الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

بدأت أشعر أني أكره والدتي لعدم تفاهمي معها.. ما توجيهكم؟

السؤال

السلام عليكم.

أعاني من حالات أولها: عدم التفاهم مع والدتي، ودائما في مشاكل حتى بدأت أشعر أنها تكرهني.

ثانيا: أنا دائما أشعر أني أقل من الآخرين، ولا أعلم لماذا، أعتقد السبب هو قصر طولي 155 س م.

ثالثا: تأتيني حالات خوف من الموت، وخوف من أمراض خطيرة قد تقتلني.

رابعا: أنا شخص صدامي، أعشق الماضي، دائما أقرأ كتبا تاريخية، لا أرى أي شيء جميل في الحاضر لا من ناحية الأمة ولا من ناحية المجتمع.

خامسا: أنا لا أستطيع أن أحب أو تتحرك مشاعري لأي أحد.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبوفهد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

فبارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وأشكر لك تواصلك مع إسلام ويب، وأود أن أؤكد لك أنني قد درستُ وتدارستُ تمامًا مجموعة أعراضك، والتي حصرتها في خمس نقاط، وهي جيدة وأساسية، والذي استخلصتُ منها أنك تعاني من شيء مما يمكن أن نسميه بعدم تقدير الذات بصورة إيجابية، وهذا أدخلك في بعض المخاوف القلقية مع شيء من عسر المزاج، وهذا أيها الفاضل الكريم يعالج من خلال الآتي:

أولاً - لابد أن أكون واضحًا في هذا السياق -: علاقتك الوالديّة يجب أن تنظر إليها أنك أنت المكلف بأن تتفاهم مع والدتك، وأن تُرضيها، وأن تكون بارًّا لها، العلاقة مع الوالدين (حقيقة) هي إشارة مرور ذات اتجاه واحد، هذا لا يعني أني أريد أن أضغط عليك، وأقول لك أن والدتك حتى وإن عنّفتك يجب أن تسكت على ذلك، لا، لكن ازرع فكرا إيجابيا، وحاول أن تكون بارًا بوالديك، هذا فيه فتح عظيم عليك.

ويا أيها الفاضل الكريم: دائمًا المنطق الذي نطبقه مع الآخرين، ونتعامل معه من خلاله لا مجال لمثل هذا المنطق مع الوالدين، السمع والطاعة هو المبدأ الذي يريحك ويفتح عليك - إن شاء الله تعالى – آفاق كبيرة وعظيمة في الدنيا وتزال عنك هذه الهموم، ولك ثواب الآخرة، هذا نوع من تأكيد وتنمية الذات الذي يجهله الكثير من الناس، وهو ليس استكانة، وليس استسلامًا، وليس إضعافًا للذات أبدًا.

شعورك أنك أقل من الآخرين: هذا شعور يحتاج منك لإعادة التقييم، هو شعور سخيف، شعور سلبي، لماذا أنت تعتقد أنك أقل من الآخرين حتى وإن كان طولك مائة وخمسة وخمسين، لا تبديل لخلق الله، وأنت خُلقت في أحسن تقويم أيها الفاضل الكريم، والناس لا تُقاس بطولها وعرضها، أبدًا، الناس تقاس بخلقها وبكياستها وبإفادتها للمجتمع ولنفسها.

أيها الفاضل الكريم: لا تحقر نفسك أبدًا، فأنت كريم مكرَّم.

شعورك بالخوف هو جزء من القلق النفسي أنك شخص مصادم وتعشق الماضي، هذا كله جزء من نظرتك التشاؤمية نحو المستقبل، وأعتقد أن قضية أنك لا تعمل هي مشكلة كبيرة، ومشكلة كبيرة جدًّا، أرجو ألا تهون منها، لأن العمل يعطيك قيمة، ويعطيك شعورا بالذات، أنت الآن لا يمكن أن تؤكد ذاتك أو تنميها أو تشعر بقيمتها الحقيقة إذا لم تعمل، فيا أخِي الكريم: هذا أمر نحن نركز عليه ونحرص على التنبيه إليه، وقد سبقنا الناس في الغرب في هذا الموضوع، تجدهم ينكبون على العمل، يُجيدون أعمالهم، ينصرفون لها تمامًا، لذا تجد أن مستوى فعاليتهم أفضل منا، بالرغم من أننا الأمة الأفضل، والأمة الأكرم، وأُنزل علينا أعظم كتاب، وأُرسل إلينا أعظم نبي، لكن بكل أسف عدم تقديرنا لذواتنا ناتج من افتقارنا للفعالية وعدم الاستفادة من طاقاتنا، فأرجو أن تقوم بذلك.

وهنالك أشياء طيبة يمكن أن تلجأ إليها، أن تمارس رياضة جماعية، أن تنخرط في عمل تطوعي واجتماعي -هذا مهم جدًّا ومفيد جدًّا – أن تكثر من القراءة والاطلاع، فالعلم نور، ويجب ألا تترك أي مجال للفراغ.

أخيرًا أرى أنك أيضًا تحتاج لشيء يحسن من مزاجك ودافعيتك، وأعتقد أن عقار (فلوكستين) والذي يعرف تجاريًا باسم (بروزاك) سوف يكون عقارًا جيدًا في حالتك، وجرعتك بسيطة، وهي أن تتناوله بجرعة كبسولة واحدة في اليوم، تستمر عليها لمدة ثلاثة أشهر - يفضل تناولها بعد الأكل – وبعد انقضاء ثلاثة أشهر اجعلها كبسولة يومًا بعد يوم لمدة شهر، ثم توقف عن تناوله.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وأشكرك أيها الفاضل الكريم على ثقتك في إسلام ويب، وأرجو أن تأخذ بما ذكرته لك، وأسأل الله تعالى أن ينفعك به.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً