة يوميًا لمدة شهر، ثم نصف حبة يومًا بعد يوم لمدة شهر آخر، هذا بالنسبة للباروكستين.

أما إذا كان سعره مكلفاً حتى المستحضر التجاري فهنا يوجد دواء قديم نسبيًا مفيد، الدواء اسمه (تفرانيل) واسمه العلمي (إمبرامين) وهو قليل التكلفة جدًّا، وجرعته هي خمسة وعشرون مليجرامًا يوميًا لمدة أسبوعين، ثم تجعلها خمسين مليجرامًا يوميًا، تتناول خمسة وعشرين مليجرامًا صباحًا ومثلها مساءً لمدة شهر آخر، ثم تجعلها خمسة وسبعين مليجرامًا، تتناول خمسة وعشرين مليجرامًا صباحًا وخمسين مليجرامًا مساء.

استمر على هذه الجرعة لمدة ثلاثة أشهر، ثم اجعلها خمسين مليجرامًا يوميًا لمدة ثلاثة أشهر أخرى، ثم خمسة وعشرين مليجرامًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم توقف عن تناول الدواء.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونشكرك على تواصلك مع إسلام ويب، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً